وفي رسالة تعزية، قال رئيس المعهد مجيد شاه حسيني إن فرشجيان كان أحد أبرز أعلام الفن الإيراني، إذ ارتقى بريشته المبدعة وفكره المتصوّف بالرسم الإيراني إلى آفاق جديدة، متجاوزاً حدود التقاليد ومتطلعاً إلى العالمية، لتبقى أعماله أيقونات خالدة في تاريخ الفن الإيراني الإسلامي.
وأشار شاه حسيني إلى أن لوحات مثل "عصر عاشوراء" و\*"ضامن الغزال"\* تمثّل قمّة الجماليات الإيرانية وتجسّد روح الإيمان والمحبة والإنسانية، مؤكداً أن الفنان الراحل كان يخاطب الطبيعة بالألوان والخطوط، وترك إرثاً لا يُضاهى في مسيرة الفن الإسلامي. وتقدم المعهد بخالص العزاء لأسرة الراحل وتلامذته ومحبيه، سائلين المولى أن يتغمده برحمته الواسعة.

مسيرته الفنية
وُلد محمود فرشجيان عام 1929 في أصفهان، وسط أسرة تقدّر الفن. أرسله والده في طفولته إلى ورشة الرسام "ميرزا آقا إمامي"، ثم التحق بمعهد أصفهان للفنون الجميلة وتتلمذ على يد الأستاذ "عيسى بهادري". لاحقاً سافر إلى أوروبا لدراسة أعمال كبار الفنانين الغربيين، ليعود بأسلوب فني يمزج بين روح الفن الإيراني التقليدي والمعايير العالمية.
في بداياته، تأثر فرشجيان بالفنان الإسباني بيكاسو والفن المعاصر، لكنه ابتكر لاحقاً أسلوبه الخاص في فن **المنمنمات** (المينياتور)، مانحاً هذا الفن بعداً عصرياً مع الحفاظ على أصالته الإسلامية والإيرانية، حتى أصبحت مدرسته الفنية مرجعاً عالمياً.
عند عودته إلى إيران، عمل في دار الفنون الجميلة العامة بطهران، وشغل منصب مدير الدائرة الوطنية وأستاذ في كلية الفنون الجميلة بجامعة طهران.

خصوصية أعماله
تميّزت منمنمات فرشجيان بحركات دائرية نابضة بالحياة، حيث تدور الشخصيات والأغصان والكائنات الأسطورية في فلك متناسق، مانحة أعماله حيوية خاصة، كما وصفها البروفيسور "إلينور اسميز". وقد انعكست هذه الروح الفنية حتى على فن القاشاني وحياكة السجاد الإيراني.
كان فرشجيان يرى أن الرسم الإيراني وليد الخيال والروح الداخلية للفنان، على عكس مدارس أخرى تسعى لتصوير الطبيعة بدقة بصرية. لهذا، حملت أعماله بعداً وجدانيّاً وروحياً، يتجلّى في تصوير المشاعر الإنسانية السامية وأصوات الطبيعة وترانيم الطيور.

إرثه الفني
أُصدرت أعمال فرشجيان في مجلدات قيّمة، وطُبعت لوحاته على أغلفة الكتب وبطاقات الإهداء، كما أدرجت منظمة اليونسكو ثلاثة من مجلداته ضمن قائمة "الأعمال المختارة". وبذلك يرحل فرشجيان تاركاً إرثاً فنياً يواصل إلهام الأجيال في إيران والعالم.