عبادة الله
إن قلوبنا وأرواحنا معرضة للاستنزاف الدائم في مواجهة تحديات الحياة اليومية. علينا أن نترصد هذا الاستنزاف ونتداركه بالطرق الصحيحة وإلا لهلك الإنسان.
قد يكون الإنسان متمكنا وقويا من حيث المادة والظاهر، لكن سوف ينهار معنويا إذا لم يتدارك هذه الاستنزافات.
"ربنا الله" تعني الاعتراف بالعبودية لله والتسليم له، هذا أمر عظيم جدا؛ لكنه غير كاف.
الصّمود
ولذلك يقول: "ثم استقاموا"؛ الثبات والبقاء على هذا الطريق. وهذا هو سبب "تتنزل عليهم الملائكة" لأن ملائكة الله لا ينزلون على الإنسان بصلاحه للحظة واحدة أو فترة قصيرة. القول سهل والعمل صعب؛ لكن استمرارية العمل أصعب بكثير. البعض يقول فقط؛ بعض الناس يظهرون هذه المقولة في أفعالهم، لكنهم لا يستطيعون تحمل أحداث العالم والعواصف والسخرية والكلام الجارح والعداوة غير العادلة، فيتوقفون. والبعض لا يتوقف فحسب، بل يعود إلى الوراء.
الإنسان الذي ليس لديه حزن
السبب في ألّا يكون الإنسان حزينا هو أنه لم يفقد شيئا. أولا لإن نسبة النجاح في هذا الطريق كثيرة؛ وثانيًا، حتى إذا فقد الإنسان شيئًا، لأنه في طريقه إلى أداء واجبه الإلهي، يرتاح ضميره؛ مثل عوائل الشهداء الذين استشهد أبناؤهم وثكلوا، ولكن في نفس الوقت قلوبهم سعيدة.
الصمود الايراني وثمار الصمود الحلوة
إن توازن القوى في العالم لا يتم باستعراض العضلات ومظهر القوة العظمى فحسب؛ بل المطلوب هو الصمود. على سبيل المثال، الشعب الإيراني صمد وانتصر، سواء في الثورة أو في الحرب التي بدأها صدام بدعم أمريكي، أو في فترة ما بعد الحرب، وهو اليوم يقف وينتصر.
هذه الضغوط التي تلاحظونها - الضغط الدعائي والسياسي والاقتصادي، والتجنيد الغادر والخسيس من داخل البلاد من قبل العدو، هي لأن الشعب الإيراني، بحسب الآية الكريمة "قالوا ربنا الله ثم استقاموا"، قال كلمة الحق بصوت عال وأكد على حقه المشروع والمنطقي بأن يمسك مقاليد الأمور بيده ويقطع التدخل الأجنبي اعتمادا على دينه، واستقام على كلمته بقوة.
اليوم، وبصمود الإيرانيين، سقطت أميركا بقوتها وهيمنتها ونخوة عظمتها في عيون الأمم، واستيقظت الشعوب؛ ووجدوا الجرأة والشجاعة.
والنتيجة أن الله تعالى يرسل رحمته وبركاته؛ «تتنزل عليهم الملائكة ألّا تخافوا ولا تحزنوا». وكما نرى، لا يوجد خوف من العدو في قلوب الشباب الإيراني.
لقد أخذ الله تعالى وعداً قاطعاً: "إنّ الّذين قالوا ربّنا اللَّه ثمّ استقاموا تتنزّل عليهم الملائكة ألّا تخافوا ولا تحزنوا"؛ إن الثبات على الطريق الصحيح يؤدي إلى أن يزيل الله عز وجل الهمّ والخوف عن الإنسان والمجتمع ويفتح لهم سبل النجاح. هذا هو الطريق إلى الله. طريق الله لا يعني العبادة والجلوس في الزاوية فحسب؛ طريق الله يعني جلب السعادة للمجتمع البشري. لقد اختار الشعب الإيراني هذا الطريق؛ أي طريق العدل، طريق الإنصاف، طريق العبادة الإلهية، طريق المساواة بين البشر، طريق الأخوة بين الناس، وطريق الأخلاق الطيبة والحسنة والفضائل الإنسانية، وقد أصر على ذلك؛ لقد واجه صعوبات هذا الطريق ولم يخف منها. ومن الطبيعي أن يذيقه الله الثمار الحلوة واللذيذة لهذا الصمود.
*المصدر: parstoday