فلسطين التي تقطر من كلماتها ومن أوراق زيتونها دماء الأطفال والنساء، أصبحت مثالاً للمظلوم بكل معنى الكلمة أمام أعين الإنسانية. وهذا المقال يلقي نظرة على الكلمة المعروفة هذه الأيام لقائد الثورة الإسلامية، أي "الجانب الصحيح من التاريخ".
إن شعوب العالم من كل طبقة ولون وعرق ولغة تتطلع إلى فلسطين وتنتظر أن ترى متى سينتهي هذا الكم الهائل من القسوة وقتل الأطفال! إنهم يريدون أن يروا متى تريد "الإنسانية" أن تستيقظ أمام الظلم الواضح للصهاينة ومؤيديهم الظالمين، وتقف شامخة وتصرخ: "أوقفوا قتل الأطفال!".
وبالطبع فإن الصهاينة المجرمين غريبون عن كلمة "الإنسانية" المشرفة، ويبدو أن سفك دماء أطفال غزة الأبرياء هواية بالنسبة لهم. ورغم أن كل هذا الألم والمعاناة والغربة لم يستطع أن يوقظ ضمير الحكام الغربيين والأوروبيين، إلا أنه أيقظ ضمير قسم كبير من شعوب العالم، صغارا وكبارا، رجالا ونساء؛ لقد أيقظت الإنسانية فيهم وأخرجتهم إلى الشوارع ليقولوا: "فلسطين حرة"، "أوقفوا قتل الأطفال"، "الموت لإسرائيل".
في هذه الأثناء، لم يكن بوسع طلاب الجامعات الأمريكية المرموقة، والتي يقبل عليها النخب من كل أنحاء العالم، وتعد مكانا علميا للنهوض ببعض العلوم، أن يقفوا ساكنين أمام هذا الكم من الجرائم، والحركات الاحتجاجية المرموقة. وأصبحت الجامعات الأميركية نقطة تحول في الدفاع عن الفلسطينيين المضطهدين.
بدأت هذه الاحتجاجات لأول مرة في جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة؛ حيث طلب الطلاب وبعض أعضاء هيئة التدريس في هذه الجامعة، من خلال نصب خيم اعتصام، من جامعتهم التخلي عن الاستثمار لصالح إسرائيل. وامتدت هذه الاحتجاجات إلى أكثر من 50 جامعة أخرى في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية وحتى بعض الدول الغربية الأخرى، مع تدخل الشرطة العنيف واعتقال بعض الطلاب والأساتذة.
في هذه الأثناء، أضاءت رسالة الإمام الخامنئي الودية الموجهة إلى الطلاب الأميركيين الأمل في قلوب الطلاب المحتجين. وخاصة عندما كتب لهم:
أعزائي الطلاب الشباب في الولايات المتحدة الأمريكية! هذه هي رسالة التعاطف والتضامن معكم. أنتم الآن تقفون في الجانب الصحيح من التاريخ الذي بدأ يقلب صفحاته.
إن الوقوف على الجانب الصحيح من التاريخ هو أحد أهم الاهتمامات التي واجهها الإنسان في منعطفات التاريخ. من الصعب جدًا اختيار الطريق الصحيح عندما تواجه معضلات صعبة. ولكن يبدو أن إحدى الأدوات المهمة في تمييز الحق من الباطل في مثل هذه المواقف هو أن يكون لديك ضمير مستيقظ وواعي.
هؤلاء الطلاب الذين نشأوا في البيئة الفكرية للديمقراطية الليبرالية في الغرب وسمعوا باستمرار شعارات مثل الحرية والمساواة والعدالة، عندما لاحظوا انتهاك هذه القضايا في سلوك حكام بلدانهم، أدركوا أن هذه الشعارات الإنسانية لم تكن إلا ادعاء وخداع. إن إرسال أسلحة وقنابل الدمار الشامل من قبل الحكومتين الأمريكية والبريطانية إلى الكيان الإسرائيلي كشف عن العمق المظلم للسياسة المادية للغرب وقيم مشينة مثل حقوق الإنسان والحرية، وأظهر أن الديمقراطية الليبرالية في الغرب ليست أكثر من أداة للهيمنة.
وبين آية الله الخامنئي في رسالته أن الغرب، بكل أدواته الإعلامية وتمويله وحتى الضغط والقوة، لم يعد قادراً على إخفاء الحقيقة وأن صحوة الحركة الطلابية تسير بقوة.
ومن النقاط المهمة الأخرى في تصريح قائد الثورة: "أنتم تقفون في الجانب الصحيح من التاريخ" مؤكداً للشباب الغربي وحتى عامة الناس في العالم أنه عندما تستيقظ روح الإنسانية في الإنسان وتفضل الدفاع عن المظلومين على مصالحه الشخصية، فهو على الطريق الصحيح الذي يرضي الله، وستشمله ألطاف الله بالتأكيد.
إن رسالة الإمام الخامنئي إلى الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الولايات المتحدة تبشر في الواقع بمستقبل مشرق. هذا هو مستقبل التاريخ المتغير والسياسة الغربية المتدهورة وبداية فصل جديد من الحياة السياسية.