المسيرة، إنها روبوت طائر أصبحت منذ عدة سنوات تستخدم في مختلف المجالات في العالم منها فحص خطوط نقل الكهرباء، ورشُّ المزارع بالمبيدات الحشرية وحتى التصوير الجوي، ورسم الخرائط وإدارة الطرق والأنهار.
لقد أصبح جزء من صناعة البلاد يعتمد بشكل كبير على هذه الطائرات المسيرة المستخدمة للأغراض المدنية، بحيث وصل عدد الطائرات متعددة المروحيات المستوردة إلى البلاد إلى عشرات الآلاف.
بعد تشديد العقوبات عام 2011، أضيفت هذه الحاجة كغيرها من الاحتياجات إلى قائمة العقوبات، وكان الشيء الوحيد الذي يمكن فعله هو تجاوز العقبات واجه استيراد الطائرات المسيرة بعض العراقيل، فاضطررنا إلى استيراد أجزائها بدلاً من الطائرة نفسها وتجميعها داخل البلاد.
على سبيل المثال، ذات مرة فقدنا عددا كبيرا من أجهزة التحكم في السرعة، وهي قطعة أصبحت من القطع النادرة جدا سواء القطعة الأصلية أوحتى المشابهة لها، فكان علينا شرائها عبر وسيط من إحدى الدول العربية ، هذا الأمر أدى إلى تأخير في إنجاز بعض المشاريع
لم يكن من الممكن الاستمرار على هذا المنوال... كان الحصار يشتد يوما بعد آخر، ولم يعد الاستيراد ممكنا.
قررنا أن ننتج الروبوتات الطائرة بأنفسنا... دخلنا هذا المجال ونحن في بداية الشباب، كنا عددا من طلاب الفصل الدراسي الأول للميكانيكا ولم نتعلم سوى أمور بسيطة.. بدأنا بالبحث العلمي معا فقررنا أن نصنع طائرة بدون طيار بأنفسنا من ألفها إلى يائها.
بمجهود كبير تمكنا من صنع جهاز التحكم بالسرعة ولوحات التحكم بالطيران، وبعد فترة وبجهد على مدار الساعة صممنا محرك براشلس، وهذا يعني صنع الطائرة المسيرة .. قمنا بتوصيل جميع الأجزاء معا للاختبار... لم نتمكن من تصديق ما كنا نراه... لكن المحرك لا يعمل.. كان تقدير الجميع أن الجهد الكهربائي الذي أعطيناه للوحة لم يكن قويا بما يكفي لتشغيل المحرك، ولهذا السبب قمنا بزيادة الجهد إلى 12 وهذا ما تسبب في احتراق اللوحة... و كان الأمر بمثابة إحباط شلنا عن الحركة.
تم إغلاق المشروع، لأننا لم يكن لدينا المال الكافي لتوفير جهاز تحكم لاسلكي آخر...
حتى عائلتي قالت إن المسيَرات لا تطعمك ولا تسقيك، إذهب وابحث عن وظيفة أخرى... لكني كنت قد اخترت هذا المسار وما كنت أرغب للعودة... ذهبنا للبحث عن الخلل في عملنا... أدركنا أن لوحة الإرسال والاستقبال لم يتم اتصالهما مع بعض على الإطلاق وأننا قد سلكنا الطريق الخطأ وبسبب ذلك تحملنا الكثير من الأضرار، لأن عملنا كان يعتمد على تجربة النظريات حتى الوصول إلى النجاح.. بدأنا الطريق من جديد وأمضينا أياما وليالي للوصول إلى الهدف..
وأخيرًا، وبعد الكثير من الجهود والنذور والأدعية ، تمكنا من صنع طائرة بدون طيار بقدرات مختلفة. مزودة بنظام رادار معزز، تتمتع كاميرتها بتقريب بصري لـ 30 مرة...
بعد جهود مضنية طالت لعامين متتاليين تمكنا من توطين معرفة صناعة المسيَرات في أضيق نطاق من المعرفة المتاحة، الطائرات التي فاجأت الشركات الأجنبية بعد عرضها في مختلف المعارض بحيث وجهت طلبات كثيرة لمجموعتنا للتعاون لإنتاج هذه الطائرات في بلادهم.
لم نكن متقدمين في السن، لكننا أدركنا أن أكبر ما ساعدنا في هذا الطريق هو الصبر والمثابرة.