البث المباشر

كيف سقط مهندس العقوبات الامريكية على ايران؟

الثلاثاء 31 ديسمبر 2024 - 18:21 بتوقيت طهران
كيف سقط مهندس العقوبات الامريكية على ايران؟

جيمي كارتر، مهندس العقوبات ضد إيران، زاد من حدة التوترات بين إيران وأمريكا بسياساته؛ سياسات لم تشوه وجه أمريكا في العالم فحسب، بل أنهت الحياة السياسية لحكومته.

توفي جيمي كارتر، الرئيس التاسع والثلاثون للولايات المتحدة، والمعروف أيضاً باسم مهندس العقوبات على إيران، في وقت سابق من هذا الأسبوع عن عمر يناهز 100 عام.

وكانت فترة رئاسته التي استمرت أربع سنوات فقط (1977-1981) في البيت الأبيض، تعتبر من أكثر الفترات توتراً في العلاقات الإيرانية الأمريكية.

تزامنت رئاسة كارتر مع الثورة الإسلامية الإيرانية والاستيلاء على وكر التجسس الأمريكي في طهران.

وبعد فشله في حل أزمة الاستيلاء على وكر التجسس وإطلاق سراح الرهائن الأمريكيين، أعلن أنه سيفرض عقوبات اقتصادية على إيران. وقال كارتر حينها: لقد قررت أن أطلب من مجلس الأمن الدولي أن ينعقد فوراً لفرض عقوبات اقتصادية دولية على إيران بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

حظر استيراد النفط من إيران
وفي نوفمبر 1979، بعد الاستيلاء على وكر التجسس الأمريكي في طهران، حظر كارتر استيراد النفط من إيران. وكان هذا الإجراء يهدف إلى الضغط على الاقتصاد الإيراني وكرد فعل على وضع الرهائن.

وقف استيراد النفط من إيران، على الرغم من أنه تسبب في ضغوط اقتصادية على الشعب الإيراني، إلا أنه أدى إلى زيادة السعر العالمي للنفط وتفاقم أزمة الطاقة في السبعينيات.

تجميد الأصول الإيرانية في أمريكا
وبإصدار الأمر التنفيذي رقم 12170، جمدت حكومة كارتر جميع أصول الحكومة والبنك المركزي الإيراني في الولايات المتحدة، وشمل هذا الإجراء مليارات الدولارات من الأصول الإيرانية التي تم الاحتفاظ بها في البنوك الأمريكية.

وجاء في جزء من هذا الأمر التنفيذي: "أنا، جيمي كارتر، رئيس الولايات المتحدة، أثناء إعلان حالة الطوارئ ضد إيران، أقوم بتجميد جميع الممتلكات والمصالح والأدوات والمؤسسات الخاضعة لسيطرة حكومة إيران". إيران والبنك المركزي الإيراني، وهما في حوزة الولايات المتحدة". منذ عهد كارتر، قام جميع رؤساء الولايات المتحدة بتمديد هذا الأمر التنفيذي كل عام.

حظر الصادرات إلى إيران
وفي أبريل 1980، حظر كارتر تصدير السلع والخدمات الأمريكية إلى إيران من خلال التوقيع على الأمر التنفيذي رقم 12205. وتم تطبيق هذه العقوبة أيضاً من أجل تكثيف الضغوط الاقتصادية على إيران. ولذلك، وبعد هذا القرار، تم حظر تصدير السلع الحساسة والاستراتيجية إلى إيران، بما في ذلك المعدات العسكرية والتقنيات المتقدمة والسلع الصناعية. وكان هذا الإجراء فعالاً بشكل خاص في المجال العسكري، حيث كانت إيران تعتمد بشكل كبير على قطع الغيار والتقنيات الأمريكية المتقدمة.

القيود المالية والسفر
وفي الفترة نفسها، أصدرت إدارة كارتر الأمر التنفيذي رقم 12211، بوقف أي واردات من إيران إلى الولايات المتحدة وحظر سفر المواطنين الأميركيين إلى إيران. وتهدف هذه الإجراءات إلى زيادة عزلة إيران في المجتمع الدولي وتقليل التفاعلات الاقتصادية والثقافية بين البلدين.

إلغاء العقود العسكرية
ألغت إدارة كارتر عقود بيع معدات عسكرية متقدمة لإيران، بما في ذلك طائرات مقاتلة من طراز إف-14 وأنظمة رادار، بهدف إضعاف قدرات إيران الدفاعية والعسكرية. وفي نفس الوقت الذي حدثت فيه هذه الأفعال، وفقاً لوثائق وزارة الخارجية الأمريكية، لم يمنح كارتر صدام الضوء الأخضر لمهاجمة إيران فحسب، بل سعى أيضاً بنشاط إلى توجيه صدام لتنفيذ هذا العدوان.

الضغوط الدبلوماسية والعزلة الدولية لإيران
كما حاولت إدارة كارتر عزل إيران دولياً طلبت أمريكا من مجلس الأمن الدولي إدانة إيران، ونتيجة لذلك، صدرت قرارات ضد إيران اعتبرت أن الاستيلاء على وكر التجسس واحتجاز الرهائن غير قانوني. بالإضافة إلى ذلك، عمل كارتر مع الدول الأوروبية والآسيوية لمنع أي دعم لإيران. وشملت هذه الإجراءات القيود التجارية وتقليص العلاقات الدبلوماسية.

