البث المباشر

العميد "نائيني" يروي تفاصيل الساعات الأولى من حرب الـ12 يوما

الإثنين 22 سبتمبر 2025 - 21:00 بتوقيت طهران
العميد "نائيني" يروي تفاصيل الساعات الأولى من حرب الـ12 يوما

قدّم العميد علي محمد نائيني، معاون العلاقات العامة والمتحدث باسم حرس الثورة الإسلامية، رواية عن استعداد القوات المسلحة خلال الساعات الأولى من "الدفاع المقدس 12 يوماً"، مشيراً إلى أن إطلاق الطائرات المسيّرة بدأ منذ اللحظات الأولى للهجوم.

وقال نائيني في برنامج تلفزيوني خاص بعنوان «منوّر» بمناسبة الذكرى الخامسة والأربعين للدفاع المقدس، إن المشهد الدولي آنذاك كان خاضعاً لهيمنة ثنائية قطبية، وكان النظام الملكي في إيران إلى جانب السعودية يشكلان ركيزتين أساسيتين لحماية المصالح الأمريكية في المنطقة.

وأضاف أن طارق عزيز، وزير الخارجية ونائب رئيس وزراء نظام صدام، صرّح بعد شهرين من اندلاع الحرب بأن قرار شن الحرب على إيران جاء عقب لقاء صدام بزعيم الأمن القومي الأمريكي زبيغنيو بريجنسكي، حيث وعده الأخير بأنه في حال نجحت بغداد في فصل خوزستان، فستكون العراق "شرطي المنطقة". وأكد نائيني أن الولايات المتحدة كانت "المصمم الرئيسي للحرب" بهدف إسقاط النظام الجديد في إيران، وتقسيم البلاد، والسيطرة على نهر أروند.

وتابع قائلاً إن الهدف الأساسي للأعداء من الحرب كان إضعاف إيران واحتواؤها، فيما كان الهدف الأقصى هو إسقاط الجمهورية الإسلامية. أما على الصعيد العسكري، فقد تمثّل الهدف في احتلال كامل خوزستان أو على الأقل السيطرة الكاملة على نهر أروند والمناطق الممتدة من السواحل العراقية حتى ميناء ديلم، وهو ما تثبته الوثائق بوضوح.

 

الفوارق والتشابهات بين حرب الثماني سنوات وحرب الـ12 يوماً

وقال العميد نائيني:

"إن الحرب التي شنها نظام صدام البعثي ضد إيران، وكذلك الحرب الأخيرة التي شنها الكيان الصهيوني، كانتا حربين بالوكالة، وهدفتا معاً إلى تفكيك البلاد وإسقاط النظام. ففي حرب الثماني سنوات كان العدو يسعى إلى فصل خوزستان تمهيداً لإسقاط النظام، أما في الحرب الأخيرة فتركّز هدفه على ضرب عناصر قوة الجمهورية الإسلامية. وكانت تقديرات العدو أن الهجوم الجوي المكثّف سيؤدي إلى اضطرابات داخلية، يليها دخول الجماعات المعادية عبر الحدود، لينتهي الأمر إلى التقسيم وإسقاط النظام".

وأضاف نائيني أن الحربين كان لهما أهداف متشابهة لكن طبيعتهما مختلفة؛ فالحرب المفروضة (1980-1988) كانت ميدانية وبشرية الطابع، حيث حاول العدو فرض إرادته عبر احتلال الأرض، بينما الحرب الأخيرة كانت حرباً مركبة تعتمد على التكنولوجيا والصواريخ والطيران. وفي كلا الحربين، افترض الأعداء أن إيران في وضع ضعف، لكن حساباتهم كانت خاطئة.

وأكد المتحدث باسم حرس الثورة أن قوة الردع الإيرانية وردّ القوات المسلحة والتلاحم الوطني غيّرت جميع حسابات الأعداء، فأُسقطت فرضية "إيران الضعيفة" التي صُنعت في إطار الحرب النفسية والمعرفية.

وأوضح أن ما برز من قدرات في الحرب الأخيرة هو ثمرة مباشرة للدروس والتجارب المستخلصة من حرب الثماني سنوات، مضيفاً: "قدرتنا في حرب الـ12 يوماً بُنيت على إنجازات الدفاع المقدس."

وتابع:

"عندما بدأت الحرب المفروضة، لم يكن لدى قوات الثورة معرفة بالحرب أو بالسلاح أو بالهجوم والدفاع أو بالمفاهيم والأدوات العسكرية، لكن أهم درس تعلمناه من تلك المرحلة هو ضرورة التوجّه نحو بناء القوة، لأن تهديد الجمهورية الإسلامية من قبل الأعداء دائم ولا يمكن تجنبه، والوسيلة الوحيدة لردعهم أو جعلهم يندمون على أي عدوان هي القوة."

