في لقاء سابق حدثناك عن المقدمة التي تتضمنها زيارة الجامعة للأئمة عليهم السلام وهي الشهادتان وما تنطويان عليهما من الدلالات الخاصة بالتوحيد وبالنبوة ولكننا لم نحدثك عن الدلالات الخاصة بالنبوة وبآل النبي(ص) بالنحو المفصل وهذا ما نبدأبه الآن: لنقرأ المقدمة من جديد: (اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمداً صلى الله عليه وآله عبده ورسوله)...
من البين ان الشهادة بان محمداً(ص) رسول الله لا تحتاج الى تعقيب لوضوحها تماماً في ذهن الزائر الا اننا نعتزم في لقائنا الحالي ان نحدثك عن موضوعين فيها وهما: ان محمداً(ص) عبد الله وان الله تعالى يصلى عليه وعلى آله.
بالنسبة الى الموضوع الاول وهو ان محمداً عبد الله قبل ان يكون رسوله، تتداعى بذهن الزائر "اذا كان واعياً لما يقرأ" ان العبودية هي الاصل في كل شيء فما دام الله تعالى يؤكد بانه ما خلق الجن والانس الا ليعبدوه فهذا يعني ان العبودية او العبادة هي المستهدفة اساساً من الخلق... هنا ينبغي الا يغرب عن ذهنك بان كلمة "العبد" ليست منفصلة عن كلمة "يعبدون" او "العبادة" حيث ان كلتيهما تنتسبان الى مفهوم واحد هو: العمل العبادي الذي خلق الله تعالى الانسان من اجل ممارسته ولذلك فان الانسان الممارس لهذه العبادة يكون عبداً لله تعالى بحيث يعبده والا لانتخب النص الشرعي لمحات اخرى للتعبير عن ممارسة العمل العبادي... هذه النكتة علينا الا نغفل عنها...
واذا تجاوزناها نتجه الى الموضوع الآخر وهو الصلاة على الرسول(ص) وعلى آله. فماذا تعني؟
بالنسبة الى الصلوات على الرسول فان الموضوع بدوره لا يحتاج الى توضيح ما دام الرسول(ص) يضطلع بمهمة توصيله لرسالة الله تعالى أي الاسلام الى البشرية او لنقل ممارسة العمل العبادي. الا ان السؤال المهم جداً هو لماذا قرن النص صلوات الله تعالى على النبي(ص) بصلواته تعالى على آل الرسول؟ هذا ما ينطوي على خطورة عظمى دون ادنى شك.
طبيعياً قد يتعجل الزائر فيقول ما دامت هذه الزيارة خاصة بالائمة عليهم السلام فمن الطبيعي جداً ان تتعرض المقدمة لهم، فكما ان زيارة النبي(ص) تقترن بصلوات الله تعالى عليه كذلك فان زيارة الائمة عليهم السلام تقترن بالصلوات ذاتها...
وهذه الاجابة صائبة تماماً، بل ان العنصر البلاغي في هذه الزيارة حيث نذكرك بان الراوي لها طلب من الامام الهادي(ع) ان يعلمه زيارة كاملة وبليغة وهذا احد موارد البلاغة أي الاشتراك الصلواتي بين محمد(ص) وبين آله لكن المسألة لا تنحصر في هذا الاسلوب البلاغي بل تتعداها الى خطورة في ممارسة العمل العبادي دون ادنى شك.
طبيعياً ايضاً لا نعتزم الحديث عن آل الرسول هنا فالحديث عنهم مكان خاص ولكن بما ان الزيارة التي نحن في صدد الحديث عنها خاصة بآل الرسول(ص) الائمة عليهم السلام حينئذ فان الطرح لآل الرسول(ص) يكتسب مشروعيته ولذلك نقتصر على الاشارة الى ان الله تعالى بما انه في النصوص القرآنية الكريمة والنصوص الحديثية الكريمة قد اوضح منزلة آل الرسول(ص) وطهرهم تطهيراً وانتخبهم خلفاء للرسول(ص) وجعلهم عدل القرآن وطلب التمسك بهما لا بأحدهما فحسب لذلك فان الصلوات عليهم في الزيارة التي نتحدث عنها تكشف دلالتها الواضحة في هذا الميدان.
مضافاً الى ما ذكرناه قبل قليل وهو ان الزيارة ما دامت خاصة بهم فان الصلوات عليهم تفرض دلالتها ولكن مع ملاحظة ان الصلوات دائماً لا تنفصل عن احد الطرفين حيث وردت النصوص من النبي(ص) بالا يصلي الناس الصلاة البتراء على النبي(ص) بل عليهم ان يقرنوها مع الصلوات على آله ايضاً.
اذن: ادركنا الان جانباً من النكات الكامنة وراء الصلوات على النبي(ص) وآله، فضلاً عن الاشارة الى انه(ص) عبد الله تعالى وفضلاً عن الاشارة الى نكات اخرى تتصل بمفهوم التوحيد.
والمهم هو متابعة هذه المقدمة حيث ترد بعدها التوصية بقراءة الله اكبر مائة مرة وفق تقسيم خاص لهما وهو ما نحدثك عنه في لقاء لاحق ان شاء الله تعالى.
*******
أما الآن نتابع تقديم برنامج امناء الرحمن بهذا الاتصال الهاتفي مع سماحة الشيخ حسان سويدان اهلاً ومرحباً بكم:
الشيخ حسان سويدان: وعليكم السلام ورحمة الله.
المحاور: سماحة الشيخ من الاسئلة التي تسأل وتثار ما يرتبط بقضية زيارة الاولياء عموماً هي الادلة الشرعية فيما يرتبط بمسنونية هذه الزيارة هل هي امر اساسي ومهم ومستحب في الحياة الاسلامية؟ ام لا؟ تفضلوا.
الشيخ حسان سويدان: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين الحديث عن الزيارة وكونها سنة في السنن الثابتة في الشريعة المقدسة في الحقيقة حديث عن توضيح لأمر اوضح الواضحات كيف لا يكون كذلك والحال انك تجد مئات الروايات وفيها الصحيح بل اكثرها من نوع الصحيح من هذه الروايات يحث على زيارة قبور الانبياء والائمة والاولياء والصلحاء الذين هم في الحقيقة يمثلون القدوة في حياة الانسان لم تكتف الروايات الشريفة بالاشارة الى رجحان الزيارة ومطلوبيتها في الشريعة على الاطلاق بل تجد ان الروايات الشريفة قد شكلت مساحة واسعة في الحديث عن تفاصيل هذا العمل العبادي لا ابالغ ان قلت باننا اذا جئنا وحسبنا حساب هذه الروايات الواردة عن النبي والائمة الطاهرين عليهم السلام لا تقصر عن احاديث واردة في بعض الواجبات.
المحاور: نراجع بعض كتب المزار نجد انه مثلاً كثير من الروايات التي وردت في نصوص الزيارات او في الحق على الزيارات.
الشيخ حسان سويدان: هذه الكثرة الكاثرة من الروايات هي التي بعثت الهمة والعزم عند كثير من علماءنا الكبار لكي يؤلف مؤلفات مستقلة في المزار حتى ان بعضهم كالعلامة قولويه رضوان الله تعالى عليه وهو من كبار علماءنا لجأ الى تاليف كتاب في مضار واخذ على نفسه ان لا يودع في كل رواية وردت في المزار بل اودع في الروايات التي يراها هو معتبرة ووصفتها عن طريق الثقات اذا اردنا ان نغص في هذه الروايات تجد ان مجمل هذه الروايات تحث علي الترابط على مستوى نحوين من انحاء الترابط المستوى الاول زيارة القدواة في حياة الانسان زيارة النبي زيارة الانبياء زيارة الائمة عليهم السلام، زيارة الاولياء وزيارة الكبار العلماء. المستوى الثاني زيارة من كان في مستوى الانسان من يشكل الانسان معه لحمه وتواصل في الحياة ارادت هذه الروايات ان تشكل ايضا مع تواصل بعد الممات وهي الروايات الحاثة على زيارة قبور الصلحاء والمؤمنين، عموم المؤمنين
المحاور: بل على عموم الارحام سماحة الشيخ؟
الشيخ حسان سويدان: لا شك ولاريب في ان الارحام ايضاً وردت في زيارتهم في الحياة وفي ما بعد الممات ايضاً زوروهم في مقابرهم فانهم يعرفونكم ويأنسون بكم ايضاً على هذا الاساس لانستطيع ان نتحدث ونحن نتحدث عن سنة الزيارة عن اصل كون الزيارة السنة. لان هذا من اوضح الواضحات اذا كان ولابد من حديث فليكن الحديث عن بعض تفاصيل الزيارة وآداب الزيارة ومن يزار ومن ينبغي ان يزار لان الروايات لم تهمل اي جانب من هذه الجوانب فتراها حثت على زيارة الاولياء بحسب درجاتهم.
المحاور: عفواً سماحة الشيخ انتم ان عرضتم مجموعة من الاسئلة والوقت المخصص لهذه الفقرة قد انتهى لو سمحتم ان شاء الله تجيبون عن هذه الاسئلة في الحلقة المقبلة.
الشيخ حسان سويدان: ان شاء الله.
*******