مستمعينا الافاضل السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. الحج لقاء كبير، لقاء في حرم الله تعالى في مكة خلال ايام قليلة هي في عددها غزيرة في معناها وبركاتها، تشهد فيها جموع الحجيج هذه المناسك العظيمة الفريدة وتشهد في اضواءها منافع في الروح والعقل والمادة.
ونحن هنا نلتقي يا اخي المستمع ايضاً لقاءنا هذا لنتعرف على معالم مما يشاهده الحجيج في مدينة مكة المكرمة وما حولها من مواضع المناسك فأن فاتنا اجر الحاجين والمعتمرين فعسى ربنا تبارك وتعالى ان يمن علينا بأجر المشتاقين الذاكرين.
هذه اولاً المواقيت، مواقيت الحج، والمواقيت جمع الميقات وهو الوقت المحدد للفعل واستعيرت اللفطة للمكان ومنه مواقيت الحج لمواضع الاحرام ولابد ان يقع الاحرام للحج في اماكن معينة تسمى المواقيت والمواقيت هي مايلي:
مسجد الشجرة والحجفة والعقيق وقرن المنازل ويلملم، ثم نلم بموضع يبعد عن مكة حوالي اثني وعشرين كيلومتراً هو عرفات، عرفات المشعر المعروف من مشاعر الحج وهي فسيح من الارض محاط بقوس من الجبال يكون وتره وادي عرنه، فمن الشمال الشرقي يشرف عليها جبل شامخ هو جبل سعد ومن مطلع الشمس يشرف عليها جبل اشهب اقل ارتفاعاً من سابقه ويتصل به من الجنوب، هذا يسمى ملحة ومن الجنوب تشرف عليه سلسلة سوداء تسمى ام الرضوم اما من الشمال الى الجنوب الشرقي فيمر وادي عرنة بالنون وعرفات المشعر الوحيد من مشاعر الحج يكون خارج الحرم المكي، وكانت الحمس وهي قبائل من العرب على رأسها قريش لا تقف بعرفة بل تقف بجمع تشريفاً للحرم فجاء الاسلام فجعل الحج لا يتم الا بالوقوف يعرفة فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) «الحج عرفة» تأكيداً على ان من لم يقف بعرفة فلا حج له، عرفات او عرفة تبعد عن مكة حوالي اثنين وعشرين كيلومتراً وهي ابعد النقاط التي يقصدها الحاج عن مكة وعرفات فسحة كبيرة من الارض يفصل بينها وبين المشعر الحرام منطقة تسمى المأزمين وقد تذكر حدودها في الاحاديث بطن عرنه وثوية ونمرة وذوالمجاز وهي موضع وقوف الحجيج يوم التاسع من ذي الحجة.
ومن عرفات يفيض الحجيج الى موضع آخر من مواضع المناسك هو المزدلفة والمزدلفة احد مشاعر الحج بين منى وعرفة، يفيض الحاج اليها ليلة العاشر من ذي الحجة فيصلي فيها المغرب والعشاء قصراً وجمعاً وحدودها هي من الشمال فذير النصع وفذير الاحدب ومفجر مزدلفة ومن الجنوب جبل مكسر ووادي ضبع بعضه ومن الغرب وادي محسر وعليه علامات تنص بنهاية مزدلفة ومن الشرق مأزمان وربع المرار وقسم من ثبير النصر المأزمين، واذا كنت جائياً من عرفات الى منى فأنت تصير بين جبلين هما المأزمان فأذا جاوزت المأزمين حتى تخرج منهما الى الفضاء فذلك الفضاء اول المزدلفة ومن منى الى المزدلفة ثلاثة اميال.
مستمعي العزيز اما منى فهي احد مشاعر الحج واقربها الى مكة وفيها من المعالم الجمرات الثلاث ومسجد المرسلات ومسجد الخيف ومسجد الكبش وهذا المشعر ينزله الحاج يوم النحر وهو العاشر من ذي الحجة ويقيم فيه الى اليوم الثاني عشر او الثالث عشر وبه الجمرات الثلاث التي يرجمها الحاج، اول حد منى من ناحية مكة جمرة العقبة، اذا جئت من مكه فأنت في هبطة حتى ترقى في العقبة الى منى ومنى في ارتفاع ولا تزال في استواء وارتفاع ذاهباً تريد المزدلفة اذا صرت ان تهبط فذاك آخر منى وذلك الهبوط في وادي محسر لا تزال في ذلك الوادي حتى تصعد مرتفعاً عن الهبوط فأذا صعدت فأنت حين اذن في الخروج من الوادي ثم اذا علوت من يمينك وانت ذاهب من منى الى عرفات فوق جبل يأتي فذلك آخر وادي محسر، فأذا جاوزت آخر ذلك القرن فأنت في المزدلفة ومحسر بين منى والمزدلفة فما كان من آخر محسر فليس من منى ومحسر يلاصق منى ومنى بين واديين، هذا وتبعد منى عن مكة بنحو ست كيلو مترات وفيها كما قلنا مرمى الجمرات ومذبح الهدي فجعل يجمر من مكان الى مكان اي يقد وجمار مناسك الحج في منى هي جمرة العقبة والجمرة الوسطى والجمرة الصغرى ورجمها من واجبات الحج وبين كل جمرتين مسافة علوة سهم:
الجمرة الاولى: تقع فوق مسجد الخيف مما يلي مكة وتسمى الجمرة الصغرى ايضاً.
الجمرة الوسطى: تقع بين جمرة العقبة والاولى وهذه الوسطى والاولى هما جميعاً فوق مجسد الخيف مما يلي مكة.
وجمرة العقبة: هي اقرب الجمرات الى مكة ولا يجب في يوم العيد رمي سواها وهي عند اول منى مما يلي مكة تفرد اول ايام التشريق بالرمي والوسطى بعدها ممايلي مطلع الشمس ثم تليها الصغرى وهما ترميان في الايام الثلاثة الاخرى وتسمى كذلك الجمرة الكبرى وسميت جمرة العقبة والجمرة الكبرى لانه يرمى بها يوم النحر.
وفي منى ايضاً موضع آخر هو مسجد الخيف والخيف هو ما انحدر من غلظ الجبل وارتفع عن مسير الماء، ومنه سمي مسجد الخيف بمنى لانه بني في خيف الجبل والاصل مسجد خيف منى، فخفف بالحرف، ولمسجد الخيف تاريخ طويل وفضله مشهور يقع بسفح جبل الصابح.
قال الازرقي: في تاريخ مكة بطن ذي طوى بين ثنية مهبط المقبرة التي بالعلاة الى الثنية القصوى التي يقال لها الخضراء تهبط الى قبور المهاجرين، وبئر طوى لازالت معروفة بجرول يزورها حجاج المغاربة في المكان الذي بات فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليلة الفتح، وفي كتب الجغرافيا هو الوادي الذي يمر بين الحجون وريع الكحل ماراً بجرول حتى يجتمع بوادي ابراهيم في المسفلة وهو احد اودية مكة الثلاثة التي يتكون اليوم منها عمرانوان.
واخيراً هذا يلملم وهو وادي فحل من اودية الحجاز يسيل من السراة الدافعة جنوب غربي الطائف ثم ترفده اودية عديدة فيصب في البحر ماراً على مئة كيلومتر جنوب مكة وفيه الميقات يحرم منه اهل اليمن ويعرف اليوم الميقات بالسعدية نسبة الى بئر حفرها الشريف سعد احد ولاة مكة الحسنين فيما سبق.
قال المرزوقي: هو جبل من الطائف على ليلتين او ثلاث وقيل: هو وادي هناك.
وقال البكري: من جبال تهامة واهله كتانة تنحدراوديته الى البحر وهو في طريق اليمن الى مكة وهو ميقات من حج من هناك ويقال له الملم بالهمزة وهو الاصل والياء في يلملم بدلاً من الهمزة. ولحجاج بيت الله الحرام نقول حج مبرور وسعي مشكور الى اللقاء ودمتم بخير.
*******