البث المباشر

الذكاء الاصطناعي والهيمنة على النظام التعليمي للأمم

الثلاثاء 6 أغسطس 2024 - 19:17 بتوقيت طهران
الذكاء الاصطناعي والهيمنة على النظام التعليمي للأمم

تشير الدراسات إلى أن انتشار تقنيات الذكاء الاصطناعي التي طورها الغرب في الأنظمة التعليمية حول العالم يمكن أن يؤدي عن غير قصد إلى تعزيز نوع من الأمبريالية الثقافية والفكرية.

تتطور في العصر الرقمي، تقنيات الذكاء الاصطناعي بسرعة وتتغلغل في أجزاء مختلفة من العالم. وكان لهذه التقنيات آثار عميقة على مختلف القطاعات، بما في ذلك التعليم العالي.

ولكن في حين جلبت هذه التكنولوجيات العديد من الفرص الإبداعية، فإنها خلقت أيضا تحديات كبرى يمكن أن تؤدي إلى نوع من "الاستعمار الرقمي الجديد". وفي هذا المقال تم إلقاء نظرة على بعض جوانب هذه القضية.

 

التهديدات

أحد أهم التأثيرات التوعية للذكاء الاصطناعي في التعليم هو الاعتماد على التقنيات المتقدمة في الدول الغربية. وقد أدى هذا الاعتماد إلى خلق دورة من النزعة الاستهلاكية حيث تصبح المؤسسات التعليمية في البلدان النامية والأقل نموا مستهلكة دائمة لهذه التكنولوجيات بدلا من الابتكار.

ونتيجة هذا الوضع هو الحد من الاستقلالية التكنولوجية وعدم قدرة هذه المؤسسات على تطوير الحلول المناسبة للتحديات التعليمية المحددة التي تواجهها. ومن الممكن أن يؤدي هذا السيناريو إلى وقف تطوير مشهد تكنولوجي متنوع وخلق عدم مساواة تكنولوجية بين المناطق المختلفة.

من ناحية أخرى، غالبًا ما يتم تصميم الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي المستخدمة في التعليم ببيانات تعكس في الغالب البيئات الغربية والناطقة باللغة الإنجليزية. ويمكن أن يؤدي هذا التحيز إلى إنتاج محتوى تعليمي موحد ومحدود ثقافيًا.

إن الاستخدام العالمي لهذه الأنظمة يهدد بخلق نهج "مقاس واحد يناسب الجميع" والذي لا يمكن تكييفه بشكل صحيح مع السياقات الثقافية والتاريخية والاجتماعية للطلاب من الدول غير الغربية.

إن تجانس المحتوى التعليمي هذا يحرم التجربة التعليمية من أهميتها المحلية وثرائها وقد يؤدي إلى انفصال الطلاب عن المعرفة المحلية.

جانب آخر من الاستعمار الرقمي الجديد من خلال الذكاء الاصطناعي هو الإمبريالية الثقافية والفكرية. إن انتشار تقنيات الذكاء الاصطناعي التي طورها الغرب في الأنظمة التعليمية في جميع أنحاء العالم يمكن أن يعزز عن غير قصد شكلاً من أشكال الإمبريالية الثقافية والفكرية.

ومن خلال إعطاء الأولوية للمنهجيات والأطر المعرفية الغربية، قد تؤدي هذه التقنيات إلى تهميش نظريات المعرفة والتقاليد التعليمية الأخرى. وهذا الوضع يمكن أن يؤدي إلى فقدان التنوع الفكري وتآكل الهويات الثقافية.

علاوة على ذلك، يعد التوزيع غير المتكافئ لفوائد الذكاء الاصطناعي في جميع أنحاء العالم أحد التحديات الرئيسية. وفي حين أن الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على تحويل التعليم من خلال التخصيص والكفاءة، فإن المؤسسات في المناطق الغنية من العالم هي التي تمتلك غالبا القدرة المالية والبنية التحتية والخبرة اللازمة لتبني ودمج أحدث ابتكارات الذكاء الاصطناعي، وبالتالي تحسين نتائجها التعليمية.

وفي المقابل، قد تواجه المؤسسات في المناطق الفقيرة عوائق كبيرة، بما في ذلك التكاليف المرتفعة، وعدم كفاية البنية التحتية، ونقص العمالة الماهرة لتنفيذ تقنيات الذكاء الاصطناعي وصيانتها. ولا تؤدي عدم المساواة هذه إلى تعزيز أوجه عدم المساواة القائمة فحسب، بل يمكنها أيضا توسيع الفجوة التعليمية بين البلدان المتقدمة والنامية وإدامة دورة من الفقر التعليمي والاقتصادي.

 

ماذا علينا أن نفعل؟

وللمواجهة مع هذه التحديات، يجب على الجامعات ومعاهد البحوث أن تتبنى أساليب شاملة ومتنوعة. إن تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي المحلية له أهمية كبيرة. ويمكن أن يساعد الاستثمار في المشاريع البحثية المحلية وإنشاء مراكز أبحاث الذكاء الاصطناعي في تطوير الأدوات والأنظمة التي تستجيب بشكل جيد للاحتياجات والسياقات المحلية.

كما أن تنويع مجموعة البيانات وضمان تدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي على مجموعات بيانات متنوعة وتمثيلية من خلفيات ثقافية ولغوية واجتماعية مختلفة يمكن أن يساعد في تقليل التحيزات وزيادة إدراج وكفاءة هذه التقنيات في مجالات مختلفة.

ومن الضروري أيضًا تعزيز الإشراف البشري والمعايير الأخلاقية. إن الحفاظ على الرقابة البشرية في تطوير ونشر تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنشاء أطر أخلاقية في الجامعات يمكن أن يساعد في ضمان الاستخدام الصحيح والمسؤول لهذه التقنيات.

وينبغي أيضًا تشجيع التعاون الدولي وتبادل المعرفة حتى يتم تقاسم المعرفة والخبرة بشكل أكثر إنصافًا ويتمتع تطوير الذكاء الاصطناعي بوجهات نظر وابتكارات متنوعة.

الاستثمار في تدريب الموارد البشرية هو حل مهم آخر. ومن الممكن أن يساعد تطوير برامج تعليمية شاملة لتزويد الباحثين والمدرسين والطلاب المحليين بالمهارات اللازمة لتطوير الذكاء الاصطناعي في تقليل الفوارق وضمان تطوير هذه التقنيات واستخدامها لصالح المجتمعات العالمية المتنوعة.

وأخيرا، يتعين على الجامعات والمؤسسات التعليمية أن تواجه التحديات المزدوجة المتمثلة في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين التعليم ومواجهة مخاطر الاستعمار الرقمي الجديد.

ومن خلال اعتماد نهج شامل ومسؤول، يمكننا ضمان تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي واستخدامها بطريقة عادلة ومفيدة للمجتمعات العالمية المتنوعة، مما يساعد على خلق مشهد تعليمي عالمي أكثر إنصافًا وشمولاً.

 

parstoday

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة