هؤلاء الثلّة الذين قال بحقّهم الإمام الحسين (عليه السلام): (أمّا بعد، فإنّي لا أعلم أصحابًا أوفى ولا خيرًا من أصحابي..)، وذكرهم الإمام الحجّة (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) في زيارة الناحية الشريفة بقوله: (السلامُ عليكم يا خيرَ أنصار، السلامُ عليكم بما صبرتُم فنعمَ عُقبى الدار، بوَّأكم اللهُ مبوّأَ الأبرار، أشهد لقد كشَفَ اللهُ لكم الغطاء، ومَهّد لكم الوِطاء، وأجزَلَ لكم العطاء، وكنتُمْ عن الحقِّ غيرَ بِطاء، وأنتُم لنا فرطاء، ونحنُ لكم خلطاء، في دار البقاء، والسلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته).
ومن هذا المنطلق فقد أفردت مواكبُ العزاء الكربلائيّة كعُرْفٍ حسيني منذ مئات السنين، يومًا وليلة خاصّةً بأنصار الإمام الحسين(عليه السلام) وشيخهم المقدام حبيب بن مظاهر الأسدي (صلوات الله عليهم أجمعين)، وهي ليلةُ ويوم السادس من شهر محرّم الحرام، فتصدح الحناجرُ وتُنظَمُ القصائدُ وتُلطَمُ الصدور وتُقرع طبولُ المواكب، مستذكرةً وقفة هذه الثلّة المؤمنة التي وقفت مع الحقّ ضدّ الباطل.
يُشار إلى أنّ قسم الشعائر والمواكب الحسينيّة قد وضع خطّةً تنظيميّة محكمة، ضمنت انسيابيّة حركة المواكب العزائيّة من دون حدوث تقاطعٍ أو حالة زحام مع الزائرين، بدءًا من انطلاقها من الشوارع المؤدّية إلى مرقد أبي الفضل العبّاس(عليه السلام)، مرورًا بصحنه الطاهر واختتامًا بمرقد الإمام الحسين(سلام الله عليه) قاطعةً ساحة ما بين الحرمَيْن، إضافةً إلى خطّةٍ تنظيميّة أخرى لمواكب الخدمة التي انتشرت على جميع الطرقات المؤدّية للمرقدَيْن المطهّرَيْن.
ويُذكر أنّ مواكب العزاء الخدميّة والعزائيّة التي تشارك في مراسيم طقوس زيارة عاشوراء، تكون مختصّةً بأهالي محافظة كربلاء المقدّسة طيلة الـ(13) يوماً الأولى من شهر المحرّم، وهذا عرفٌ عزائيّ تمّ اتّباعُه منذ أكثر من مئات السنين.