تداعيات مواجهة كارتر مع إيران
وكان فشل عملية "مخلب النسر" (عملية تاباس) وعجز إدارة كارتر عن حل أزمة الرهائن بمثابة ضربة قوية لسمعة أميركا الدولية. وأدت هذه الأزمة إلى ضعف مكانة أمريكا في العالم من عدة جوانب؛

الفشل العسكري في عملية طبس
كانت عملية طبس (مخلب النسر) التي نفذت في إبريل 1980 بهدف تحرير الرهائن الأمريكيين، من أكثر المهام العسكرية تعقيداً وحساسية في التاريخ الأمريكي. وفشلت هذه العملية بسبب مشاكل لوجستية وظروف جوية سيئة وتصادمات بين المروحيات وأدت إلى مقتل ثمانية جنود أمريكيين.

شكك هذا الفشل في قدرة أمريكا على تنفيذ عمليات عسكرية معقدة وأرسل رسالة ضعف إلى أعداء أمريكا وحلفائها. استخدمت الدول المتنافسة مثل الاتحاد السوفيتي هذه الهزيمة للدعاية ضد الولايات المتحدة واعتبرتها علامة على تراجع القوة العسكرية والسياسية لهذا البلد.

عدم القدرة على حل الأزمة دبلوماسيا
استمرت أزمة الرهائن 444 يوما ولم تتمكن إدارة كارتر من إطلاق سراح الرهائن عبر الوسائل الدبلوماسية أو العسكرية. وقد أدى هذا العجز إلى النظر إلى أمريكا على المستوى الدولي كدولة غير قادرة على حماية مواطنيها. كما أن العديد من حلفاء أميركا لا يثقون في قدرة هذا البلد على إدارة الأزمات الدولية. وفي الشرق الأوسط على وجه الخصوص، أدت هذه الأزمة إلى إضعاف النفوذ الأمريكي وتعزيز موقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

زيادة جرأة أعداء أمريكا
أزمة الرهائن وفشل عملية تاباس جعلت أعداء أمريكا أكثر جرأة. واحتفلت الجماعات المناهضة لأمريكا في جميع أنحاء العالم بهذه الأحداث باعتبارها انتصارًا على القوة العظمى الغربية. وقد ساعد ذلك في تعزيز الحركات الثورية المناهضة لأمريكا في مناطق مختلفة بما في ذلك الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية.

التأثير على السياسة الداخلية الأمريكية
كان لأزمة الرهائن والطريقة التي أدارتها بها إدارة كارتر آثار عميقة على السياسة الداخلية الأمريكية وأصبحت أحد العوامل الرئيسية في هزيمته في الانتخابات الرئاسية عام 1980؛

تراجع شعبية كارتر
قبل أزمة الرهائن، واجه جيمي كارتر العديد من المشاكل الداخلية مثل الركود الاقتصادي وارتفاع التضخم. أدت أزمة الرهائن وعدم قدرته على حلها إلى تفاقم وضعه وقوض ثقة الجمهور في قيادته. وأظهرت استطلاعات الرأي في ذلك الوقت أن شعبية كارتر وصلت إلى أدنى مستوياتها في عام 1980. ويعود هذا التراجع في شعبيته إلى شعور الجمهور بضعفه وتردده في التعامل مع الأزمة.

تعزيز الحملة الانتخابية لـ"رونالد ريغان"
استخدم ريغان، المنافس الجمهوري لكارتر في انتخابات 1980، أزمة الرهائن كأحد المحاور الأساسية لحملته الانتخابية. وانتقد ريغان بشدة كارتر لعدم قدرته على إدارة الأزمة وضعف السياسة الخارجية. وكانت شعارات ريغان، مثل "استعادة أميركا عظيمة" و"المزيد من القوة في السياسة الخارجية"، قادرة على جذب الناخبين الساخطين.

إطلاق سراح الرهائن عشية تنصيب ريغان
في حدث رمزي، تم إطلاق سراح الرهائن الأمريكيين في يوم تنصيب ريغان مباشرة (20 يناير 1981/30 ديسمبر 1359). وقد تم تفسير ذلك على نطاق واسع باعتباره علامة على فشل كارتر ونجاح ريجان في استعادة مصداقية أمريكا. ورغم أن المفاوضات من أجل إطلاق سراح الرهائن جرت في عهد كارتر، إلا أن توقيت إطلاق سراحهم كان بمثابة انتصار رمزي كبير لريغان.

وفي مجمل الأمر فإن قضايا مثل الاستيلاء على وكر التجسس الأميركي في طهران، وأزمة الرهائن، وفشل عملية طبس، لم تلحق الضرر بسمعة أميركا الدولية فحسب، بل إنها اعتبرت أيضاً نقطة ضعف خطيرة في سياسة كارتر الداخلية.

ومن هذا المنطلق، كان للأحداث المذكورة أعلاه تأثير عميق على السياسة الداخلية والخارجية للولايات المتحدة، ولم تشوه صورة الولايات المتحدة على الساحة الدولية فحسب، بل أدت أيضاً إلى إضعاف موقف كارتر السياسي داخل هذا البلد. دولة؛ القضايا التي منعته من العودة إلى البيت الأبيض، وتولى ريغان، باعتباره الفائز الحاسم في الانتخابات الرئاسية، مقاليد الشؤون الأميركية.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة