لا نزال مستمعي الكريم نحدثك عن الزيارة الجامعة ونعني بها الجامعة الكبيرة وهي الزيارة الخاصة بالائمة عليهم السلام حيث انشأها الامام علي الهادي سلام الله عليه ليزار بها اي واحد من الائمة المعصومين سلام الله عليهم وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منها في لقاءات سابقة ونتابع الان قراءة عبارات جديدة منها حيث بدأت بمقطع يصفهم بقوله «انتم الصراط الاقوم»الى ان يقول «والباب المبتلا به الناس من اتاك نجا ولم يأتكم فقد هلك»، ان هذه الفقرة من الزيارة مع وضوحها السافر لكنها تحتاج الى القاء الانارة عليها نظراً لاهميتها المرتبطة بالموقف العقائدي للشخصية المسلمة اذن لنتحدث عن ذلك.
ان اول ما يستوقفنا على العبارة المذكورة هو قوله سلام الله عليه الباب المبتلا به الناس، السؤال المهم هو، ماذا نستخلص من هذه الجملة الادبية التي تتحدث عن الابتلاء وعن الباب حيث ان قاريء الزيارة من الممكن ان يقف متسائلاً عن الصورة التعبيرية المرتبطة بعبارة الباب، ان قاريء الزيارة ممكن ان يتساءل عن الدلالة التي ترشح بها هذه الكلمة، ان الباب من الممكن ان تكون رمزاً او استعارة او تضميناً ولكن المهم ان نستخلص دلالة تتجانس مع موقع الائمة سلام الله عليهم وكمقدمة نسعى للتعرف على الباب في الاحاديث الشريفة من خلال التعرف على معنى الحديث النبوي المشهور المروي عن طرق الفريقين وهو حديث مدينة العلم وهذا ما عرضه زميلنا الاستاذ الحاج عباس باقري في اتصاله التالي مع سماحة الشيخ باقر الصادقي:
المحاور: ورد في الاحاديث الشريفة المروية من طرق الفريقين المعروفة باحاديث مدينة العلم وصف النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم للامام امير المؤمنين سلام الله عليه بانه باب علمه (انا مدينة العلم وعلي بابها) ما معنى هذا الوصف وهل يجري على باقي ائمة اهل البيت عليهم السلام من ذرية امير المؤمنين تفضلوا؟
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم، بلا شك من ناحية النص واضح في ان امير المؤمنين هو باب مدينة علم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من خلال النصوص الكثيرة التي وردت في ذلك ولكن لا يعني ذلك انها مقصورة على خصوص امير المؤمنين وانما تشمل جميع ابناء امير المؤمنين من الائمة المعصومين فهم في الحقيقة ابواب العلم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفي الحقيقة العلم ينزل من الله عز وجل الى النبي الاكرم صلى الله عليه وآله ومنه الى امير المؤمنين ثم الى باقي الائمة صلوات الله وسلامه عليهم حتى وردت بعض النصوص كلنا في العلم مثلاً والمكارم سواء نعم لرسول الله ولامير المؤمنين فضلهما، لكن خصوص العلم هذا الحديث لا يعني انه فقط امير المؤمنين هو باب مدينة علم رسول الله بل كل الائمة صلوات الله وسلامه عليهم، نعم في وقت نزول الحديث وتشريعه وقول النبي كان يعني امير المؤمنين حتى ان الابداء اخذوا هذا المعنى ومن جملتهم الازري اعلى الله مقامه حيث يقول ان تميزهما بلفض من اسم لا تميزهما بحلم وعلم فهما واحد كروح بجسم انما المصطفى مدينة علم وهو الباب من اتاه اتاها.
