السجادة في الفن الاسلامي التراثي مجلى من مجال الذوق الجمالي الرفيع وقد عرف العالم الاسلامي صناعة السجاجيد في مختلف الازمنة والبقاع ذلك ان السجادة الى جوار قيمتها الوظائفية كفرش لها قيمة جمالية ايضاً، وقد عثرت الحفريات في فسطاط مصر على قطع من السجاد ذات شأن كبير في ميدان دراسة هذه الصناعة في صدر الاسلام ومن بينها قطعة عليها بقية تاريخ يرجح انه سنة ۲۰٦بعد الهجرة، وفي بعض المتاحف والمجموعات الفنية قطع من هذا النوع تشهد بأن صناعة السجاد كانت معروفة في مصر خلال القرن الثالث وان خيوط الكتان كانت تستعمل في السدى واللحمة وان العقد كانت على خيوط اللحمة وان السجاد انذاك لم يكن كبير المساحة وفي المتحف المتروبوليتان قطعة من السجاد عليها كتابة بخط كوفي دخلته الزخرفة والراجح انها ترجع الى العصر الفاطمي ولا ريب ان صناعة السجاد كانت زاهرة في العصر الفاطمي فقد اشار المقريزي الى شهرة مدينة اسيوط في انتاج السجاد الذي يشبه سجاجيد ارمينيا كما ذكر اليعقوبي ذلك قبل المقريزي بعدة قرون.
وترجع شهرة ايران في صناعة السجاد الى العصور القديمة فقد كانت تصدره الى الاغريق ثم الى البيزنطيين ثم الى الغربيين في العصور الوسطى، كان الايرانيون يصبغون خيوط السجاد بالالوان النباتية والحيوانية قبل نسجها والسجاد الايراني كسائر السجاجيد اليدوية الشرقية له خميلة مستقلة عن رقعته والرقعة نسيج عادي له سداه وله لحمته اما الخميلة فخصل مستقلة من الصوف الممشوط تعقد من اواسطها على خيوط السدى، اما في السجاد المغربي فأن الخميلة تكون من الرقعة لانها ليست الا تنوعات خرجت بها خيوط الرقعة عن مستوى الرقعة نفسها والمعروف ان نوع العقدة يختلف بأختلاف البلاد فالعقدة الفارسية تلتف الخصلة فيها وراء خيط واحد من السدى ولا تلتف حول جاره وانما تحتضنه من تحته احتضاناً وفي كلتا الحالتين التفاف واحتضان ينتهي طرفاهما فوق الرقعة في مكانها من الخميلة اما في العقدة التركية فتلتف الخصلة الواحدة من الصوف فيها حول خيطين متجاورين من السدى بحيث تجمع بينهما من اعلى ثم يدور طرفاها غائصين في مستوى الرقعة وراء هذين الخيطين ثم يجتمعان فينفذان بينهما صاعدين معاً متلاسين الى وجه الرقعة فيحلان محلها من خميلة البساط.
ويرجع جمال السجاد الايراني وشهرته الى ابداع الوانه وتناسقها وحسن توزيعها والى متانه الصناعة والعناية بالصوف حتى لقد كانت الغنم تربى لهذه المهمة خاصة ويعنى بنظافتها ونظافة صوفها لينسج منه السجاد كما ان الحرير والخيوط الذهب والفضة كانت تدخل في صناعة السجاد الشاهاني النفيس.
ان اقدم السجاجيد الايرانية تعود الى العصر السلجوقي بيد ان صناعة السجاد الايراني قد تطورت بيطيء في العصر الاسلامي ولم تبلغ اوج عزها الا في القرن العاشر الهجري ثم بدأت بالاضمحلال منذ بداية القرن الثاني عشر الهجري، والراجح ان زخارف السجاجيد الايرانية غلبت عليها العناصر الهندسية والنباتية منذ بداية العصر الاسلامي الى القرن التاسع الهجري ومما يؤسف له ان السجاجيد التي تنتسب الى ما قبل العصر الصفوي لم يصل الينا منها شيء يستحق الذكر وما نعرفه عنها انه مستمد من رسمها في الصور الايرانية واللوحات الفنية الاوروبية التي تعود الى القرن الرابع عشر الميلادي واكثر سجاجيد صغيره ذات زخرفة هندسية او رسوم لحيوانات محورة عن الطبيعة.
وفي القرن التاسع الهجري كانت الزخارف هندسية فحسب واقدم المعروف من السجاجيد الايرانية الصوفية يرجع الى القرن العاشر ففي متحف بولدي بتزولي في ميلان سجادة مؤرخة من ۹۲۹ للهجرة وعليها اسم صانعها غياث الدين جامي. ومن اشهر السجاجيد الايرانية القديمة سجادة طولها حوالي ۱۲ متراً وعرضها حوالي ٦ امتار وهي تحفة فنية نادرة المثال محفوظة الان في متحف فيكتوريا بلندن وكانت قبل ذلك في مدينة اردبيل بضريح الشيخ صفي الدين جد الاسرة الصفوية وفي وسط هذه السجادة جامة او صرة كبيرة وحولها جامات اخرى صغيرة وبيضية والارضية تزينها رسوم الازهار والزخارف النباتية ذات الالوان البراقة اما الاركان ففي كل منا رسم يتألف من ربع جامة كبيرة حولها جامات صغيرة واطار هذه السجادة غاية في الجمال فهو مكون من اشرطة مملؤة بدوائر ومستطيلات ذات فصوص فضلاً عن رسوم الازهار والزخارف النباتية وفي طرف من اطراف مستطيل فيه بيت شعر لحافظ الشيرازي.
وكانت اهم المراكز لصناعة السجاد في ايران اصفهان وقاشان وتبريز وكرمان وهرات وقره باغ وشيراز وهمدان ويزد، وقد ذهب بعض رجال الفنون الى تقسيم السجاجيد بحسب زخارفها وذهب آخرون الى تقسيمها على طباق مراكز صناعتها بيد ان الوصول الى التقسيم الاخير ليس سهلاً ميسوراً لان البيانات الصحيحة بهذا الشأن نادرة جداً فضلاً عن المصانع في البلاد الايرانية المختلفة كانت تقلد اي طراز ينال رواجاً كبيراً ولو كان موطنه في بلد آخر، وعلامة على هذا فأن مركز الصناعة قد يكون قرية وقع عليها الاختيار كسهولة الوصول اليها ولكثرة المواد الاولية حولها في حين يكون تصميم السجاد واعداده في مصانع البلاط في العاصمة او في بلد كبير آخر ومع ذلك فأن بعض المراكز الفنية كانت تحتفظ بمنتجاتها بمزايا خاصة والحق ان من الممكن تقسيم السجاجيد الايرانية الى انواع مختلفة بحسب زخارفها كما يمكن نسبت بعض هذه الانواع الى مصانع بعض المدن الايرانية المعروفة ولكن بعض المدن الاخرى لا يمكن ان تنسب اليها انواع بعينها كما ان بعض الانواع لا سبيل الى نسبتها الى اي مدينة محددة.
ومن اهم انواع السجاجيد الايرانية ذات الصرة او الجامة في وسطها وكانت تصنع على الخصوص في شمال ايران ولاسيما في تبريز وكذلك في قاشان وتتكون زخارف هذه السجاجيد من صرة او جامة في الوسط ذات اشكال مختلفة او فصوص وقد يمتد من طرفي الجامة العلوي والسفلي موضوع زخرفي او اناء معلق الى جانبي السجادة والغالب ان تكون الاركان ارباع جامات والارضية من رسوم الازهار والفروع النباتية المحورة عن الطبيعة فضلاً عن رسوم السحب الصينية واستعملت فيها الالوان الاحمر والاخضر والازرق بمختلف درجاته والاصفر والابيض والرمادي وقد يحدث ان تدخل رسوم الحيوانات والطيور في زخارف السجاجيد ذوات الجامات.
اما السجاجيد ذات الرسوم الحيوانية فالراجح ان المراكز الرئيسية لصناعتها كانت في شمال ايران في القرنين العاشر والحادي عشر بعد الهجرة وقد تدخل الرسوم الادمية في زخارف بعض هذه السجاجيد فترى رسوم عشرات الحيوانات فوق ارضية من الازهار والاشجار وتقوم بينها رسوم الفرسان في الصيد ومن ابدع السجاجيد المعروفة من هذا النوع سجادتان مشهورتان احداهما كانت محفوظة في متحف فينا والاخرى في متحف الفنون الزخرفية بباريس ومن اجمل السجاجيد ذات الرسوم الحيوانية البحتة سجادة حريرية تنسب الى قاشان وزخارفها في ستة صفوف ويبدو فيها الاسد والفهد والنمر والتنين والغزال وابن آوا والثعلب والارنب على ارضية من الاشجار والازهار والاطار من مراوح نخيلية يحف بكل منها طائران بريان وقد يعني في رسوم بعض السجاجيد الايرانية ذات الرسوم الحيوانية برسوم الارضية من ازهار ونبات بحيث لانكاد ندري لاي العنصرين يمكن ان تكون الصدارة وايهما يمكن اعتباره الزخرفة الثانوية ويبدو هذا جلياً في سجادة من صناعة تبريز محفوظة في متحف المنسوجات بمدينة ليون، كما ان رسوم الحيوان تبدو ثانوية في زخارف بعض السجاجيد الايرانية الى جانب الجامات والازهار والنبات ومن امثلة هذه السجاجيد واحدة في متحف المتروبوليتان.
*******