لا نزال مع زيارة الجامعة ونعني بها الجامعة الكبيرة الخاصة بزيارة الائمة عليهم السلام والمنصوص عليها بأهمية خاصة، وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منها ونتابع الجديد من ذلك، واذا كنت متابعاً لاحاديثنا عن هذه الزيارة فلابد وان تتذكر باننا قدمنا في لقاء سابق مقطعاً مهماً هو قول الامام الهادي(ع) (الحق معكم، وفيكم، ومنكم، واليكم) وقد حدثناك مفصلاً عن المقطع المتقدم وقلنا ان المقطع الذي يليه هو (وانتم اهله، ومعدنه، وميراث النبوة عندكم) وقد وعدناك بان نحدثك عن هذا المقطع وهو ما نبدأ به الان ..
من البين ان الحق وهو مبادئ الاسلام بطبيعة الحال عندما يودعه الله تعالى نبيه(ص) وعندما يودعه النبي(ص) الائمة عليهم السلام حينئذ فان الائمة عليهم السلام لابد وان يكونوا اهلاً لتحمل المسؤولية. من هنا جاءت الفقرات الجديدة من الدعاء تشير الى الحقيقة المتقدمة حينما تقول عن الائمة عليهم السلام الذين اصبحوا مع الحق وفيه ومنه واليه، تقول عنهم (وانتم أهله ومعدنه) والسؤال الجديد هو ماذا تعني هاتان العبارتان من حيث دلالتهما الدقيقة وهما وانتم اهله ومعدنه أي معنى الاهل ومعنى المعدن؟ هذا ما يحتاج الى التوضيح فنقول: بالنسبة الى الاهل فان دلالتها من الوضوح بمكان حيث ان الاهل هم الاشخاص المنتسبون الى القرابة النسبية أي ذوي القربى او العشيرة او العائلة وما الى ذلك، كما ان الاصل من ذلك هو معناها اللغوي المأخوذ من اهل أي أنِسَ بالشيء او عمَِر به المكان فاصبح مأهولاً ومن حيث الاستخدام الشائع فان الذهن ينصرف الى اهل الشخص أي الاقرب من الغير وحينئذ عندما يقول النص عن الائمة عليهم السلام وصلتهم بمفهوم الحق وانتم اهله أي انتم الاقرب من الغير في تحمل هذه المسؤولية وهي مسؤولية مبادئ الحق وهي مبادئ الاسلام كما هو واضح.
وهذا بالنسبة الى عبارة انتم اهله ولكن ماذا بالنسبة الى عبارة معدنه أي وانتم معدن الحق؟
من البين ايضاً وهذا ما نود الاشارة اليه مكرراً وهو ان النصوص الشرعية تتميز بالعصمة اللغوية او الفنية أي كما ان المعصوم(ع)هو معصوم من الخطأ والذنب كذلك هو معصوم من الخطأ اللغوي او الفني ولذلك عندما يقول الامام الهادي(ع) عن الائمة عليهم السلام بانهم معدن الحق بعد ان قال بانهم اهل الحق فلابد وان يعني دلالة جديدة غير السابقة وهي الاستعارة التي استخدمها(ع) ونعني بها المعدن فماذا نستلهم منها؟ المعدن كما هو واضح منبت الجواهر من ذهب وسواه ولذلك فان النص عندما يقول بان الائمة عليهم السلام معدن الحق فهذا يعني ان الله تعالى انبت مبادئ الحق في شخصياتهم بحيث يتعين على الاخرين ان يفيدوا من هذا المعدن ويمارسوا وظيفتهم العبادية المتمثلة في الالتزام بمبادئ الله تعالى.
اذن عندما يقول النص انهم اهل اولاً يعني انهم اقرب من الغير في احتواء الحق وعندما يقول انهم معدنه فمعناه انهم التربة التي ينبغي الافادة من معادنها.
بقي بعد ذلك ان نشير الى عبارة ثالثة هي وميراث النبوة عندكم طبيعياً هذه العبارة هي امتداد للعبارات المرتبطة بمفهوم الحق ولكن بما ان العبارة المذكورة تتطلب مزيداً من الشرح او التعقيب او التحليل بصفة ان الحق هو النازل على رسول الله(ص) في تلقي الحق المذكور وتوصيله الى الاخرين عندئذ نجد ان الموقف يتطلب تأجيل الحديث عنه على لقاء لاحق ان شاء الله تعالى، وننقل الميكرفون الى زميلنا وحواره مع ضيف البرنامج سماحة الشيخ باقر الصادقي بشأن وراثة الائمة الانبياء صلوات الله عليهم اجمعين:
المحاور: السلام عليكم سماحة الشيخ باقر الصادقي ورحمة الله وبركاته ؟
الشيخ باقر الصادقي: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المحاور: سماحة الشيخ ذكرت كثير من الزيارات والاحاديث الشريفة ان مواريث الانبياء عند ائمة اهل البيت عليهم السلام ما هي هذه المواريث وما المقصود منها؟
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم، المراد منها بشكل مجمل هو جميع ما اعطى الله عز وجل للقابلية سواء كان علم او غير علم من صفات كمالية اعطاها الله لآدم على نبينا وآله عليه سلام الله الى النبي الاكرم(ص) هذا في الحقيقة هم ورثوا ذلك والله عز وجل زاد النبي الاكرم يعني زاده عليهم كما في حديث الامام الرضا عليه السلام ان الله جمع لنبينا محمد(ص) جميع ما اتى جميع الانبياء من لدن آدم الى عيسى وزاده عليهم ما كان عند رسول الله وورثناه يقول الامام الصادق قد ورثنا رسول الله في كل شيء ما عدا النبوة والازواج باعتبار ختمت النبوة بنبينا الاكرم(ص) فلا يوجد نبي من بعده وهكذا بالنسبة لحكم الازواج خاص ما عدا ذلك اهل بيت الائمة المعصومون عليهم السلام ورثوا الرسول(ص) وان الرسول(ص) هو ورث كل الكمالات التي كانت عند الانبياء الذين سبقوه.
المحاور: شيخنا هذا فيما يرتبط بالجانب المعنوي ولكن فيما يرتبط بالجانب المادي بهذا الجانب؟
الشيخ باقر الصادقي: ايضاً هذه تنطبق مثلاً كخاتم سليمان عصى موسى هذه الان كلها عندنا في الروايات الاكيدة والموثقة لانها كانت تنتقل من امام الى امام وهي الان بحوزة مولانا صاحب العصر والزمان الامام المهدي(عج).
المحاور: يعني ما الهدف من هذا الامر؟
الشيخ باقر الصادقي: اولاً اقامة الحجة هذه واحدة يحتج على الامم عند ظهوره من النصارى اليهود وما شابه ذلك، الشيء الثاني اثبات احقيته في هذا المقام يعني حينما تكون عنده اثار الانبياء يعني هو الاحق والاولى في هذا المقام الرباني الذي جعله الله في قيادة الناس وامامة الناس.
المحاور: فهل لهذه المواريث وردت لها في القرآن الكريم آثار خاصة اظهار كرامات ومعاجز سياسية عصى موسى مثلاً هل ان هذه المعجزات والكرامات ايضاً تظهر في هذه المواريث على ايدي ائمة اهل البيت عليهم السلام؟
الشيخ باقر الصادقي: اذا اراد الامام ان يظهر هذه الكرامة او من هذه العصى او من خاتم سليمان نعم لكن الله عز وجل اعطى اهل البيت فوق ما اعطى هذا المعنى اعطاهم تلك القلوب التي تولى الله رياضتها فهم حينما يريدون شيئاً يحققوه يقول الامام الهادي عليه السلام ان الله جعل قلب وليه وكراً لارادته اذا اراد شيئاً حققه هذا المقام بعد ارفع من ذلك المقام مقام بالحقيقة لم يأتي آتاه واقعاً هذه العبارة في الزيارة الجامعة الكبيرة مصداق واضح في هذا اتاكم الله ما لم يؤتي احداً، يعني فرض الطاعة على كل الكائنات امرت جميعاً بما فيها الجنس والانس حتى الجمادات هذه الله عز وجل فرض الطاعة لاهل البيت عليهم السلام فهم ان ارادوا شيئاً من باب التصرف يحققوه مع ذلك اذا ارادو خاتم سليمان يكون فيه كذلك انا الله امكنهم في ذلك واعطاهم.
ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا للالتزام بالحق وبالتمسك بالائمة عليهم السلام انه ولي التوفيق.
*******