المحاور: تعقيب النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم على قوله (انا مدينة العلم وعلي بابها فمن اراد الحكمة فليأتها من بابها) ما الذي يفهم من هذا؟
الشيخ باقر الصادقي: يعني اذا اراد الحكمة والعلم الواقعي الذي يربط العبد بالله عز وجل فليأتي من خلال هؤلاء الابواب وهو الائمة صلوات الله وسلامه عليهم واولهم امير المؤمنين سلام الله عليه يعني لكل شيء باب، فاذا اراد الوصول الى هذا العلم الحقيقي فليتوجه الى اهل البيت لانه في الحقيقة العلم منهم وان ذكر الخير كنتم اوله واصله وفرعه ومعدنه ومأواه ومنتهاه وذكرني قول الامام الباقر الى احد الفقهاء كان من فقهاء البصرة كان الامام يكلم احد اصحابه يقول له فليشرق الحكم او فليغرب هذا نص ويوجد نص اخر لقتادة فوالله لا يجد علماً الا ها هنا واشار الى صدره فهذا في الحقيقة اشارة الى انهم هم ابواب العلم لهذه الامة، ولذلك امرنا بسؤالهم فسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون، والذكر كما فسره الامام الرضا عليه السلام قال: الذكر رسول الله ونحن اهله.
المحاور: فبالتالي الدلالة الالتزامية والضمنية انه لايمكن الحصول على العلم المحمدي النقي الخالي من الشوائب الا من طريقهم سلام الله عليهم؟
الشيخ باقر الصادقي: نعم الا من طريقهم وهذا هو العلم الحقيقي هو عن طريقهم.
*******
نتابع احباءنا البرنامج بالتعرف على معنى الابتلاء من حيث دلالته اللغوية والعبادية. فالابتلاء كما ورد في النصوص القرآنية الكريمة واحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وآل البيت عليهم السلام يعني الامتحان والاختبار اي ان الله سبحانه وتعالى يختبر ويمتحن الشخصية من خلال تعرضها الى تجربة خاصة وملاحظة مدى نجاح الشخصية او فشلها في اجتياز الامتحان المذكور، وبالنسبة الى الائمة عليهم السلام نجد ان الله جل جلاله والنبي صلى الله عليه وآله امرانا بأن نتبع الكتاب ونتبع العترة متمثلين بالائمة سلام الله عليهم خلفاء الرسول صلى الله عليه وآله من هنا فأن الاختبار يجري من خلال مدى التزامنا وتمسكنا بالامر المذكور وفي ضوء ذلك نجد ان عبارة الباب هي التي انتخبها الامام الهادي سلام الله عليه ليعبر بها عن تمسكنا بالائمة عليهم السلام حيث ان الباب ترمز الى الدخول في الساحة في البيت في المبنى الذي خصص للمباديء او الافكار او الاحكام او العقائد او الاخلاق المأمور بها من قبل الله سبحانه وتعالى.
والان مع معرفتنا لما ترمز اليه كلمة الباب نتجه الى العبارة التي وردت في الزيارة وهي قوله سلام الله عليه مخاطباً الائمة عليهم السلام بأنهم الباب المبتلا به الناس، نجد ان الدلالة التي نستخلصها من ذلك هي ان الناس يختبرون ويمتحنون بما سوف يسلكونه من العمل حيال الائمة عليهم السلام بصفة ان الاسلام امرنا بأن يتمسك بهم فهل نحن قدر لنا النجاح في التمسك بهم ام اخفقنا؟ الجواب هو ان العامل بالمباديء التي رسمها الائمة عليهم السلام هو الناجح في الامتحان المذكور لان الله سبحانه وتعالى ولان الرسول صلى الله عليه وآله امرانا بالتمسك بهم ويترتب على ذلك ما اشارت الفقرة اليه ونعني بها فقرة من اتاكم فقد نجا ومن لم يأتكم فقد هلك، اعتقد ان الامر يظل الان من الوضوح بمكان كبير حيث ان الداخل من الباب ينجو والعكس هو الصحيح اي ان الممتنع من التمسك بهم عليهم السلام يهلك.
اذن مستمعي الكريم اتضح لنا بجلاء ما تعنيه العبارة المتقدمة القائلة بأن الائمة عليهم السلام هم الباب المبتلا به الناس وان من دخلها كان آمناً ومن لم يدخلها كان هالكاً، نسأله سبحانه ان يوفقنا واياكم الى التمسك بهم انه ولي التوفيق. شكراً لاصغاءكم والسلام عليكم ورحمة الله.
*******