لا نزال نحدثك عن الزيارة الموسومة بـ الجامعة الكبيرة حيث قدمنا مقاطع متسلسلة منها في لقاءات سابقة، وانتهينا الى مقطع يقول عصمكم الله من الزلل وآمنكم من الفتن، وطهركم من الدنس، واذهب عنكم الرجس وطهركم تطهيراً.
هذا المقطع حدثناك عنه في لقاءات سابقة ونتابع قراءة ما ورد بعده وهو (فعظمتم جلاله واكبرتم شأنه ومجدتم كرمه).
هنا يمكنك ان تلاحظ انتقال المقطع من رسمه لشخصيات الائمة عليهم السلام الى رسمه لسمات الله تعالى من حيث العلاقة بين عطاء الله تعالى حيال الائمة عليهم السلام وبين موقفهم العبادي حيال الله تعالى حيث ذكر النص بانهم عليهم السلام عظموا جلال الله تعالى واكبروا شأنه ومجدوا كرمه.
(فعظمتم جلاله) فماذا تعني؟ ان الائمة عليهم السلام اثنوا على الله تعالى ثناءً كبيراً يتناسب مع وعيهم لكبرياء الله تعالى حيث ان الجلال هنا هو الكبرياء التي ينفرد بها الله تعالى فيكون المعنى انهم عليهم السلام وعوا عظمة الله تعالى وكبرياءه فتعاملوا بالدرجة الاعلى من الوعي مع كبريائه تعالى بحيث عظموا ذلك بما يتناسب مع وعيهم المذكور.
ان قارئ الزيارة عليه ان يعي بان تعظيم الله تعالى لا حدود لقدره البتة حيث ورد في النصوص الشرعية بان الله تعالى لا يعبد حق عبادته لان عظمته لا حدود لها ولذلك لا حدود للتعبير عن العظمة المذكورة ولكن من حيث الامور او التقويمات النسبية فان كل شخص يتعامل في عبادته لله تعالى بقدر وعيه العبادي، وبما ان الائمة عليهم السلام يجسدون الدرجة الاعلى من وعيهم العبادي لذلك فان تعظيمهم لجلال الله تعالى يظل متميزاً في حجمه بالقياس الى سائر البشر.
واذ نتجه الى العبارة الثانية من النص وهي (واكبرتم شأنه) نجد ان هذه العبارة تعني انهم عليهم السلام تعاملوا مع الله تعالى من حيث المعرفة بشأنه تعاملاً كبيراً حيث ان عبارة الشأن من حيث دلالتها تعني ما عظم من الظواهر وهذا يعني انهم عليهم السلام وعوا درجة العظمة او المنزلة او الموقع فتعاملوا بما هو متناسب مع حجم او كبر هذا الموقع أي معرفة عظمة الله تعالى.
واما العبارة الثالثة فهي (ومجدتم كرمه) فانها تعني ان الائمة عليهم السلام (اكثروا) من الذكر لكرمه المتمثل في الطافه وافضاله حيالهم وحيال المخلوقات جميعاً.
الى هنا يكون المقطع من الزيارة يوضح لنا كيفية تعامل الائمة عليهم السلام حيال الله تعالى من حيث معرفتهم بعظمته وانعكاسات ذلك عليهم وعلى المخلوقات جميعاً.
اما الان فان المقطع من الزيارة يحدثنا عن مستوى اخر من التعامل الا وهو الانتقال من الوعي بعظمة الله تعالى الى الممارسة العبادية المترتبة على الوعي المذكور، وهذا ما يتمثل اولاً في ضرورة ان يوظف الائمة عليهم السلام اوقاتهم جميعاً بذكر الله تعالى، وهو ما عبرت الفقرة الانية عنه حينما قالت (وادمتم ذكره) فماذا نستخلص من هذه الفقرة المحتشدة بدلالات متنوعة؟
هذا ما نحدثك عنه في لقاء لاحق ان شاء الله تعالى لكن قبل ان نبدأ حديثنا عن هذا الجانب ينبغي الاشارة الى ان الذكر معناه ان تسجل الشخصية حضوراً عند الله تعالى يستوي في ذلك ان يكون الحضور ذهنياً او لفظياً او عملياً او ذلك جميعاً ونظراً لاهمية هذه الممارسة الذهنية واللفظية والعملية يجدر بنا ان نطيل الوقوف عندها لانها جوهر العمل العبادي الذي خلق الله تعالى الانسان من اجل ممارسته.
ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا الى ممارسة الذكر والى ممارسة الطاعة والى زيارة الائمة عليهم السلام انه ولي التوفيق.
*******