لا نزال نتحدث عن الزيارة الجامعة للأئمة عليهم السلام وهي الزيارة التي املاها الامام علي الهادي(ع) على احد الاشخاص عندما طلب هذا الاخير من الامام(ع) كلاماً بليغاً يتجه به الى الأئمة عليهم السلام، وقد حدثناك عن هذه الزيارة منذ بدايتها ووصل بنا الحديث الى العبارات الآتية أي العبارات المسلمة على اهل بيت النبوة حيث تصفهم بما يأتي (السلام عليكم) الى ان تقول العبارة بانهم (امناء الرحمان وسلالة النبيين وصفوة المرسلين وعترة خيرة رب العالمين ورحمة الله وبركاته)...
هذا المقطع من الدعاء يتضمن اربع سمات هي انهم عليهم السلام "امناء الرحمان" وانهم "سلالة النبيين" وانهم "صفوة المرسلين"وانهم "عترة خيرة رب العالمين" ...
هذه السمات الاربع مع وضوحها تحتاج الى القاء الاضاءة عليها ولو سريعاً، حيث ان كلاً منها تعني بدلالتها ما يفترق عن الاخرى، وهو امر يفصح فعلاً عن بلاغة الكلام للأمام(ع) ... اذن: لنتحدث عن هذه السمات ...
بالنسبة الى السمة الاولى وهي انهم عليهم السلام "امناء الرحمان" تعني ان الله تعالى قد ائتمنهم على مبادئ رسالته التي انزلها على النبي محمد(ص) وعلمهم النبي(ص) معرفتها... والملاحظ هنا من وجهة نظر البلاغة ان هذه السمة ارتبطت بانهم عليهم السلام "امناء الرحمان" ولم تقل مثلاً "امناء الرحيم" او أي صفة اخرى ونحسبك تتساءل عن السر الكامن وراء ذلك الا وهو بحسب تصورنا الاحتمالي ان "الرحمة" اساساً هي المصدر او المنبع للامانة التي اوكلها تعالى اليهم وهذا هو احد نكات الموضوع بمعنى ان "الرحمة" وليس سواها هي العنصر الذي يحتضن رسالة الله تعالى وهل نتوقع امراً اشد اهمية واشباعاً لحاجات الانسان اكثر من الرحمة كلها!!
واما النكتة الثانية فهي ان الرحمة بنحو عام تنشطر الى نمطين بحسب ما ورد عن أهل البيت عليهم السلام احدها الرحمة الخاصة بالمؤمنين والآخر الرحمة العامة للخلق جميعاً وهنا نجد ان الزيارة عندما وسمت الامناء وهم الائمة عليهم السلام بانهم "امناء الرحمان" فهذا يعني انهم عليهم السلام امناءه تعالى على الخلق جميعاً وليس على الطائفة المحقة فحسب.
اذن: ادركنا بلاغياً السر الكامن وراء الصياغة الكلامية بانهم عليهم السلام امناء الرحمن من حيث الائتمان على الرحمة اولاً ثم انسحاب ذلك على الرحمة المطلقة وليست الخاصة فحسب.
ونتجه الى السمات الثلاث الاخرى فنجدها تحوم على الدلالات المتجانسة والمتفاوتة بطبيعة الحال وهذه السمات هي انهم عليهم السلام سلالة النبيين وصفوة المرسلين وعترة خيرة رب العالمين، هنا نذكرك بان مبادئ الله تعالى قد تم ايصالها على نمطين من الشخصيات التي اصطفاها الله تعالى لاداء ذلك احدها الانبياء والآخر، المرسلون ونعتقد ان الفارق بينهما هو نزول الكتاب وعدمه، والمهم بعد ذلك هو ان الزيارة تستهدف الاشارة الى ان الائمة عليهم السلام هم السلالة لمطلق المصطفيين أي المنحدرين نسبياً بحسب التعبير المجازي من سلسلة من اصطفاهم الله تعالى أي هم الخلاصة لهم بحسب التعبير الحقيقي ما داموا قد جعلهم النبي(ص) خلفاءه طيلة الزمان، ولكنهم من جانب آخر هم الصفوة بالنسبة الى المرسلين وليس مطلقاً المصطفين أي ان المرسلين بصفتهم الحاملين لسمة الاصطفاء ونزول الكتب عليهم وبصفة ان محمداً(ص) هو الخاتم لهم ومن ثم بما ان محمداً(ص)هو صفوتهم وانه(ص) جعلهم خلفاءه حينئذ فهم صفوة الشخصيات المرسلة وهذا ما تنسحب عليهم السمة الرابعة.
ان السمة الرابعة هي انهم عليهم السلام "عترة خيرة رب العالمين" فتعني خصوص هذه السمة بعد عموميتها أي بما ان محمداً(ص)هو الخيرة عن المصطفين حينئذ فان عترته عليهم السلام هم الوارثون لذلك، بصفة ان العترة هم لآل او العشيرة او الجماعة المنتسبة الى الشخص.
وبهذا ندرك بوضوح كيف ان السمات المذكورة المرتبطة بالسلالة وبالصفوة وبالعترة بالنسبة الى الانبياء والمرسلين وخيرة رب العالمين كيف ان هذه السمات قد صورها الامام علي الهادي(ع) متسلسلة بالنحو الذي تقدم الحديث عنه.
*******
أما الآن نتابع تقديم برنامج امناء الرحمن بهذا الاتصال الهاتفي مع سماحة الشيخ حسان سويدان اهلاً ومرحباً بكم:
الشيخ حسان سويدان: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المحاور: سماحة الشيخ مع تجديد ترحيبنا بسماحتكم انتم في الحلقة السابقة بينتم حد الغلو يعني الحد الذي يوقع الانسان في الغلو والاجتناب له يوقع الانسان او يجعل الانسان على صراط المستقيم في طبيعة الحال سؤالنا في هذه الحلقة عن حد التقصير يعني عدم اعطاء ما اعطاه الله تعالى من مقامات بمعنى الاقرار بذلك لاهل البيت ما هو حد التقصير؟
الشيخ حسان سويدان: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين. كما اسلفتم واشرتم فقد تقدم في الحلقة السابقة وباختصار شديد حديث عن الغلو وهو يبين جانب الافراط في الاعتقاد بالانبياء وبالائمة الاولياء عليهم افضل الصلاة والسلام.
والان سألتم عن جانب التفريط لابد بلاشك وهو جانب التقصير في حقوقهم وفي الاعتقاد بهم لاشك ولاريب في ان الانسان لابد وان يكون في النمرقة الوسطى وهي التي تكون في الصراط المستقيم الذي امرنا بان نطلب هدايته كل يوم عدة مرات في صلاتنا الواجية لاشك ولاريب ان التقصير هو عدم الاعتقاد بمثابة لهم من حق بمثابة لهم من المقامات سواء من المقامات الظاهرية او مقامات الباطنية مثلاً قد ثبت في محله ان النبي هو وسيلة الفيض الالهي هو الذي يرسل اليه الكتاب الالهي ثبت في محله ان الامام على(ع) هو خليفة رسول الله لاشك ولاريب ان من لا يعتقد بانه خليفة رسول الله(ص) بلا فصل يكون مقصرا في حقه ايضاً ثبت في محله وبأدلة قاطعة ان له مقامات معنوية راقية عالية جدا وانه يفعل بعض خوارق العادات والى ما هنالك كل شي ثبت في محله انه مقام له صلوات الله وسلامه عليه او لاحد ابنائه الطاهرين(ع) فلابد للانسان ان يعتقد به.
المحاور: هذا هو مدارك ثبوت ان يثبت فيجب ان نعتقد به؟
الشيخ حسان سويدان: هنا يطرح سوال الى الاذهان الى كثير من الاذهان الاخوة والاخوات المستمعين وهي انه هل يجب علينا ان نبحث عن كل المقامات الثابتة للأنبياء والائمة عليهم السلام حتى لا نقع في التقصير ام نكتفي بالاعتقاد العام بان النبي نبي وبان الامام امام وهذا يحفظنا من التقصير هذه حقيقة لابد هنا من بيانها بيان هذه الحقيقة يكون بالاسلوب التالي هناك نحو من الاعتقاد يجب علينا على الاطلاق لابد لنا من ان نبحث عنه وان نعتقد به وهو اعتقاد انهم حجج الله سبحانه وتعالى على الخلق ان النبي هو النبي الاعظم(ص) نعتقد بالانبياء السابقين عليه ونعتقد ايضاً بخلفائه صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين هذا اعتقاد لابد منه كي لا نخرج عن الحد الاوسط فنقع في التقصير بعد هذا.
المحاور: والعصمة سماحة الشيخ؟
الشيخ حسان سويدان: لا شك لا يكون حجة الا اذا كان معصوماً.
المحاور: اذن الحجة جميع مستلزماته؟
الشيخ حسان سويدان: بلاشك ولا ريب هذه شرائط، شرائط الحجية لا يمكن ان يجعل الله حجة علينا من لا يمتلك العصمة ومن هنا اعتقدنا بعصمة ائمتنا صلوات الله وسلامه عليهم وهذا براهنه في محله نحن لسنا بصدد البيان الكلامي هنا المهم في المقام هو ان هناك بين هذا الاعتقاد الاجمالي وبين التقصير مقامات كثيرة جدا وقد تعرض لها ائمتنا عليهم السلام في الروايات بكثرة حتى انك تجد بعض اكابر اصحاب الائمة عليهم السلام الف كتب كثيرة في بصائر الدرجات وغيرها في ما يرتبط بهذا المجال هذه التفاصيل لاشك ان من لا يعرفها بالتالي لا يعتقد بها تفصيلاً من لا يعرفها لا يكون كامل الاعتقاد لا اقول لا يكون معتقداً اعتقاد الحق لا يكون كامل الاعتقاد على الانسان اجمالا في البداية في بداية الطريق ان يعتقد بان كل كمال بشري يمكن ان يثبت لبشر فهم آل له بعد هذا اذ ان ممن وفقهه الله وامكنه التفرغ لمعرفة مقامي اولياء الله الصالحين عليه ان يبحث في هذه الادلة عقلية كانت او نقلية للوصول بلى لا يمكن له بحسب ما اوتي من قوة علم ومعرفة ما يمكنه من الوصول ولاشك، ان كمال المعرفة تمثل كمال الاعتقاد فتوجب تكميل لنفس هذا الانسان في صراط عبوديته لله سبحانه وتعالى خلاصة الكلام ان من يريد ان لا يكون مقصرا لابد له ان يعتقد بالاعتقادات الحق الايمانية المعروفة ويعتقد بالاضافة الى ذلك ان كل ما يعتقدون هم في انفسهم هو حق هذا الاعتقاد الاجمالي اذا اراد ان يكمل اعتقاده فعليه عن يبحث.
المحاور: جزاكم الله خيراً سماحة الشيخ سويدان على ما تفضلتم به شكراً لكم، مستمعينا الافاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******