ما نزال نحدثك عن زيارة الجامعة، وهي الزيارة المتسمة باهمية كبيرة، نظراً لان الامام علياً الهادي(ع) انشأها بلغة بليغة، تتطلب منا ان نتوفر على دراستها وهو ما بدأنا فعلاً في لقاءات سابقة، ونتحدث الان متابعين احد المقاطع الواردة في الزيارة، حيث جاء فيه عن الائمة عليهم السلام بانهم انوار من الله تعالى بهم علينا الى ان يقول: واجعل صلواتنا عليكم وما خصنا به من ولايتكم طيباً لخلقنا وطهارة لانفسنا وتزكية لنا، وكفارة لذنوبنا.
ان ما نعتزم الحديث عنه الان هو ان صلواتنا على الائمة عليهم السلام وولايتنا لهم هي (طيب لخلقنا وطهارة لانفسنا وتزكية لنا، وكفارة لذنوبنا).
اذن الان امام اربعة معطيات هي طيب الخلق وطهارة النفس تزكية الشخصية و كفارة الذنوب، هذه المعطيات الاربعة المترتبة على من والى الائمة عليهم السلام سنتحدث عنها الان ونبدأ بالحديث عن اول ذلك وهو طيب الخلق فماذا تعني هذه العبارة؟ المقصود من الخلق هو الخلقة او المظهر العام للشخصية من حيث تركيبتها واما الطيب فدلالته واضحة وهو ما جاء وحسن وطهر ومما لا شك فيه ان التركيبة الشخصية للانسان اذا كانت متسمة بما هو حسن وجيد وطاهر فهذا مما تتطلع النفوس اليه وهو امر يتحقق من الولاية للائمة عليهم السلام.
واما السمة الثانية: فهي طهارة النفس حيث قالت الزيارة بان الصلاة عليهم والموالاة لهم جعلها الله تعالى طهارة لانفسنا طبيعياً النفس تختلف في طبيعتها عن التركيبة العامة للشخصية حيث ان البعد العقلي والنفسي والجسمي جميعاً يشكل سمات الشخصية اما النفس فانها البعد الروحي من التركيبة وهي اما ان تكون طاهرة لا خبث فيها او العكس او التأرجح ومن الواضح ان الطهارة هي مقابل الخبث ومقابل النجس وتنسحب على ما هو معنوي وغير نفسي ولكن هنا ما دام النص ذكر طهارة النفس فهذا يعني النقاء النفسي كما هو واضح.
واما السمة الثالثة: فهي عبارة تزكية لنا أي ان الصلوات على الائمة عليهم السلام والموالاة لهم جعلها الله تعالى تزكية لنا، والسؤال هو ما هو الفارق بين التزكية وبين الطهارة حيث يشتركان في الدلالة من جانب ويفترقان عنها من جانب آخر ان الزكاة هي ما نما وصلح وصفا من الشيء فماذا اطلقت هذه السمة على الشخصية فهذا يعني انها شخصية صالحة وذات صفاء ونقاء روحي بالاضافة الى انصراف الذهن من الكلمة المذكورة الى ظواهر اخرى كالزكاة المالية مثلاً حيث ان الشخصية اذا دفعت الزكاة بالنسبة الى اموالها فانها تنقى وتصفى من الشبهة.
*******
نتوقف الان اعزاءنا عند هذه النقطة لنستمع الى ضيف البرنامج سماحة الشيخ باقر الصادقي وهو يتحدث لزميلنا عن سر كل هذا التاثير للصلوات على محمد وآله ...
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم، سلام من الله عليكم احباءنا ورحمة منه وبركات اهلاً بكم ومرحباً في هذه الحلقة من برنامج امناء الرحمان ومع ضيفنا الكريم سماحة الشيخ باقر الصادقي، سماحة الشيخ سؤالنا لهذه الحلقة هو عن سرّ تأثير الصلاة على محمد وآل محمد في تهذيب النفوس؟
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم، من جملة الآثار التي وردت في الروايات هي قضية تكفير الذنوب ونفس تكفير الذنوب وغفران الذنوب في الحقيقة لها دور في تهذيب النفس لا شك ولا ريب في احاديث كثيرة من جملة الاحاديث من لم يستطع ما يكفر به ذنوبه فليكثر من الصلاة على محمد وآل محمد فانها تهدم الذنوب هدماً، مثلاً هذا نص، النص الاخر مثلاً من جملة الروايات من صلى عليَّ مرة لم تبقى من ذنوبه ذرة، ففي هذه الروايات الدرجة الاولى نفهم انه هناك غفران الذنوب وغفران الذنوب نوع من الطهارة للنفس، ثم في نفس النص من زيارة الجامعة وجعل صلواتنا عليكم وما خصنا به ذلكم طيباً لخلقنا وطهارة لانفسنا فبلا شك ان هذه الصلاة هي طهارة للنفس، والسر في ذلك ان المصلي في حالة الصلاة يربط نفسه ويفيض ويكون سبب لافاضة الرحمات تلو الرحمات من الله عز وجل على المصلي، يعني بتعبير آخر انه حين يصلي على النبي على محمد وآله الله عز وجل يرسل الرحمة وينزلها بلا شك ولا ريب، فهي تنزل اولاً على النبي باعتبار هو اوسع وعاء ليستقبل الرحمة الالهية وآل البيت ثم تفاض منه على العبد، فافاضة هذه الرحمة حين مرورها بالنبي ببركة هذا الذكر وببركة هذه الصلاة، يكون لها دور في طهارة نفس المصلي على النبي محمد وآله، طبعاً هناك آثار كثيرة غير قضية طهارة النفس هناك آثار في البرزخ وفي دار الدنيا في قضاء الحوائج في تيسير الامور هذه تحتاج الى حلقة لوحدها لكن الان كون السؤال دور الصلاة في تهذيب النفس، طبعاً بلا شك انه هذه الصلاة تكون سبب في غفران الذنوب وصقل للقلب وبالتالي يكون مؤهل لنزول الرحمات الالهية، مثل الاستغفار كما ان الاستغفار يصقل القلب ان هذه القلوب لتصدأ قيل وما جلاءها قال الاستغفار فاذا صار القلب طاهر تفاض عليه الرحمة الالهية هكذا الصلاة على محمد وآل محمد لها دور في صقل القلب حتى يستقبل القلب الرحمة المفاضة من الله عز وجل.
المحاور: سماحة الشيخ باقر الصادقي شكراً جزيلاً، احباءنا رزقنا الله واياكم الصلوات على محمد وآل محمد عن مودة ومحبة تكون مصهرة وتزكية لنفوسنا فتفضلوا بمتابعة هذه الحلقة من برنامج امناء الرحمان.
*******
نتابع اعزاءنا تقديم هذه الحلقة من برنامج امناء الرحمان، واخيراً نواجه السمة الرابعة من مقطع الدعاء الذي ذكر بان الله تعالى جعل صلواتنا وموالاتنا للائمة عليهم السلام كفارة لذنوبنا وهي ظاهرة يتعين علينا ان نفصل الحديث عنها الى حد ما فنقول مما لا شك فيه ان الالتزام بمبادئ الطاعة التي جاء الاسلام بها هو الخيار المطلوب للشخصية ولكن بما ان الانسان بعامة ليس معصوماً بل المعصوم هو الامام او النبي، الائمة والانبياء عليهم السلام حينئذ فان الوقوع في الذنب والخطأ يظل من الحقائق في هذا الميدان بيد ان الانسان من خلال التوبة الصادقة والاعمال الصالحة كمساعدة الاخرين مثلاً كما ورد في الحديث عن المعصومين عليهم السلام يكفر عن السيئات ومنها موالاة الائمة عليهم السلام حيث انهم التجسيد العبادي المطلوب أي انهم عليهم السلام يجسدون العبادة بمعناها الارفع تبعاً لقوله تعالى: «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ» حينئذ فان الائمة عليهم السلام هم الشخصيات المجسدة لمفهوم العبادة كما هو واضح لذلك فان الموالاة لهم تكتسب اهمية كبيرة لانها في الواقع موالاة للرسول(ص)وقبل ذلك موالاة لله تعالى حيث ان الله تعالى هو الذي امرنا بموالاتهم لانهم المجسدون للطاعة.
اذن امكننا ان نتبين جانباً من المعطيات الاربعة التي اشارت الزيارة اليها بالنسبة لمن يصلي على الائمة عليهم السلام ويواليهم. من هنا نسأله تعالى ان يوفقنا لهذه الصلوات والموالاة انه ولي التوفيق.
*******