وأشار نائيني إلى أن إيران واصلت بعد ذلك تعزيز جاهزيتها القتالية بشكل متواصل، قائلاً:

"بتوجيهات القيادة تم ضبط الاستعدادات العسكرية وفحصها باستمرار، ووضعت العقيدة الدفاعية موضع التطبيق، وأُقرت خطط المواجهة قبل أي حرب. كما جرى تأسيس هيئة الأركان العامة، المجلس الأعلى للأمن القومي، مقر خاتم الأنبياء (ص)، فيلق القدس، وقوات التعبئة بعد انتهاء حرب الثماني سنوات."

وأضاف أن هذه التجربة أدت إلى إصلاح البنى العسكرية وتحديد خطوط الفصل بين مهام الجيش والحرس في البر والبحر والجو، فضلاً عن تطوير القدرات الصاروخية والمسيّرات والزوارق الهجومية، وتدريب الكوادر البشرية اللازمة، وهذه كلها من مكاسب الدفاع المقدس.

وأكد المتحدث باسم حرس الثورة أن القوة والقدرة العسكرية هي الضامن الأساسي لردع العدو عن شن حرب جديدة، مشيراً إلى أن التكنولوجيا والتجهيزات والانسجام الوطني عناصر أساسية للنجاح في أي مواجهة صعبة.

وتابع قائلاً:

"خلال الحرب المفروضة أدركنا أهمية القدرة الصاروخية. آنذاك لم يكن لدينا سوى موقع صاروخي واحد، فيما أطلق النظام البعثي 330 صاروخاً على مدننا، غير الهجمات الجوية والمدفعية، بينما أطلقنا نحن طوال ثماني سنوات 88 صاروخاً فقط."

وأضاف:

"لو امتلكنا حينها قدراتنا الحالية التي تتيح إطلاق 20 صاروخاً يومياً، لما استمرت الحرب ثماني سنوات. في تلك الحرب احتجنا عاماً كاملاً لاستعادة قوتنا وبناء الثقة بالنفس في الميدان، أما في الحرب الأخيرة، فبعد ساعات فقط من الهجوم الواسع والعنيف للكيان الصهيوني، بادرنا إلى إطلاق مسيّرات على نطاق واسع، وبعد ساعات قليلة بدأنا عملية (الوعد الصادق 3)."

 

في حرب الثماني سنوات وحرب الـ12 يوماً، أجهضنا مخططات العدو

وقال المتحدث باسم حرس الثورة، إن إيران أنشأت هياكل ومنتجات عسكرية متقدمة، وتمكنت في كل من الحرب المفروضة لمدة ثماني سنوات والحرب الأخيرة التي استمرت 12 يوماً، من إحباط أهداف العدو.

وأوضح نائيني أن العدو خلال الحرب الـ12 يوماً كان يظن أن الهجوم المفاجئ على المواقع الإيرانية سيتيح لإيران خمسة إلى سبعة أيام لإعادة ترتيب قوتها، لكن الواقع كان مختلفاً، حيث تم تسريع جاهزية الصواريخ وبدأت عملية "الوعد الصادق 3" بإطلاق كثيف للصواريخ.

وأشار إلى أن الكوادر المتخصصة والمدربة تُعد من أهم مقوّمات قوة إيران، مؤكداً: "لو لم تكن لدينا قدرة العمليات على جميع المستويات لما استطعنا الرد على هجوم العدو. جميع قادتنا كان لديهم خطط ومبادرة، ولم يفكروا في نهاية الحرب حتى بعد انتهائها."

كما تطرّق نائيني إلى عمليات "الوعد الصادق 1 و2"، موضحاً أنها نفذت رداً على اعتداءات العدو، وحققت نجاحاً كبيراً، مشيراً إلى أن الشهيدين سلامي وحاجي زاده كان لهما دور فعال وحاسم في هذه العمليات، وساهما بشكل مستمر في رفع مستوى الجاهزية الصاروخية للقوات الإيرانية.

 

الصفات الأخلاقية للواء الشهيد سلامي

وأشار العميد نائيني إلى الصفات الشخصية والقيادية لشهداء حرب الـ12 يوماً، لا سيما اللواء الشهيد سلامي، قائلاً إن الشهيد سلامي كان نظرياً عسكرياً متمكناً، ويمتلك فهماً واسعاً للشؤون العسكرية والاستراتيجية، كما كان متمكناً من أحدث المعارف العسكرية العالمية ويتقن اللغة الإنجليزية بشكل كامل. وكان الشهيد سلامي يُعدّ محتوى مناسباً للاجتماعات المتخصصة بعد دراسة الموضوعات بدقة.

وأوضح نائيني أن حوالي ألفي خطاب أعدها الشهيد سلامي في مواضيع متنوعة، وعند إلقائه أي خطاب كان الحضور يشعر بأن لديه خبرة متعمقة في المجال، مضيفاً أن الشهيد كان شخصاً ملتزماً وقلقاً على جميع الأصعدة، وقد قام خلال حياته بمبادرات كبيرة في مجال خدمة الشعب، والقضاء على الفقر، والتنمية، كما أشار إلى أن الشهيد ذكر أن قدرتنا الصاروخية في عمليتي "الوعد الصادق 1 و2" قد ازدادت بنسبة نحو 40٪، وهو إنجاز سيظهر في أي مواجهة مستقبلية محتملة مع الأعداء.

وتحدث نائيني عن عملية "الوعد الصادق 2"، مبيناً أن التخطيط كان جيداً للغاية، لكن كان هناك قلق حول عبور الصواريخ عبر الدفاعات المتعددة للعدو ودقة الإصابة. وأضاف: "نحو نصف ساعة قبل بدء العملية، رأينا الشهيد سلامي متوتراً للغاية، وكان انفعاله أثناء متابعة إطلاق الصواريخ واصطدامها بالأهداف في الأراضي المحتلة، رد فعل طبيعي على القلق الذي سبقه، لكنه بعد رؤية النتائج كان شاكراً لله، وكانت صيحات 'ما شاء الله' تعبيراً عن إعجابه بالنجاح ونصرة الله."

وأشار نائيني إلى أن بعض الانتقادات وجهت لنشر صور غرفة القيادة، مؤكداً أن هذه تعكس طبيعة الحرس الثوري وشعور الشهيد كقائد شعبي، يظهر مشاعره بعد نجاح مجهودات مقاتلي الإسلام.

وأضاف إن الحرب الـ12 يوماً أظهرت أنه رغم مؤامرات العدو، لم يكن هناك نقص في إيران، بل كان هناك ثبات سياسي واقتصادي وانسجام وطني، وكانت المتاجر مليئة بالسلع الأساسية، ولم يهرب أحد من البلاد، في حين أصدر الكيان الصهيوني أوامر بإخلاء المدنيين، وهو ما يعكس الفرق الكبير بين الجانبين وفشل حسابات العدو.

 

اعتقاد غالبية سكان العالم بنصر إيران في حرب الـ12 يوماً

وأكد المتحدث باسم حرس الثورة، أن جاهزية القوات المسلحة خلال حرب الـ12 يوماً كانت استثنائية، موضحاً: "فور بدء هجوم العدو، أي من الساعة الثالثة إلى الثالثة والنصف صباحاً، استهدف العدو قادةنا الرئيسيين، وعلماءنا النوويين، وبعض مراكزنا، وفي الساعة الرابعة صباحاً بدأت طائراتنا المسيرة بالتحرك. كان بإمكاننا تنفيذ الهجوم الصاروخي فوراً، لكن لأسباب محددة تم التأجيل بضع ساعات؛ أي أن جاهزيتنا كانت فائقة."

وأشار نائيني إلى ضرورة مواجهة الحرب المركبة للعدو، وقال: "الحرب اليوم هي حرب السرديات، وكما يقول قائد الثورة الإسلامية، إذا لم نسرد نحن الرواية، فإن العدو سيسردها بدلاً عنا. ووفقاً للاستطلاعات، 60٪ من سكان العالم يعتقدون بأن إيران هي المنتصرة في الحرب، كما أن الاستطلاعات داخل الأراضي المحتلة تشير إلى أن السكان هناك لا يعتقدون بنصر الصهاينة."

كما لفت المتحدث إلى أهمية السرد في إبراز إنجازات الدفاع المقدس، مؤكداً أن المتحف الوطني للثورة الإسلامية والدفاع المقدس يلعب دوراً في تثبيت هذه الروايات وتعزيزها، ويجب نقل قصة نصر إيران في الجامعات والمدارس ضمن برامج مخططة.

وأشار نائيني إلى تفاصيل عن الدفاع المقدس الـ12 يوماً، واصفاً هذه الحرب بأنها ميدان بطولة مقاتلي إيران في جبهات الحق ضد الباطل. وذكر حضور المقاتلين المتخصصين في الحرس الثوري عند منصات الإطلاق والأنظمة الهجومية والقتالية والإلكترونية، قائلاً:

"أحد مشغلي منصات الصواريخ، رغم تعرضه لهجوم العدو وحروق جسده، تحرك سريعاً نحو منصات أخرى واستمر في إطلاق الصواريخ بدقة نحو الأراضي المحتلة، حيث أصابت أهدافها بدقة متناهية."

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة