ويتحدث القرآن في سورة "الطارق" المباركة عن اليوم الذي تبلى فيه هذه السرائر وهذا أمر قطعي محتوم.
وسورة "الطارق" المباركة هي السورة السادسة والثمانون ضمن الجزء الثلاثين من القرآن الكريم وهي من السور المكية ولها 17 آية وترتيبها وفق نزول السور على رسول الله (ص) فهي السورة السادسة والثلاثون.
وتطلق كلمة الطّارق على ما يطرقُ باللّيل، وأصلها الطرق وهو الدقّ؛ حيثُ إن مَن يأتي باللّيل يحتاج إلى الطرق ليُنبّه غيره، ومنها أُخذت كلمة المطرقة والطريق، وأطرق؛ أيّ أمسك، وقيل إنّ معنى كلمة الطّارق هي الساكن. وسُمّيت سورة الطارق بهذا الاسم لأنّ الله تعالى أقسم في بدايتها بالسّماء والطارق في قوله تعالى: (وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ).
وتُبيّن السورة الإنذار بالمعاد، وفيها إشارة إلى حقيقة يوم القيامة، وتختتم بوعيد الكفّار، فتدور مواضيع السورة حول محورين:
الأول: محور المعاد والقيامة،
والثاني: محور القرآن الكريم وأهميته القيّمة.
ومِن أهمِّ الموضوعاتِ الَّتي اشتَمَلَتْ عليها السُّورةُ هي "القَسَمُ على أنَّ كُلَّ نفْسٍ عليها حَفَظةٌ مِنَ الملائِكةِ"، و"إقامةُ الأدِلَّةِ على أنَّ اللهَ تعالى قادِرٌ على البَعثِ"، و"التَّنويهُ بشَأنِ القُرآنِ الكريمِ، وصِدقِ ما ذُكِرَ فيه من البَعثِ، وإثباتُ أنَّه مِن عندِ اللهِ تعالى"، و"تهديدُ المُشرِكينَ، وتَثبيتُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم، ووَعْدُه بأنَّ العاقِبةَ للمُؤمِنينَ".
والآية التاسعة من سورة الطارق "يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ" تعدّ من الآيات الشهيرة لهذه السورة وتأتي بعد الآية "إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ" حيث تصف يوم القيامة وتؤكد أن السرائر تنكشف في ذلك اليوم فيظهر برّ الأبرار، وفجور الفجار، وتصير الأمور علانية بحيث يكون كشف السرائر مصدر فخر ونعمة للمؤمنين، ويكون سبباً لإحراج المجرمين.
وأقسم الله سبحانه وتعالى في الآية الرابعة من هذه السورة بأنّه جعل على كُل إنسان حافظاً، ثُمّ طلب منه النّظر إلى كيفيّة خلقه، لقوله تعالى: "إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ* فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ".
ووجه الربط بينهما؛ أنّه جَعل الحافظ على كُل نفس دليلاً على يوم القيامة الذي تنكشفُ فيه السرائر، ويكون فيه الإنسان من غير قوة في نفسه، ولا ناصر له من غيره، كما أقسم الله تعالى بأحوال الإنسان، وأخباره في بدايته ونهايته.