نحن الان مع مقطع جديد من الزيارة الجامعة، ونعني بها (الجامعة الكبيرة) الخاصة بزيارة الائمة عليهم السلام وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منها، ونحدثك الآن عن مقاطعها الجديدة، وهو الخطاب الاتي للائمة عليهم السلام (كلاكم نور، وامركم رشد، ووصيتكم التقوى، وفعلكم الخير...).
هنا نلحظ بان الزيارة تصوغ عبارات متتابعة تتحدث عن السمات الشخصية للائمة عليهم اللسلام، والعبارة الاولى هي: (كلامكم نور).
ان (النور) مفردة يستخدمها القرآن الكريم مثل «الله نور السموات والارض» ومثل (نجر بهم من الظلمات الى النور)...، والنور هو رمز لكل ايجابي من الظواهر،... والملاحظ ان الزيارة قد استخدمت هذا الرمز لكلامهم عليهم السلام، بينما استخدمه القران الكريم مثلاً رمزاً لعظمة الله تعالى وعطائه، كما استخدمه رمزاً للسلوك الايجابي كالايمان والطاعة ونحو ذلك.
من هنا عندما تستخدم الزيارة عبارة (النور) فلا بد وان تحمل دلالة اخرى تتوافق مع دلالة (الكلام)، ونحسبك تعي جيدا ان (الكلام) اذا كان عبارات ارشادية الى الخير، حينئذ ِ فان الرمز (النزر) يجسد عبارة ارشادية الى الخير كما هو واضح.
ونكرر ان (النور) هنا رمز لامناص من استخلاصنا منه بان الائمة عليهم السلام هم المصدر الفكري الذي ينبغي على المسلمين ان يتوفروا عليه، بان المصدر الذي لا يرفده كتاب الله وعترته، اي: التمسك بالثقلين: كتاب الله وعترته كما اوصى الرسول(ص) بذلك، ومن المعنى هنا ان نتعرف على الآثار المباركة لقراءة أحاديث المعصومين عليهم السلام ووصاياهم هذا ما يحدثنا عنه في البرنامج في الاتصال الهاتفي الذي اجراه وميلنا نستمع معاً:
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم احبائنا معنا مشكوراً على خط الهاتف خبير البرنامج سماحة الشيخ باقر الصادقي، سماحة الشيخ ما هي آثار الاهتمام والمواظبة على تلاوة الاحاديث الشريفة وقراءتها؟
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم، بلا شك ان هناك بعض النصوص التي وردت عن ائمة اهل البيت عليهم السلام التي تحثنا على قراءة وتداول احاديث اهل البيت عليهم السلام ومن جملة هذه النصوص التي وردت في هذا الباب ان القلوب لتصدأ قيل وما جلائها في بعض النصوص قراءة القرآن وفي بعض النصوص الاستغفار، هناك نص في هذا المعنى بالخصوص قال الحديث يعني حديث اهل البيت عليهم السلام، تداول حديث اهل البيت بين المؤمنين بلا شك لها اثر على جلاء القلوب، هناك نص عن الامام الصادق عليه السلام يأمر المحبين حين يتزاورون في بيوتهم قال: حينما تتزاورون وعند الحديث اذكروا احاديثنا وخذوا بها، يقول الامام وانا بنجاتكم زعيم فان ذكر احاديثنا تعطف قلوب البعض على البعض الآخر، فان هناك مجموعة من الآثار وبركات لذكر احاديث اهل البيت عليهم السلام هذا من جانب، الجانب الاخر هو بمثابة احياء امر اهل البيت عليهم السلام وهناك نصوص كثيرة امرتنا لاحياء امر اهل البيت عليهم السلام وهذه من مصاديق الاحياء، اتجلسون وتتحدثون الامام الصادق يقول للفضيل بن يسار قلت بلا، قال: اني احب تلك المجالس احيوا امرنا رحم الله من احيا امرنا أهل البيت، وسئل الامام الرضا عن كيفية هذا الاحياء قال: يتعلم علومنا ثم يعلمها الناس فان الناس اذا عرفوا محاسن كلامنا احبونا واتبعونا، فلذلك هذه الاحاديث لها الاثر الكبير على احياء وحياة قلوب المحبين والموالين خصوصاً اذا عملوا بهذه الروايات، وهناك طائفة من الروايات التي تأمرنا بمجالس الذكر ومن جملة مصاديق مجالس الذكر هو تداول احاديث اهل البيت عليهم السلام، لان ذكر اهل البيت كما يقول الامام الصادق هو من ذكر الله عز وجل، يقول الامام الصادق انا نحن اذا ذكرنا ذكر الله عز وجل واذا ذكر عدونا ذكر الشيطان، فلذلك هذه جملة الامور التي نستوحيها ونستفيد من تداول احاديث اهل البيت عليهم السلام، زادنا الله واياكم وجميع المستمعين معرفة واحياءاً لاحاديث محمد وآل محمد ومن من يأخذ بها وممن يتحدث بها انه سميع الدعاء قريب مجيب.
المحاور: اللهم آمين، شكراً جزيلاً سماحة الشيخ باقر الصادقي، وشكراً لاحباءنا المستمعين ما تبقى من برنامج امناء الرحمان.
*******
نتابع الاستضاءة بمقطع هذه الحلقة من الزيارة الجامعة وننتقل الى العبارة الثانية وهي: (امركم رشداً).
هنا نلفت انتباهك على ان (الرشد) هو: احد مصاديق (النور)، لذلك وردت عبارة (النور) اولاً ليشكل اصلا تتفرع منه الروافد الاخرى ومنها (الرشد) فماذا نستخلص منه؟
ان الرشد هو كل ممارسة تتسم بالصواب وبالنضج، اي: ليس بما هو صحيح من السلوك فحسب، بل بما هو ناضج رصين فخم... ان (الرشد) صفة قد استخدمها القرآن الكريم في شخصية ابراهيم(ع)، حيث قال تعالى «وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ» ويمكنك ان تلاحظ بان القران الكريم عندما وسم ابراهيم بالرشد ساق الينا اقصوصته الملفتة للنظر، الا وهي تحطيمه للاصنام وتحديد لمجتمع منحرف بما فيه: ابوه او عمه، ويتميز (الرشد) هنا، بكونه قد تكلم بكلام افحم به المشركين بحيث نكسو على رؤوسهم، ولكنهم ركبوها عنادا كما هو واضح.
المهم (الرشد) تمثل في افكاره عليه السلام، اي: محاججته مع المشركين في عبادتهم الاصنام، حيث ان (الرشد) يعني كما قلنا الامر الصائب، وكونه ناضجاً اي الشخصية التي تحمل فكراً ناضجاً رشيداً.
ويلاحظ ان الزيارة قد وسمت (الامر) بالرشد، حيث قالت عن الائمة عليهم السلام (وامركم رشد)، والامر هنا يحتمل معنيين، احدهما: الامر بمعنى التكاليف والآخر الامر بمعنى القضية، اي: ان القضية التي يتبناها الائمة عليهم السلام هي: قضية رشيدة تصدر عن الافكار الناضجة، وهي افكار اوصلها الله تعالى الى رسوله(ص)، واوصاها رسوله(ص) الى الائمة عليهم السلام.
يبقى ان نحدثك عن سائر العبارات الواردة في هذا المقطع من الدعاء، وهو امر نحدث عنه لاحقا ان شاء الله تعالى.
ختاماً نسأله ان يوفقنا الى طاعته تعالى والرسول(ص) والائمة عليهم السلام، ان الله ولي التوفيق.
*******