وشهدت السياسة الخارجية الإيرانية في السنوات الأخيرة، تغيرات جوهرية، إن التوجه نحو القوى العالمية الكبرى والأصيلة مثل روسيا والصين، وهو ما يشار إليه كاستراتيجية لتقليل الضغوط الدولية وإيجاد حلفاء على المستوى العالمي، أصبح أحد الركائز الأساسية للسياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية.
لكن على الرغم من هذا التحالف الاستراتيجي، لم تتمكن إيران من الاستفادة الكاملة من كافة القدرات والإنجازات التي حققتها هاتان الدولتان القويتان. لقد تمكنت روسيا والصين، اللتان تتمتعان بتاريخ من العلاقات الاقتصادية والسياسية والعسكرية والثقافية القوية، من إيجاد مكان خاص على الساحة العالمية.
في حين تحاول إيران تعزيز وتحسين علاقاتها مع هذه الدول، إلا أنها لم تتمكن من استغلال تعاون هذين البلدين بشكل فعال في العديد من المجالات، لوجود بعض القيود، وهي:
أ. القيود التجارية والاقتصادية
رغم أن إيران سعت إلى تعزيز العلاقات التجارية مع الصين وروسيا، خاصة خلال فترة العقوبات الاقتصادية، إلا أن هذه العلاقات لم تستفد من الاقتصاد الإيراني بالقدر المتوقع. وتدخل الصين، باعتبارها واحدة من أكبر الاقتصادات في العالم، بسهولة إلى الأسواق الإيرانية في بعض المواقف، لكن العديد من الاتفاقيات التجارية بين إيران والصين تقتصر على مشاريع محددة أو قصيرة الأجل ونادرا ما تؤدي إلى تنمية مستدامة وطويلة الأجل.
كما قدمت روسيا المساعدة لإيران في مجالات الطاقة والجيش، لكنها في كثير من الحالات، أعطت الأولوية لسياساتها ومصالحها الوطنية على مصالح إيران.
ب. التحديات الدبلوماسية والافتقار التام للتنسيق
أحد الأسباب الرئيسية لفشل إيران في استغلال الفرص هو الافتقار إلى التنسيق الكامل في السياسات الدبلوماسية والاقتصادية. وفي حين أقامت إيران علاقات وثيقة مع روسيا والصين، إلا أنها لا تزال تواجه بعض القيود المحلية والدولية التي تمنعها من استغلال هذه العلاقات بشكل كامل. وتحتاج السياسة الخارجية الإيرانية إلى المزيد من الشفافية والتنسيق من أجل الاستفادة من هذه العلاقات في مختلف المجالات بما يعود بالنفع على البلاد.
ج. عدم استخدام التقنيات المتقدمة
من أهم الفرص في علاقات إيران مع الصين وروسيا هو نقل التكنولوجيات المتقدمة وتعزيز الصناعات المحلية. لكن إيران لم تتمكن من استخدامه بشكل فعال في هذا المجال. تمتلك روسيا، وخاصة في المجالين العسكري والطاقة، تقنيات متقدمة يمكن لإيران الاستفادة منها، ولكن بسبب عدم التنسيق في التخطيط طويل المدى، لم تتمكن إيران من استغلال هذه الفرص بشكل فعال.
وفي هذا الصدد، يمكن للصين، باعتبارها مركزًا تكنولوجيًا عالميًا، أن تساعد إيران في العديد من القطاعات، لكن القيود التجارية والسياسية جعلت هذا التعاون ليس على المستوى المرغوب فيه.
ومن أجل استغلال الفرص المتاحة في علاقات إيران مع روسيا والصين على النحو الأمثل، من الضروري أن تتبنى إيران توجهات استراتيجية تعتمد على الحقائق العالمية والوطنية.
بعض هذه الأساليب هي:
1. تعزيز التنسيق في السياسة الخارجية والاقتصادية.
تتمثل إحدى الخطوات الأولى في الاستخدام الأمثل لفرص العلاقات مع روسيا والصين في تعزيز التنسيق بين الوزارات والهيئات الحكومية ذات الصلة بالسياسة الخارجية والاقتصادية والصناعية.
ولابد من وضع استراتيجية شاملة ومنسقة تحدد فيها الأهداف القصيرة والطويلة الأجل بشكل واضح وتتعاون جميع المؤسسات ذات الصلة لتحقيقها. ولابد من تعديل هذه الاستراتيجية وفقاً لأولويات إيران الوطنية حتى يتسنى لها استخدام قدراتها بفعالية في التعامل مع هذين البلدين.
2. التركيز على التعاون طويل الأمد والتنموي
ينبغي لإيران أن تبحث عن اتفاقيات تنموية وطويلة الأمد مع روسيا والصين بدلاً من التركيز فقط على المشاريع القصيرة الأمد والمؤقتة. وينبغي تشكيل هذه التعاونات على أساس الاحتياجات والمتطلبات الحقيقية لإيران في مختلف القطاعات (بما في ذلك التكنولوجيا والطاقة والصناعة والزراعة والتعليم).
وعلى وجه الخصوص، ينبغي إعطاء الأولوية للتعاون العلمي والبحثي ونقل التكنولوجيات المتقدمة ومشروعات التنمية المشتركة. وهذا النوع من العلاقات ليس مفيداً للتنمية الصناعية والاقتصادية في إيران فحسب، بل يمكن أن يساعد إيران أيضاً على لعب دور أقوى على المستوى الدولي.
3. زيادة استخدام التقنيات المتقدمة
تتمتع الصين وروسيا بقدرات عالية في مجال التقنيات المتقدمة، خاصة في المجالات العسكرية والرقمية والطاقة والبناء. ويجب على إيران الاستفادة من تجارب هذين البلدين، خاصة في مجالات تكنولوجيا المعلومات والطاقة المتجددة والبنية التحتية للنقل.
ولهذا الغرض، ينبغي إبرام اتفاقيات في مجال نقل المعرفة التقنية وتدريب المتخصصين وإطلاق المشاريع المشتركة. إن التعاون في مجالات التكنولوجيا يمكن أن يساعد في تعزيز الصناعات المحلية في إيران ونموها الاقتصادي.
4. إقامة علاقات تجارية متوازنة وثنائية
إحدى القضايا التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار في علاقات إيران مع الصين وروسيا هي إقامة علاقات تجارية متوازنة وثنائية. وينبغي لإيران أن تتجنب مجرد الاستيراد والعلاقات الأحادية مع هذه الدول، وأن تتجه نحو تلبية احتياجاتها من خلال تصدير المنتجات والخدمات المحلية.
وفي هذا الصدد، ينبغي التركيز على تصدير السلع والخدمات الإيرانية، خاصة في الصناعات القائمة على المعرفة. وفي الوقت نفسه، يجب على إيران أن تسعى إلى إنشاء مراكز تجارية مشتركة مع روسيا والصين.
كامران يكانكي