البث المباشر

إيران تحذر أوروبا من عواقب استخدام آلية الزناد

الأحد 11 مايو 2025 - 20:00 بتوقيت طهران
إيران تحذر أوروبا من عواقب استخدام آلية الزناد

حذر وزير الخارجية الايراني، عباس عراقجي، الدول الاوربية، من عواقب استخدام ألية "الزناد" مؤكدا انها لن تؤدي فقط إلى نهاية دور أوروبا، بل ستقود لتصعيد للتوتر قد يصبح غير قابل للتراجع.

أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في مقال نشرته مجلة لوبوان الفرنسية، على أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية مستعدة لفتح فصل جديد في علاقاتها مع أوروبا، رغم التوترات القائمة، مشيرًا إلى أن تاريخ العلاقات بين الجانبين يمثل رصيدًا غنيًا يمكن البناء عليه.

وجاء في المقال:

«الدولتان الأوروبيتان، بريطانيا وفرنسا، اللتان رسمتا قبل قرن من الزمان الحدود الجغرافية الجديدة لغرب آسيا، وجدتَا نفسيهما اليوم خارج دائرة التأثير في التحولات الدبلوماسية بالمنطقة، إذ اقتصر دور الدبلوماسيين الأوروبيين في أهم الحوارات الإقليمية الجارية – بما في ذلك المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة – على مراقبين سلبيين. والواقع أن هذا التهميش هو نتيجة لسياسة أوروبية اختارت طريق الانفعال، ما ألحق الضرر بها وبالآخرين على حد سواء».

وأضاف عراقجي: «حينما انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي عام 2018، كان ينبغي على أوروبا أن تتخذ موقفًا حاسمًا. حينها، صرّح وزير المالية الفرنسي آنذاك، برونو لومير، أن أوروبا لن تكون "تابعة" لواشنطن. غير أن الواقع أثبت عكس ذلك؛ إذ لم تفِ الدول الأوروبية الثلاث – بريطانيا، فرنسا، وألمانيا – بتعهداتها، ولم تُنفَّذ الفوائد الاقتصادية الموعودة لإيران بموجب الاتفاق، نتيجة امتثال الشركات الأوروبية للعقوبات الأميركية بدلًا من التزامات حكوماتها».

وتابع: «نتائج هذا التردد الاستراتيجي وصلت الآن إلى عقر دار الأوروبيين؛ حيث لجأت واشنطن في مساعيها لوقف الحرب في أوكرانيا إلى التفاوض مباشرة مع موسكو، متجاهلة العواصم الأوروبية. هذا النمط من التردد تجلى أيضًا في تعامل الأوروبيين مع آلية "الزناد" في الاتفاق النووي، التي صُممت لتكون أداة حل أخير للخلافات، لكنها استُخدمت من قبل الأوروبيين كورقة ضغط سياسي، ما ينذر بأزمة انتشار نووي عالمية تمس أوروبا بشكل مباشر».

وأكد عراقجي أن إيران أوضحت موقفها حيال أي محاولة أوروبية لاستخدام هذه الآلية، محذرًا من أن «سوء استخدامها لن يؤدي فقط إلى إنهاء دور أوروبا في الاتفاق، بل قد يؤدي أيضًا إلى تصعيد لا يمكن احتواؤه».

وسلط الضوء على ما وصفه بـ«تحول سلبي» في دور أوروبا قائلاً: «في السابق، لعبت الدول الأوروبية دور الوسيط الرئيسي بين طهران وواشنطن، لكن مع تراجع الإرادة السياسية في واشنطن، انسحبت أوروبا تدريجيًا من مسار التفاوض، واتبعت خطابًا تصادميًا، مستخدمة ذريعة حقوق الإنسان والعلاقات الإيرانية الروسية، بدلًا من مواصلة السعي لإحياء الاتفاق».

وأشار إلى أن هذا التوجه لم يضر بالعلاقات الرسمية فحسب، بل ترك آثاره على التعاون الإنساني، مستشهدًا بقرار الاتحاد الأوروبي منع الطيران الإيراني العام الماضي، بزعم نقل أسلحة إلى روسيا، وهو ادعاء نفته أوكرانيا لاحقًا. «هذا الحظر أثّر بشكل مباشر على قدرة إيران في الحصول على أدوية حيوية، خاصة لعلاج السرطان»، قال عراقجي.

وأضاف: «لقد اختلف سلوك أوروبا عما كان عليه سابقًا؛ ففي عام 2003 سارعت فرنسا إلى إنشاء مستشفى ميداني بعد زلزال بم المدمر، بينما بعد حادثة حريق في ميناء الشهيد رجائي هذا الشهر، لم تبادر أي دولة أوروبية بالمساعدة، في حين كانت روسيا الدولة الوحيدة التي أرسلت مساعدات فورية. بل حتى بيان التعزية من الاتحاد الأوروبي وصل متأخرًا بعد أسبوع من انتهاء الأزمة!».

وفي ظل أزمتَي غزّة وأوكرانيا، لفت عراقجي إلى أن «الازدواجية الغربية في التعامل مع هاتين المأساَتين أصبحت واضحة للعيان، والشعب الإيراني يلاحظ هذا التناقض ويتساءل عن سببه».

رغم ذلك، أكّد عراقجي أن تاريخ العلاقات الإيرانية الأوروبية غنيّ بالتجارب الإيجابية، مشيرًا إلى نتائج مثمرة في مجالات الثقافة، الاقتصاد، الطاقة، التكنولوجيا، وصناعة السيارات، بالإضافة إلى تعاون دبلوماسي في قضايا مثل أفغانستان وشرق المتوسط.

وتابع: «استنادًا إلى هذا التاريخ، دعوتُ في عدة مناسبات إلى استئناف حوار جاد مع أوروبا. وقد عرضتُ في الجمعية العامة للأمم المتحدة الخريف الماضي في نيويورك التعاون في كافة القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك الملف النووي وأزمة أوكرانيا. للأسف، قوبلت هذه المبادرات بصمت أوروبي، ولكنني ما زلت مؤمنًا بالدبلوماسية».

واختتم عراقجي مقاله بالإشارة إلى استعداده لزيارة باريس وبرلين ولندن لبدء فصل جديد من العلاقات، مشيرًا إلى أن ذلك أدى إلى انطلاق محادثات تمهيدية على مستوى نواب وزراء الخارجية. «هذه المحادثات لا تزال هشة، لكنها تبعث على الأمل»، قال، مضيفًا: «الوقت ينفد، وردّ فعلنا في هذه اللحظة الحساسة سيرسم مستقبل العلاقات الإيرانية الأوروبية، وربما يتجاوز ما يتوقعه الكثيرون. إيران مستعدة للانخراط في فصل جديد من العلاقات، ونأمل أن يكون شركاؤنا الأوروبيون مستعدين أيضًا».

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة