الزيارة الجامعة للأئمة عليهم السلام لا تزال هي الموضوع الذي يستأثر باهتمام الملاحظ نظراً لما تتضمنها من دلالات كاملة تتناسب مع الموقع الذي تحتله الائمة عليهم السلام، وما تنطوي عليه من البلاغة الفائقة حيث تذكرك بان الراوي لهذه الزيارة سأل الامام الهادي(ع) ان يعلمه كلاماً بليغاً وكاملاً، فعلمه(ع) هذه الزيارة ... اذن: لنواصل الحديث عنها ...
في لقائنا السابق "اذا كنت متابعاً لهذا الموضوع" حدثناك عن الفقرة الاولى من الزيارة وهي قوله(ع) (السلام عليكم يا أهل بيت النبوة)، واوضحنا صلة هذا البيت بنبوة محمد(ص) والآن نتابع فقرات الزيارة حيث جاءت السمات الآتية متلاحقة لتوضح لنا الموقع او المنزلة التي يحتلها هؤلاء من حيث صلتهم بالنبي(ص) وسائر القنوات المواكبة لهذه المنزلة، تقول الزيارة (السلام عليكم يا أهل بيت النبوة).. ثم ماذا؟ (وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، ومهبط الوحي ...)، ترى هل تحسب ان هذه السمات المتتابعة "والتي قرأنا قسماً منها" هي مجرد سمات او اوصاف تطلق وكأنها عبارات جاهزة؟ لانها عبارات المعصوم(ع)، وهذا يعني كما لاحظنا قبل قليل انها تجسد دلالات كاملة وبليغة والسؤال هو ان نتابع كل سمة حيث نقف عند السمة الثانية وهي انهم عليهم السلام (موضع الرسالة).. ترى: ماذا نستخلص من العبارة المذكورة؟
ان قارئ الزيارة لابد وان يتداعى بذهنه الى عبارة "موضع الرسالة" بان الموضوع يرتبط برسالة محمد(ص) انها رسالة الاسلام انزلها سبحانه وتعالى على محمد(ص) وأمره تعالى بان يوصلها الى المجتمع البشري .. الم يقل سبحانه وتعالى (يا ايها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك ...)، وها هو محمد(ص) يضطلع بتبليغ الرسالة خلال ما ينيف على العشرين سنة ... حيث أمرنا الله تعالى ان نتبع ما اتى به الله تعالى ورسوله واولي الامر ...
وها هو الرسول(ص) يتسلم رسالة الله تعالى، ويفضي بمبادئها الى اولي الامر، ومن ثم فان الرسالة هنا تأخذ مساحتها في نطاق ما رسمه الله تعالى ويحتل الائمة عليهم السلام الموضع الرسالي حيث عبرت الفقرة القائلة عن الائمة عليهم السلام بانهم موضع الرسالة عبرت عن الدلالة المشار اليها بوضوح ما داموا عليهم السلام يحتلون الموضع الرسالي سواء أكان ذلك في نطاق جعلهم احد الثقلين او تطهيرهم او استخلافهم ....
ولنتجه الى العبارة الثالثة وهي (مختلف الملائكة) فماذا تعني؟
الملائكة كما نعرف جميعاً هم المضطلعون بادارة الوجود بحسب وظائفهم التي رسمها الله تعالى.. الا ان الملائكة الذين اسجدهم الله تعالى لآدم(ع) رسم لهم بالاضافة الى ما تقدم مهمات عبادية متنوعة فالبعض مثلاً وكما سنرى في السمة الرابعة للائمة عليهم السلام اناط بهم مهمة تبليغ الوحي حيث عبر عن ذلك بقوله(ع) (ومهبط الوحي) نقول: الملائكة يضطلعون بمختلف الوظائف ومنها التوظيف الخاص للائمة عليهم السلام كالتوظيف لمشاهدهم حيث نعرف جميعاً ان النصوص الاسلامية طالما تشير الى ان الملائكة يطوفون حول اضرحتهم ويمارسون الدعاء لزوارهم ...
بالاضافة الى ما تقدم نواجه عبارة تقول عنهم عليهم السلام (مهبط الوحي) ترى ماذا تعني هذه العبارة من حيث تسلسلها للصفات التي ذكرها الدعاء بالنسبة الى الائمة عليهم السلام؟
في تصورنا ان الوحي هنا وظيفة ملائكية اخرى من حيث (الالهامات) التي تصل اليهم عليهم السلام وبذلك تكون السمة الاولى وهي انهم موضع الرسالة مرتبطة بصلتهم بالنبي(ص) وتكون السمة الاخيرة "مهبط الوحي" مرتبطة بالالهامات ونحوها ... وسنرى كيف ان السمات التالية لما تقدم مثل انهم مخزن الرحمة وخزان العلم وسواهما تظل مرتبطة بما يلهمون عليهم السلام من السمات حيث ان الزيارة رسمت السمات المشار اليها وفقاً للصياغات الاستعارية كالمعدن والخزينة وسواهما مما يتميزون بها دون سائر الناس والا فان الرحمة او العلم وسواهما متاحة للبشر العاديين بعكس ما سنجده عند الائمة عليهم السلام حيث نحدثك عنها في لقاء لاحق ان شاء الله تعالى.
*******
أما الآن نتابع تقديم برنامج امناء الرحمن بهذا الاتصال الهاتفي مع سماحة الشيخ حسان سويدان اهلاً ومرحباً بكم:
الشيخ حسان سويدان: وعليكم السلام ورحمة الله.
المحاور: سماحة الشيخ في الحلقة السابقة فتحتم باب الحديث عن الآثار والبركات العظيمة التي تنشأ من سنة زيارة الاولياء سلام الله عليهم والانبياء صلوات الله وسلامه عليهم ولكن اوكلتم التفصيل الى هذه الحلقة تفضلوا؟
الشيخ حسان سويدان: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين. في الحقيقة آثار الزيارة كثيرة جدا لا يمكن شرح معا لمها بشكل مفصل في هذا الوقت القصير لكن من باب الاشارة اولاً والحديث عن زيارة الاولياء والصلحاء وعلى رأسهم طبعا النبي والانبياء والائمة عليهم السلام زيارة القدوة اولاً تمثل استحضار وشهادة بان هذا الذي ازوروه هو قدوتي في المجتمع تمثل تاكيداً على ان هذه القدوة لا تزال قدوة بعد الممات كما كانت قدوة في الحياة فهذا اثر مهم يرتقي به الانسان مع نفسه عندما يقف شاهدا امام قبر النبي امام قبر الامام امام قبر الولي ليشهد لكل في المرتبة التي هو فيها عارفاً بحقه من هنا نرى اثر من آثار التاكيد من زاره عارفا بحقه يشهد امامه وهو يسمع كلامه ويرى مقامه وهذا في الحقيقة يمثل الدرجة الاولى الاعتراف بالقدوة الاعتراف في العمل ليس الاعتراف اللساني فحسب عندما احمل نفسي واقطع الفيافي والبلدان واذهب الي قبر النبي الاعظم(ص) او الى قبر الامام الرضا او الى قبر الامام الحسين(ع) وعلى بقية ائمتنا جميعا عليهم السلام فان هذا في الحقيقة يمثل بشكل واضح الارتباط الصحيح والسليم مع القدوة هذا اثر اول الاثر الثاني الذي يتولد من هذا الاثر التاكيد على ان الارتباط نحو قدوة هو ارتباط روحي يتجاوز الحدود الجسدية يعني كما انني ارتبط بهذه القدوة فيما لو كانت تعيش بيننا بجسدها يمكنني ايضا ان ارتبط بها من باب واسع بعد ارتحالها منا لدنيا كما كان يمكنني ان ارتبط بها وهي في الحياة هذا يؤشر الى ان ارتباطي بها ايضاً عندما كانت في الحياة وارتباط الروحي ليس ارتباطا جسديا يتجاوز حالة الجسدية وحالة الشخصانية في الحقيقة يرتبط بهذا الموضوع ايضاً ان الانسان حينذاك يمكنه ان يعيش وهذه المرة يمكنه من خلال التعابير الواردة في الزيارات لان كما اكدت الروايات على نفس الزيارة اختار ائمتنا لنا تعابير واقية، تعابير واقية، مثلاً الزيارة الجامعة الكبيرة عندما تقرا في زيارة الجامعة الكبيرة انهم امناء الرحمن انهم خلفاء الله في ارضه انهم سيرجعون الى الدنيا وان رجعتهم حق انهم يشهدون مقامك ويسمعون كلامك الى ما هنالك من المفاهيم الكبيرة والراقية الزيارة تجعلني في الجملة اصل الزيارة تجعلني اعيش مع القيم التي كان يحملها هذا القدوة والتي لابد وان انا احملها تجاه هذه القدوة، ثانياً، اذا دخلنا في تفاصيل الزيارات وهي تفاصيل رائعة وكثيرة جداً.
المحاور: يعني هناك ترى ارتباط اولا اجمالي روحي تعيش مع المزور.
الشيخ حسان سويدان: ان اصل الزيارة يمثل حتى لو افتكرت التعابير في نفسي.
المحاور: هنا التعابير المختارة عن اهل البيت تعطي التفصيلات الارتباط على وفق ما يريد الله تبارك وتعالى.
الشيخ حسان سويدان: ترسم خط المشي في الحقيقة في الزيارة التي ينبغي انه من هنا يؤكد على اخوان المؤمنين ان تكون زياراتهم بالروايات الماثورة وبزيارات الماثورة عن اهل بيت العصمة والطهارة صلوات الله وسلامه عليه.
المحاور: اللهم صلى عليهم اجمعين، سماحة الشيخ شكراً جزيلاً على ما تفضلتم به هنالك قضية، قضية الزيارة والشرك تثار هذه الشبه حبذا لو يكون تناول له ان شاء الله ولو اجمالي في الحلقة المقبلة.
الشيخ حسان سويدان: ان شاء الله.
شكراً لضيفنا الكريم سماحة الشيخ حسان سويدان على ما تفضل به وشكراً لكم مستمعينا الافاضل على طيب متابعتكم لهذا البرنامج نستودعكم الله بكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******