نحن الآن مع زيارة الجامعة للأئمة عليهم السلام حيث نواصل حديثنا عن سلسلة الصفات التي ذكرها الامام علي الهادي(ع)بالنسبة الى شخصيات الأئمة عليهم السلام حيث بدأها بصفة انهم عليهم السلام (أهل بيت النبوة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة ...)، الى ان يقول عنهم عليهم السلام بانهم (كهف الورى، وورثة الانبياء، والمثل الاعلى، والدعوة الحسنى، وحجج الله على أهل الدنيا، والاخرة والاولى، ورحمة الله وبركاته ...).
ونقف عند صفة انهم عليهم السلام "كهف الورى" فماذا نستخلص منها؟
بالنسبة الى عبارة "كهف الورى" نجدها عبارة استعارية حيث خلع الامام علي الهادي(ع) طابع "الكهف" على الأئمة عليهم السلام، فما هو الرمز الكامن وراء ذلك او ما هي الدلالة او النكتة التي نستطيع ان نكتشفها من الرمز او الاستعارة المتقدمة؟
من البين ان "الكهف" من حيث دلالته اللغوية يعني: المكان الواسع داخل الجبل، أي: التجويف او جيب الجبل، ويقابله، "الغار" وهو المكان الصغير داخل الجبل، ولعل هذين الملحظين، او الفارق بين الكهف وبين الغار، يتداعيان او يتداعى بالذهن الى الاستخدام القرآني الكريم لهما، ولكن ليس في دلالتهما الرمزية بل الواقعية حيث ورد لفظ "الغار" بالنسبة الى هجرة النبي(ص) من مكة الى المدينة، ولجوئه(ص) الى الغار، وحيث ورد لفظ "الكهف" في قصة أهل الكهف ... والمهم هو ملاحظة الفارق بين "الغار" وبين "الكهف" فالنبي(ص) عبر محاولته تعتيم المكان حتى لا يراه الاعداء دلف الى الغار وهو المكان الصغير داخل الجبل، بحيث يتناسب صغر المدخل الى الغار مع تعتيم المكان، ولكن بالنسبة الى أهل الكهف "وهم جماعة" لا تعقيب من السلطة حيالهم يظل المكان الواسع من داخل الجبل متناسباً مع عدد اهل الكهف ومع طبيعة البيئة التي ينبغي ان تتسع لمكوثهم الطويل هناك ... لكن ماذا نهدف الان من وراء التذكير بكل من الغار والكهف؟
هدفنا هو ملاحظة "الكهف" من حيث سعته وصلة ذلك بالأئمة عليهم السلام ...
فهل يعني ان الامام الهادي(ع) حينما وصف الائمة عليهم السلام بانهم "الكهف" قد استخدم هذه العبارة بمعناها الحرفي أي بما ان الاستخدام كعبارة "الكهف" قد اكتسب صفة العبير الحقيقي بمعنى الملجأ فحينئذ يكون الامام الهادي(ع) قد استخدم هذه العبارة بمعناها الثانوي وهو الملجأ فتصبح العبارة المتقدمة واضحة الدلالة وهي ان الائمة عليهم السلام ملجأ الورى في مختلف شؤونهم.
لا نستبعد ان يكون الامر كذلك... ولكن في الآن ذاته يسعنا ان نقول ان كلمة الكهف قد تكون قد استخدمت بمعنييها الاولي والثانوي أي بالمعنى الحقيقي والمعنى المجازي ...
اما وقد اتضح المعنى الحقيقي كما لاحظنا أي انهم الملجأ للورى حينئذ نتساءل عن المعنى المجازي فماذا نستخلص؟
ايضاً الاستخلاص هنا واضح حيث ان الكهف هو مكان بمنأى عن الاخطار التي تحيط بالناس فالكهف يقي الشخصية من الحر والبرد والرياح والامطار وسائر المكونات البيئية ومن جانب آخر يقي الشخصية من ملاحقة الاعداء حيث تختفي الشخصية عنهم ... وبهذا يكون "الكهف" رمزاً لحفظ الشخصية من مختلف شدائد الحياة، وهذا فعلاً ينسحب على مرتبة الائمة عليهم السلام كما هو واضح ...
اذن استخدام الاستعارة او الرمز لعبارة "الكهف" تظل واضحة في دلالتها الكبيرة بصفة انهم عليهم السلام أي الائمة ملجأ للناس في انقاذهم من مختلف الشدائد وهذا ما يقتادنا الى التوسل بهم أي اللجوء اليهم والتوفيق الى ان نهتدي بهم في مسيرتنا العبادية والتصاعد بها الى النحو المطلوب.
*******
أما الآن نتابع تقديم برنامج امناء الرحمن بهذا الاتصال الهاتفي مع سماحة الشيخ حسان سويدان اهلاً ومرحباً بكم:
الشيخ حسان سويدان: السلام عليكم ورحمة الله.
المحاور: في حلقات سابقة تحدثتم عن كون الائمة(ع) واولياء الله من الانبياء والاوصياء بل وحتى المؤمنين هم وسائل للتقرب الى الله سبحانه وتعالى سؤالنا هو في هذه الحلقة عن ثمار بركات التوسل الى الله عزوجل بأهل البيت وهل انه يشكل حالة ضرورية او حاجة ضرورية للمؤمن تفضل سماحة الشيخ؟
الشيخ حسان سويدان: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين لقد امرنا من الله سبحانه وتعالى بأن نبتغي اليه الوسيلة، الوسيلة مفهوم تضايفي في الحقيقة اقصد بالمفهوم التضايفي ان مجرد ان تتصور الوسيلة يعني هناك متوسل بهذه الوسيلة هناك متوسل اليه بهذه الوسيلة وهناك في الوسط الوسيلة التي يتوسل بها الانسان هذه لها مصاديق كثيرة، حديثنا ليس عن مطلق اتخاذ الوسيلة حديثنا عن اتخاذ الاولياء الصالحين وبالاخص الانبياء والاوصياء وبالاخص محمد(ص) سيد الجميع على الاطلاق سيد ولد آدم من الاولين والآخرين وآله بيته الطيبين الطاهرين ائمتنا المعصومون والزهراء(ع). المقصود من التوسل اتخاذهم وسيلة للقرب من الله سبحانه وتعالى، اتخاذهم وسيلة لقضاء حوائجنا عند الله سبحانه وتعالى ان نجعلهم الواسطة في الفيض الالهي فيما بيننا وبين الله لا بمعنى اننا نحن نجعلهم واسطة الفيض هم بوجودهم في هذه الدنيا احياءاً واموات هم وساطة الفيض الالهي يعني الله سبحانه وتعالى قال عز من قائل وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون هم ثبت في محله في الادلة العقلية والنقلية انهم افضل عابد الله افضل مطيع لله فهم الافضل من حيث الهدف من الخلقة الالهية لهذا الكون على هذا الاساس نحن عندما نقدمهم بين يدي حوائجنا بين يدي اعمالنا بين يدي قرباتنا الى الله سبحانه وتعالى فنحن في الحقيقة نقدم الى الله النموذج ذو الحظوة العظيمة عند الله سبحانه وتعالى نقدم النمرقة الوسطى التي يلحق اليها التالي ويرجع اليها الخالي نحن على هذا الاساس نقدم الى الله النماذج التي ثبت بالادلة القطعية ان الله يحبها ويجب ان يسمع صوتها ويحب ان يسمع اسماءها وهي التي حققت ما اراده بافضل طريقة وبأفضل درجة في هذا الكون. نحن في الحقيقة اذا فعلنا هذا فأولاً نعلن لله سبحانه وتعالى ارتباطنا به من خلال الوسائل التي هو جعلها وسائل ووصلت لنا سواء على مستوى التكوين لولاهم لساخت الارض لاهلها وعلى مستوى التشريع لانهم هم مبلغو شرع الله وهم حفظة شرع الله سبحانه وتعالى في كل حياتهم في اقوالهم وافعالهم اولاً نعلن الارتباط بهم نعلن الولاء لهم نعلن التبعية والاقتداء بهم وعلى هذا الاساس يمثل التوسل بهم الى الله بالاضافة الى القسم على قاضي الحاجات بمن يحبه ليقضي لي حاجتي من خلال ذكره وتقديمه بين يدي حاجتي يمثل هذا التأكيد والتركيز لامهات المعتقدات التي اعتقدها بهؤلاء لاشك ولاريب ان الله سبحانه وتعالى هو اكرم الاكرمين وهو الالطف على الاطلاق بعباده لاشك ولاريب ان الانسان الذي يقدم حوائجه راضخاً معترفاً بأمهات عقائده مقدماً لمن يمثلون هذه العقائد امام حوائجه الى الله سبحانه وتعالى لاشك وان الله سبحانه وتعالى وهو اقرب الينا جميعاً من حبل الوريد انه سيكون انظر لحوائجنا واسرع لقضاءها لاننا نكون في الحقيقة نمارس خطوة من الخطوات التي طلب منا ان نمارسها في سبيل الوصول الى الله سبحانه وتعالى.
المحاور: سماحة الشيخ حسان سويدان شكراً جزيلاً لكم على هذه التوضيحات الشافية في الواقع وهنالك سؤال آخر يرتبط في تفضيل ائمة اهل البيت(ع) عن بعض الانبياء لو سمحتم نوكله الى الحلقة المقبلة ان شاء الله.
الشيخ حسان سويدان: ان شاء الله.
المحاور: شكراً لكم مستمعينا الافاضل على طيب متابعتكم لهذا البرنامج الوقت المخصص له انتهى نجدد شكرنا في نهايته الى سماحة السيد حسان سويدان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******