وينطلق موكب عزاء طويريج من منطقة قنطرة السلام في كربلاء المقدسة باتجاه مرقد الامام الحسين عليه السلام وسط المدينة القديمة بطول يتجاوز الـ 2 كيلو متر، ويزداد المشاركون فيها عام بعد اخر.
يردد المشاركون في ركضة طويريج فقط شعار "لبيك يا حسين" في استجابة لنداء الامام الحسين عليه السلام يوم عاشوراء "هل من ناصر ينصرنا".
كيف تأسست هذه المراسيم؟
مرت هذه المراسيم كغيرها من الشعائر الحسينية بمراحل من التقييد والمنع حتى وصل الحال بممارسيها الى التخفي واقامتها بشكل عشوائي خوفا من تعقب السلطات الحاكمة في العراق التي فرضت حظرا على اقامة هذه المراسيم.
ويقول المؤرخ الكربلائي سعيد رشيد زميزم: "ان تأريخ تأسيس هذا العزاء في احد الروايات سنة 1855ميلادية وفي رواية اخرى سنة 1872ميلادية اي يكون عمر هذا الموكب قد ناهز ال150 عام".
ويضيف زميزم "مؤسس هذا العزاء هو احد اعيان مدينة كربلاء في قضاء الهندية (طويريج) الذي كان يدعى ميرزا صالح القزويني حيث كان يقيم مجلس عزاء خلال العشرة الأولى من محرم الحرام في داره وبعدها استقل فرسه مع مجموعة من محبي اهل البيت عليهم السلام وبدأوا بالركض مرددين كلمات ولائية حسينية وما ان شاهدوهم اهالي كربلاء حتى شاركوهم في العزاء".
ويشير زميزم، الى انه "عندما وصل ميرزا صالح القزويني والمعزين معه الى منطقة باب طويريج قنطرة السلام فأقاموا صلاة الظهر وبعدها انطلقوا مجددا لتأدية مراسيم عزاء ركضة طويريج بدءا من طريق طويريج باتجاه سوق ابن الحمزة احد اسواق مدينة كربلاء القديمة مرورا بسوق الصفارين والعلاوي وبعدها الى سوق الخفافين ثم الى ضريح الامام الحسين عليه السلام وتوجهوا الى اخيه ابا الفضل العباس عليه السلام".
ويمضي بالقول, " بعد ان دخلوا ضريح المولى ابا الفضل العباس عليه السلام توجه الموكب الى مكان المخيم الحسيني الشريف وهناك اعد اهالي كربلاء خيمة لحرقها استذكارا لما قام به جيش يزيد من حرق خيمة الامام الحسين عليه السلام واهل بيته واصحابه يوم عاشوراء".
وفي سبعينيات القرن الماضي حيث أنشب نظام البعث الديكتاتوري مخالبه في جسد العراق الأبي حاول جلاوزة هذا النظام منع هذه المراسم بشتى الطرق حيث مارسوا الاعتقالات والإعداملت ضد المشاركين والمنظمين لركضة طويريج إلا أن كل مساعيهم ذهبت ادراجا، وكان محبي الحسين من ابناء الشعب العراقي يشاركهم اخوانهم من بلدان اخرى وبهدف إقامة هذه المراسم يتبعون تكيكات تغيب عن اذهان جلاوزة السلطة البعثية.
وقد استمرت هذه المراسيم تقام حتى عام 1990م، إلا انه بعد الانتفاضة الشعبانية المباركة عام 1991 فرض نظام البعث القمعي (نظام صدام المقبور) حضرا تاما على اقامتها، لكن الأهالي اصروا على اقامتها وهو ما دفع اجهزة الأمن الصدامي الى شن حملات اعتقالات واعدامات على المشاركين فيها.
ورغم كل المحاولات من حزب البعث إبان تسلطه على العراق لم يفلح في منع ركضة طويريج ولو لمرة واحدة بشكل كامل، وذلك نتيجة الإصرار والتضحية التي كانت تقدمها الثلة الواعية من ابناء الشعب العراقي في سبيل احياء المراسم الحسيسنية التي كانت الخط الأحمر لدى ابناء الإسلام من محبي أهل البيت عليهم السلام.
ويقول السيد جابر الطالقاني، وهو احد خدمة موكب بطلة كربلاء: "كانت سلطات نظام البعث تنشر عناصرها على طريق مرور هذا العزاء يوم العاشر من محرم ليقوموا برصد من يشارك بهذا العزاء وخصوصا الشباب ويضعون على ملابسهم الاصباغ (رش صبغ سبري) لتمييزهم واعتقالهم".
ويضيف الطالقاني, كانوا يلاحقون بعض الشباب المشاركين ويسحبونهم الى سيارات الإسعاف ويوهمون الناس بالصراخ "مريض... مريض... مريض.." لكن الحقيقة هي انهم اعتقلوا هؤلاء الشباب.
ويضيف الطالقاني "لم تنزل راية الامام الحسين عليه السلام رغم المآسي التي مر بها البلد وعلى الرغم من تسلط الحكام المجرمين ومنعهم للشعائر الحسينية لان الله يأبى ان يطفئ نورهم".
هنا من حق الموالي للحسين عليه السلام أن يطرح سؤلاً.. لماذا تمنع هكذا مراسم لا يرفع فيها أي شعار سوى شعار "لبيك يا حسين"؟!
هل هو الحقد الأموي الذي يتوارثه الظالمون جيلا بعد جيل.. أم أن ذكر الحسين يؤرق المجرمين في كل زمان ومكان.. أم هي الحيوية التي تميزت بها نهضة الحسين عليه السلام؟
واليوم وبعد أن يأس أعداء الحسين ـ عليه السلام ـ من طمس الشعائر الحسينية عادت بشكل علني ومنظم وبتزايد مستمر من داخل العراق وخارجه، حيث يسعى المخلصون من ابناء الأمة الإسلامية لتنقيتها من كل الشوائب الدخيلة وتوجيهها بما يتناسب مع مبادئ وأهداف النهضة الحسينية.