حيث تمكنت يوم الثلاثاء من إخراج عدد من الأشخاص من تحت الأنقاض على قيد الحياة، ومنهم عجوز سوري يبلغ من العمر 65 عاما، إضافة لفتاة تم انتشالها من تحت أنقاض مبنى منهار في أنطاكيا جنوب تركيا، بعد بقائهما تحت الركام لمدة 208 ساعات.
وتستمر المعجزات بالتحقق، حيث تمكن منقذون من انتشال مسنة تركية عمرها 77 عاما، من تحت الأنقاض، بعد أن مكثت 212 ساعة تحت ردم منزلها المهدم بسبب الزلزال.
ومع عدم إعلان فرق الإنقاذ انتهاء عملية البحث عن ناجين، وفي ظل نجاحهم بانتشال بعض الأحياء من تحت ركام المباني، تثار تساؤلات عن الوقت الذي يمكن للإنسان فيه البقاء على قيد الحياة تحت الأنقاض.
كريستوفر كولويل، رئيس طب الطوارئ في مستشفى زوكربيرج سان فرانسيسكو العام ومركز الصدمات، يقول، إن "هناك عددا من الأمور والمتغيرات التي تعلب دورا بذلك، كذلك لا يوجد وقت محدد يعيش من يخرج قبله ويموت من يخرج بعده، وبالتالي لا توجد إجابة محددة لهذا السؤال".
وتابع كولويل: "ولكن بالمجمل نعتقد أن الساعات 48-72 الأولى بعد الزلزال هي الأكثر أهمية، حيث بعد 72 ساعة من وقوعه غالبا نتعامل مع الجثث بدلا من الإنقاذ، ولكن هناك بالتأكيد استثناءات، وأحيانا استثناءات كثيرة".
وأوضح أن "ذلك يعتمد على الإصابات التي لحقت بالإنسان وطبيعتها، والقدرة على الحركة، والوصول إلى الهواء والماء، والعمر، والحالات الطبية الأساسية، على سبيل المثال لا الحصر".
كذلك قد يكون بعض الضحايا من المرضى المصابين بأمراض مزمنة كأمراض القلب والضغط والسكري وغيرها، وبعضهم قد يحتاج لأخذ دوائه بشكل يومي تجنبا لحدوث مضاعفات صحية خطيرة.
وحول هؤلاء المرضى، قال الأستاذ ونائب رئيس قسم طب الطوارئ بكلية الطب في جامعة كاليفورنيا، كريستوفر كولويل، إن "الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة ربما لا يصمدون طويلا تحت الأنقاض على قيد الحياة، ولكن سيعتمد ذلك أيضًا على الدواء الذي يتناولونه".
وأوضح أنه يمكن للشخص البقاء على قيد الحياة دون بعض الأدوية لفترة طويلة، مثل الأدوية المضادة لارتفاع ضغط الدم، حتى أسابيع أو أكثر، في حين أن البعض الآخر يمكن أن يكون له تأثير قصير المدى أكثر أهمية (يمكن أن تكون أدوية السكري في بعض الحالات بضعة أيام فقط مهمة جدًا)".
وتشهد بعض مناطق الزلازل هطول الأمطار، ورويت قصص كثيرة عن أناس احتجزوا لسبب ما، واضطروا لشرب بولهم للبقاء على قيد الحياة، فما حقيقة ذلك؟
يرد الطبيب كولويل بالقول: "بشكل عام، يمكن أن يكون بقاء الإنسان دون أي مصدر مائي لمدة يومين أو ثلاثة أمرا خطيرا، ولكن إذا أمكن الوصول للمطر أو الثلج، فمن المؤكد أن تكون مدة البقاء حيا أكثر، كما يمكن للأشخاص الأصغر سنا والأفضل صحة البقاء على قيد الحياة لمدة أطول دون مياه".
وتابع: "أما فيما يخص شرب البول، نعم، هناك قصص لأشخاص نجوا بعد شرب بولهم، لكننا لا نعرف ما إذا كان ذلك قد أحدث أي فرق أم لا، ولا توجد طريقة لمعرفة ذلك بالتأكيد".
ويُعد نقص الطعام أو عدم وجوده في المكان تحت الأنقاض أحد أصعب المعضلات التي تواجه المحاصرين تحت الركام، حيث لا يكفي الماء وحده إن توفر، ولهذا يبقى السؤال المهم: كم يمكن أن يبقى الإنسان على قيد الحياة دون طعام تحت الركام؟
اختصاصية التغذية هبة عاكف رصاص، قالت إن "الإنسان يمكنه البقاء على قيد الحياة لمدة ثلاثة أيام دون طعام، ولكن يجب أن يتوفر الماء للشرب، فهو ضروري جدا، ومع ذلك فالنتيجة قد تختلف من شخص لآخر، حيث يعتمد الأمر على الحالة الصحية وبنية الجسم، وفي النهاية كلها بمشيئة الله".
وحول فائدة أو ضرر شرب ماء المطر إن توفر للضحية تحت الركام، قالت هبة: "بشكل عام يمكن للإنسان أن يبقى على قيد الحياة دون شرب ماء من 3-8 أيام، وشربه لمياه الأمطار يكفي لبعض الوقت وكونه يجري سيكون نظيفا دون بكتيريا، ولكن مع مرور الوقت يبدأ جسمه بخسارة الفيتامينات والمعادن نتيجة لعدم وجود أي مصدر تغذية".
وأوضحت أن "الإنسان بشكل عام يستطيع البقاء على قيد الحياة دون طعام لمدة ثلاثة أسابيع، ولكن مع ضرورة شرب الماء، وبالطبع تتباين النتيجة وفقا لطبيعة جسم كل شخص ووضعه الصحي".
من جهتها، قالت اختصاصية التغذية تهاني الجزازي، إننا "كخبراء تغذية لا نعلم على وجه الدقة كم المدة التي يستطيع الإنسان أن يبقى فيها على قيد الحياة دون الطعام والماء، وذلك لاستحالة تجربة هذا الأمر عمليا على أي إنسان".
وتابعت تهاني: "ولكن بناء على تجارب سابقة تم رصدها في حالات طارئة كالكوارث الطبيعية ومنها الزلازل، وجد الخبراء أنه من الممكن أن يبقى الإنسان على قيد الحياة إذا بقي دون طعام لفترات طويلة، ولكن مع ضرورة شرب الماء، لكن فيما يخص شرب الماء يمكن للإنسان البقاء على قيد الحياة دونه لمدة قد تتعدى الأسبوع بأيام، ومع ذلك لا يمكن تحديد المدة بدقة، نظرا لوجود فروق في طبيعة جسم وصحة كل إنسان".
وأوضحت أن "الاختلاف في مدة البقاء على قيد الحياة بعد نضوب مصدر الطعام والشراب يعتمد على عدة أمور، أهمها العمر والوضع الصحي العام للشخص، ويُفسر مقدرة البعض البقاء طويلا على قيد الحياة دون طعام بأولا: قدرة الله، وثانيا: اعتمادا على قدرة الجسم على التكيف، وذلك عبر عمل تغيرات تلقائية على عمليات الأيض واستهلاك الطاقة المخزنة في الجسم، وبالطبع غياب الماء أخطر من غياب الطعام".
وحول ما إذا كان ما قاله بعض الخبراء سابقا بأن ماء المطر لا يصلح للشرب منه مباشرة لوجود بكتيريا فيه، قالت: إن "جواب هذا السؤال صعب، لأنه ليس بالسهولة معرفة إذا كان هذا الماء ملوثا أم لا، ولكن في النهاية في حالات الكوارث يُجبر الإنسان على فعل ما لا يفعله في الوقت الطبيعي".