لا نزال نحدثك عن الزيارة الجامعة، وهي ما يطلق عليها، (الجامعة الكبيرة) تمييزاً لها عن الزيارات الاخرى، من حيث الحجم والدلالة والصياغة، وقد سبق ان عرضنا مقاطع متسلسلة منها، وانتهينا من ذلك الى مقطع طويل يتضمن صياغة عبارات متتابعة عن سمات الائمة عليهم السلام مثل: (المطيعون لله، القوامون بامره، العاملون بارادته، الفائزون بكرامته) الى ان يقول: (وايدكم بروحه، ورضيكم خلفاء في ارضه، وحججاً على بريته ...الخ).
والان نحدثك عن الفقرة او العبارة او السمة الاولى من النص المتقدم وهذا ما نبدأ به ...
تقول العبارة او السمة عن الائمة عليهم السلام (وايدكم بروحه) ... ترى ماذا تعني هذه السمة؟
من الواضح ان الله تعالى قد ذكر في كتابه الكريم انه تعالى خلق الانسان، ونفخ فيه من روحه، الا ان التركيبة البشرية تختلف من شخص او فئة الى اخرى، من حيث نمط وحجم العطاء الروحي من الله تعالى ...
وقد ورد في جملة نصوص شرعية ان الله تعالى اودع لدى البشر ارواحاً الا ان النبي(ص) والائمة عليهم السلام قد تميزوا بروح خاصة، يطلق عليها (روح القدس). ـ كما تقول الرواية «الروح التي يعطيها الله تعالى من يشاء» حيث لم تكن ـ كما تقول رواية اخرى «مع احد ممن مضى غير محمد(ص)، وهو مع الائمة يسددهم».
اذن تقول الرواية الاخيرة عن الروح (وهو مع الائمة يسددهم) بعبارة يسددهم تتماثل مع عبارة الزيارة "وايدكم بروحه" أي سددهم الله تعالى بروح خاصة بمحمد(ص) وبهم عليهم السلام ... وهذا تميز وتفرد لشخصيات الائمة عليهم السلام لا يحتاج الى توضيح، اما عن كيفية تسديد روح القدس لهم عليهم السلام، فهذا ما يحدثنا عنه سماحة الشيخ حسان سويدان في الاتصال الهاتفي التالي:
المحاور: سماحة الشيخ كيف يؤيد روح القدس الائمة عليهم السلام معنى هذا التأييد المشار اليه في جملة من الاحاديث الشريفة تفضل؟
الشيخ حسان سويدان: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين طبعاً الاشارة الى قضية الروح، روح القدس ابتداءاً هي اشارة موجودة في القرآن الكريم واكثر الروايات على ان الروح الوارد في سورة القدر المباركة اشارة الى روح القدس وهذا ما هو المنصوص كما قلت في عدة روايات منها رواية شريفة يرويها المحدث البحراني في تفسير البرهان نقلاً عن سعد بن عبد الله الشيخ الجليل الاشعر القمي باسناده الى الصحابي الجليل للامام الصادق ابي بصير وهو من اكابر فقهاء الطائفية من اصحاب الامام الصادق عليه السلام قال كنت مع ابي عبد الله عليه السلام فذكر شيئاً من امر الامام اذا ولد فقال استوجب زيادة الروح في ليلة القدر فقلت جعلت فداك اليس الروح هو جبرئيل في اشارة تعجب ان هذا ينزل على الانبياء نزل على نبينا محمد صلى الله عليه وآله وهو رسول الوحي والوحي قد انقطع بعد الرسول الاعظم بهذا المعنى(ص) فقال قال(ع) جبرئيل من الملائكة والروح اعظم من الملائكة اليس ان الله عز وجل يقول تنزل الملائكة والروح فيها وعليه فهذه الرواية واضحة وهناك روايات اخرى ايضاً تفسر الروح في سورة القدر بان المراد منه الروح بالمعنى الذي سألتم عنه وهو روح القدس واما اذا عكسنا النظر على الروايات فالروايات كثيرة جداً هناك طائفة من الروايات تتحدث عن انه يوجد فيهم صلوات الله وسلامه عليهم خمسة ارواح واحد منها روح القدس والبقية مشار اليها في عدة روايات روح القوة روح الايمان روح الشهوة وان تلك موجودة في الناس والروح الايمان موجود في كل مؤمن الا ان روح القدس مختص بهم صلوات الله وسلامه عليهم فتشير رواية جابر الجعثي رضوان الله عليه وهي مروية باسناد صحيح معتبر موجود في كتاب الكافي الشريف قال ابو عبد الله(ع): يا جابر ان الله تبارك وتعالى خلق الخلق ثلاثة اصناف وهو قول الله عز وجل «وكنتم ازواجاً ثلاثة / فاصحاب الميمنة ما اصحاب الميمنة / واصحاب المشئمة ما اصحاب المشئمة / والسابقون السابقون / اولئك المقربون» يشير الى ان فيهم في السابقين وهم منهم يصرح الامام عليه السلام قال فيهم خمسة ارواح أيدهم بروح القدس فبه عرف الاشياء هذه نكتة مهمة فبه عرف الاشياء وايدهم بروح الايمان الى اخر الارواح الاخرى رواية اخرى ايضاً عن جابر وجابر كما تعلمون من اصحاب الاسرار مع الامام الباقر(ع) بعد ان يوصف الارواح يقول وهذه الارواح الاربعة غير روح القدس يصيبها الحدثان يعني تتأثر بالليل والنهار وما يحدث فيهما الحدثان اشارة الى ما يحدث في الليل وفي النهار قال الا روح القدس فانها لا تلهو ولا ترى اذاً فالمعرفة معرفة تامة لانه لا يوجد فيه فهم لا يوجد فيها غفلة وهو معهم دائماً، رواية اخرى ايضاً وروح القدس فبهي حمل النبوة اي النبي الاعظم(ص)فاذا قبض النبي(ص) انتقل روح القدس فصار الى الامام عليه السلام وروح القدس لا ينام ولا يغفل ولا يلهو ولا يزهو والاربعة الارواح على العكس تنام وتغفل وتلهو وتزهو.
المحاور: هل يمكن القول بان تأييد ودور روح القدس يرتبط بمهام الامامة؟
الشيخ حسان سويدان: لا شك ولا ريب في انه نحن نشترط في الامام شرائط كثيرة لا مجال لذكرها روح القدس هو الحافظ لبعض هذه الشرائط وهو يتمثل في اللطف الخاص الذي يفعله الله سبحانه وتعالى في الامام حفظاً لدينه في خلقه.
المحاور: سماحة الشيخ حسان سويدان شكراً لكم.
*******
كل ما تقدم من هذه الحلقة من برنامج امناء الرحمان يتصل بالسمة الاولى من النص المتقدم أي (ايدكم بروحه) ولكن ماذا عن ثانية السمات وهي: (ورضيكم خلفاء في ارضه)؟... نعتقد انك لست بحاجة الى القاء الانارة لهذه السمة، سمة ان الله تعالى قد جعلهم خلفاء في ارضه، حيث ان الخلافة من الله تعالى بنص خاص على هذه الشخصيات دون سواها، بخاصة ان هذه الشخصيات جاءت بعد رسول الله(ص) بنص منه بمثابة خلفاء له في توصيل المبادئ الاسلامية التي ارتضاها الله تعالى لامته وليس لمطلق المبادئ التي حرفها البشر، ممن انحرف عن خط رسول الله تعالى والائمة الخلفاء من بعده.
ان الاسلام بصفته خاتمة الاديان السماوية يعني انه نسخ ما قبله مع الاعتراف بان الرسالات جميعاً هي من الله تعالى، ولكن لكل زمن رسالته، ورسالة الاسلام هي: الى قيام الساعة، ومن ثم فان زمن الرسالة البادئ بمحمد(ص) وخلفائه من بعده يظل منحصراً في الشخصيات المذكورة، حيث لا رسالة سوى رسالة الاسلام، ومن ثم لا شخصيات مجسدة له سوى النبي(ص) وخلفائه المعصومين عليهم السلام.
بقي ان نحدثك عن العبارة او السمة الثالثة من النص المتقدم، وهي انه تعالى جعلهم (حججاً على بريته) هنا نذكرك بما سبق ان اوضحناه من مصطلح "الحجج" ومصطلح "البرية" من حيث تفاوت دلالاتها من جانب مع اشتراكها في المعنى العام من جانب آخر فيما لا عذر لاحد في الانحراف عنهم.
اذن امكننا ان نتبين جانباً من هذه السمات الواردة في سياق عشرات السمات الاخرى في هذه الزيارة والاهم من ذلك هو ان نتوسل بالله تعالى بان نبقى مشدودين في سلوكنا بمبادئ محمد(ص) وخلفائه المعصومين انه ولي التوفيق.
*******