فقد اكتسب الفن والأشكال الفنية المتنوعة أهمية إضافية في عصر نشهد فيه مواجهة شاملة بين الفكر المادي والتفكير الإلهي والتوحيدي، ولعب دورا هاما في جهاد التبيين ومواجهة الأعداء. ومن هنا تبرز مهمة الفن الثوري في مرحلة ما بعد الثورة الإسلامية، ومن ثم يلعب الفنانون الدينيون والثوريون دوراً أساسياً في هذا المجال.
وسنلقي في المقال التالي، بمناسبة ذكرى استشهاد سيد شهداء أصحاب القلم، الشهيد السيد "مرتضى آويني"، الذي سمي في تقويم الجمهورية الإسلامية الإيرانية بيوم الفن للثورة الإسلامية، نظرة على خصائص الفن الثوري ورسالته وواجبات الفنانين في هذا المجال من وجهة نظر قائد الثورة الإسلامية سماحة السيد علي خامنئي-حفظه الله-وسوف نذكر أربع خصائص أساسية للفن والفنانين الثوريين.
أ) تبيين الجماليات
التبين؛ إنها واحدة من الكلمات المفتاحية الحيوية والمتداولة بكثرة والتي أكد عليها قائد الثورة الإسلامية خلال السنوات الماضية مراراً وتكراراً ووفقاً للظروف المختلفة.
إن ضرورة وأهمية التبيين عظيمة إلى درجة أنهم يعتبرون القيام به نوعاً من الجهاد، وفي هذا السياق يستخدمون مصطلح "جهاد التبيين". وفيما يتعلق بالفن، يعتقد الإمام الخامنئي (مد ظله العالي) أن الفن يجب أن يكون قادراً على فهم الجماليات. لذلك فإن الفن الثوري هو فن تبييني، ويوضح الفنان الثوري الجماليات من خلال فنه. ويستند هذا التفسير إلى المبادئ الجمالية نفسها التي يستند إليها الفن.
وبطبيعة الحال، فإن الغرض من تبيين الجمال هنا ليس بالضرورة إدراك وتصوير مساحة مليئة بالزهور والبلابل، ولكن من وجهة نظر قائد الثورة الإسلامية، فإن تصوير الصبر في مواجهة المعاناة والصعوبات يمكن أن يكون جميلاً ومذهلاً أيضاً.
ب) نشر المعارف الإلهية
إن نشر المعارف الإلهية يعد مهمة أساسية أخرى ينبغي اعتبارها جزءاً من مهمة الفن الديني والفنانين. وبطبيعة الحال، في هذا السياق، لا ينبغي لنا أن نكون مبسطين ونفترض أن الفن الديني هو الفن الذي يصور بالضرورة قصة دينية أو يتحدث عن فئة دينية محددة.
ومن وجهة نظر سماحة آية الله العظمى السيد علي خامنئي (مد ظله العالي)، فإن الفن الديني هو الفن الذي يستطيع أن يخلد ويديم في أذهان الناس المعرفة التي سعت جميع الأديان، وعلى رأسها الدين الإسلامي الحنيف، إلى نشرها بين البشر، والنفوس الطاهرة التي ضحت في سبيل نشر هذه الحقائق والمعرفة.
هناك نقطة دقيقة أخرى يجب مراعاتها هنا وهي أنه من وجهة نظر قائد الثورة الإسلامية فإن الفن الديني يمكن أن يتحدث عن قيم مثل الإنصاف، العدالة، التسامح وما إلى ذلك، حتى لو لم يذكر أي اسم ديني أو آية من القرآن الكريم أو حديث من أهل البيت (ع).
ج) التوجيه الدقيق والصحيح
إن من المتطلبات الأساسية للفن والفنان الثوري هو التوجه الصحيح والدقيق المبني على الفكر الإلهي والتوحيدي والإسلامي الخالص. وكم من الفنون المتنوعة تُبدع وتُقدم في كل بقاع العالم، لكنها تفتقر إلى البوصلة والاتجاه الصحيح والمناسب، وهي نتاج أفكار شريرة وشيطانية.
ومن وجهة نظر قائد الثورة الإسلامية فإن استخدام الفن، مثل سائر الأدوات التي تحمل نوعاً من الفكر، يجب أن يكون له اتجاه دقيق، واضح وصحيح تماماً، ولا يجوز أن يكون عرضة للأخطاء في الاتجاه. وكم من الجهود والنضالات الفنية لم تثمر بسبب عدم التوجيه والإرشاد الدقيق والصحيح من المبدعين، ونتيجة لذلك أبعدت الأفراد عن هدفهم وغايتهم.
د) الالتزام بالشكل والمضمون
إن الشكل والمضمون، كما يقول المثل الشهير، هما مثل الحاوية ومحتوياتها. ويجب أن يكونا متناسبين تماما مع بعضهما البعض. كما أن التزام الفنان الثوري بالشكل والمضمون هو جانب آخر جدير بالملاحظة في منظور قائد الثورة الإسلامية.
ومن وجهة نظر الإمام الخامنئي فإن الفنان لديه مسؤولية مهمة في الارتقاء بالشكل أو الصيغة الفنية، والتي يجب عليه أن يقوم بها، ولا يمكن تحقيق هذه المسؤولية إلا من خلال الجهد، المثابرة، الشغف والحب.
كما يدعو الإمام الخامنئي (مد ظله العالي) الفنانين الثوريين إلى الالتزام بالمضمون؛ وخاصة أن القلب، العقل والفكر الإنساني عزيز ومحترم، ولذلك لا يمكن اعتبار الجمهور مجرد متلقين وأن نقدم لهم أي شيء.