البث المباشر

شرح فقرة: "يا من لا يبرمه إلحاح الملحين"

السبت 9 إبريل 2022 - 15:36 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- شرح دعاء علقمة: الحلقة 6

 

نواصل حديثنا عن الادعية المباركة ومنها دعاء علقمة او صنوان وهو الدعاء الذي يقرأ بعد زيارة عاشوراء وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه وانتهينا من ذلك الى مقطع ورد فيه (يا من لا يبرمه الحاح الملحين) ان هذه العبارة نظراً لما تتضمنه من نكات خاصة قفررنا ان نحدثك عنها مفصلاً وهذا ما نبدا به الان.

العبارة تقول (يا من لا يبرمه الحاح الملحين)، وهي فقرة يحسن بنا ان ندقق فيها حتى نثري معرفتنا بالله تعالى لكن لننقلك اولاً الى تجاربنا البشرية وهو امر يتصل بردود الفعل او الاستجابات الصادرة عن مالكي الوسائل او لنقل بمن يمتلك مصدراُ لاشباع الاخر، وفي هذا السياق نقول ثمة بشر يبخل عن تقديم المساعدة للاخرين وهذا ما لا نعنى بالاشارة اليه ولكننا ننقلك الى من لديه استعداد لاشباع الاخرين وحينئذ نتساءل ما هي الاستعدادات التي تسمح له بالمساعدة؟ ولنفترض ان استعداده كبير للغاية ولكن هل لديه ما يمكن تصوره لاشباع ذوي الحاجات جميعاً؟ طبيعياً كلا، اذن ليس بمقدوره مساعدة الجميع.

ثمة نمط آخر لا مانع لديه من المساعدة ولكنه محدود من زاوية بنائه النفسي أي ان استعداده للمساعدة محدود فلو طلبت من شخص ما مساعدة ما، ثم كرر الطلب مرات ومرات حينئذ فان الشخصية المذكورة تجزع من السائل ومن ثم تمتنع في النهاية من مساعدته وحتى لو فرضنا ان جزع الشخصية لا يحجزها عن المساعدة فان الجزع نفسه مؤشر على نقص في الشخصية بحيث من الممكن ان تنهر السائل او تعطيه ولكن من خلال المن عليه.

اذن نحن الان امام التجربة البشرية التي تبرهن لنا بان طاقاتها او وسائل اشباعها محدودة واذا لم تكن محدودة وهذا محال حينئذ فان طاقتها النفسية تظل محدودة بحيث تجزع من السائل الذي يلح عليها او تنهره او تهينه او تمن عليه في احسن ما نحتمله منها، ولكن لننتقل الى الله تعالى فماذا نجد؟

يقول النص (يا من لا يبرمه الحاح الملحين)، ان الالحاح بحد ذاته في نطاق التجربة البشرية محظور دون ادنى شك حيث تمنع النصوص الشرعية من عملية الالحاح وتعتبره تعبيراً عن ذل الشخصية وهوانها من جانب كما تعتبره أي الالحاح ابتعاداً عن مصدر الرزق وهو الله تعالى ولكن الالحاح لو نقل الى الله تعالى فان المسألة تأخذ مجالاً آخر.

تعالى يأمرنا بان نلح في الطلب اليه سواءًً في الحاجات المهمة او العادية وسبب ذلك من الوضوح بمكان كبير بمعنى انك اذا لححت على الله تعالى فانما تنطلق من معرفة كاملة بعظمة الله تعالى ورحمته التي لا حدود لها فما دام الله تعالى هو المصدر لجميع وسائل اشباع الشخصية ولا حول ولا قوة الا به في الامور جميعاً حينئذ فان التوجه اليه والالحاح في الطلب اليه يعد تعبيراً عن ادراكنا للمصدر في اشباع جميع حاجاتنا حيث لا احد سواه يمتلك فاعلية في الاشباع.

ولكن لندع هذا الجانب ونتجه الى عملية اخرى هي انه تعالى لا يبرمه الحاح الملحين، وهذا ما نبدأ بتوضيحه الان ان معنى لا يبرمه الحاح الملحين، هو انه تعالى لا يجزع من الالحاح عليه على العكس من الادميين تماماً فانت مهما الححت عليه وجدته مستجيباً لطلبك سواءاً كانت الاستجابة آنية او آجلة وسواءً كانت الاستجابة في دفع بلاء عنك او آخرها الله تعالى لك يوم القيامة.

فالمهم هو ان الالحاح لا يجعله تعالى يسأم بل العكس حيث نجد نصوصاً شرعية تقول بما مؤداه ان الله تعالى يؤخر قضاء الحاجة لعبده حتى يسمع صوته متكرراً وهذا يعني ان العكس تماماً هو الملاحظ بالنسبة الى الله تعالى حينما يلح العبد عليه في طلبه.

اذن الالحاح في الطلب في الدعاء يظل من الظواهر التي يندب العباد اليها وهو امر يكشف عن العظمة والرحمة لله تعالى بحيث يجعل العبد متحسساً بقيمته عند الله تعالى وبأن له منزلة عند الله تعالى تجعله غير متردد في الالحاح على الله تعالى في جميع اموره وهذا هو المطلوب دون ادنى شك.

اذن امكننا ان نتبين قيمة العبارة القائلة يا من لا يبرمه الحاج الملحين، وهذا ما يدفعنا ال ان نلح على الله تعالى في الامور جميعاً كما نساله ان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة