البث المباشر

شرح فقرة: "يا من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ويا من لا تخفى عليه خافية..."

السبت 9 إبريل 2022 - 15:34 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- شرح دعاء علقمة: الحلقة 4

 

لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة ومنها دعاء علقمة او دعاء صفوان ونعني به الدعاء الذي يقرأ بعد زيارة عاشوراء المشهورة حيث حدثناك عن مقاطعه الاولى سابقاً ونتابع مقطعاً جديداً منه وهو (يا من يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور، ويا من لا تخفى عليه خافية)، هذا المقطع يتحدث عن الله تعالى من حيث اطلاعه على ما هو خفي من الاشياء ومنها ما يتصل بسلوك البشر السلبي منه والايجابي، في مقطع الدعاء الذي نتحدث عنه يشير الى علم الله تعالى باحد ضروب السلوك السلبي وهو خائنة الاعين ونحدثك عن هذا الضرب من السلوك فنقول: ورد اكثر من تفسير لعبارة او سمة (خائنة الاعين) ويستطيع القارئ للدعاء ان يستلهم جملة دلالات من ذلك فمثلاً مما ورد عن هذه السمة في النصوص الواردة عن المعصومين عليهم السلام ومن سواها يمكننا ان نستل من العبارة ذاتها دلالتها اللغوية وهي خيانة الاعين ولعلك تسأل فتقول الخيانة بالنسبة الى العين تنسحب على جملة احتمالات منها ان العين بما انها موظفة لاستثمارها في العمل العبادي الذي خلقنا الله تعالى من اجله حينئذ فان الخارج عن التوظيف المذكور يظل اما نظراً لا فائدة فيه او نظراً يترتب عليه الضرر كالنظر المحرم والمكروه والسؤال الان هو ما هي المفردات من السلوك المرتبط بما هو محرم ومكروه؟
ولعل النظر الى ما يحرم النظر اليه جنسياً كنظر الرجل الى المرأة الاجنبية او نظر المرأة الى الرجل الاجنبي يظل من اقرب معاني الخيانة بصفة ان الخيانة هي عدم الالتزام بما هو امانة في الاعناق.

ولذلك نستخلص سريعاً بان العين الخائنة هي العين الناظرة الى ما لا يحل النظر اليه في نطاق الممارسات او النشاط الجنسي.

هنا يجدر بنا ان نتابع الاحتمالات الاخرى الواردة في هذا الشأن ايضاً ومن ذلك ما ورد من النصوص التأويلية ما يشير الى ان المستهدف من العبارة القائلة (يعلم خائنة الاعين)، احد اشكال الغمز بالعين سواءاً كان الغمز عدوانياً او غيره فانت حينما تغمز بعينك شخصاً امام الآخر فهذا يعني انك تعيبه وهذا ذنباً عظيم دون ادنى شك لانه ايذاء للمؤمن كما هو واضح وحتى في حالات تبدو وكأنها عادية نجد ان المعصوم(ع) يمنع اصحابه من السلوك المعادي وهذا من نحو ان تشير بعينك دون ان يعلم من تشير اليه بذلك مما لا يرتضيه يعد احد مصاديق الغمز او خيانة الاعين.

بعد ذلك نواجه سمة اخرى من معالم اطلاعه تعالى على خفايا الامور وهي ما عبرت العبارة عنه بجملة وفقرة (وما تخفي الصدور)، ونعتقد ان هذه العبارة لا تحتاج الى توضيح، ولكن مع ذلك يحسن بنا ان نعرض لها ولو عابراً.

ان الصدر كما هو واضح ومستخدم في المجال اللغوي يبقى مخزناً او رمزاً لما هو خفي من الامور فاننا ما لم ننطق بكلمة او ما لم نمارس عملاً يظهر ما تستبطنه المحافل حينئذ لا يستطيع احد ما ان يقرأ ما في صدرك من الامور وهذا ما حسمه الله تعالى حينما المح الى انه وحده تعالى يعلم ما تخفيه صدورنا من الاسرار.

طبيعياً ينبغي الا تفوتنا الاشارة الى ان الله تعالى منح المعصومين عليهم السلام ما يستطيعون من خلاله ان يعلموا ما في الصدر، لما جعل هذه الكرامة للسالكين من عامة الناس ولكن ذلك يظل محدوداً من جانب، ومشروطاً بكيفيات خاصة لا مجال للحديث عنها الان، الا ان المهم هو ان نتابع هذه الفقرات المتحدثة عن انه تعالى عالم بكل شيء ومنها العبارة القائلة (يا من لا تخفى عليه خافية)، حيث ان العبارة هي تتويج لسابقتها أي بخائنة الاعين وما تخفي الصدور والسؤال هو ماذا نستلهم من عبارة (يا من لا تخفى عليه خافية)؟ أي لماذا انتخب الدعاء كلمة "خافية" وما هي النكات فيها؟ في تصورنا ان هدف الدعاء من استخدام عبارة "خافية" الاشارة الى انه مهما صغر او تنوع ما يمكن تصوره عن مفردات السلوك والاشياء من الوجود فان الله تعالى عالم بذلك ولكنه أي الدعاء اكتفى بالاشارة الى موردين هما خائنة الاعين وما تخفي الصدور.

ختاماً نساله تعالى ان يوفقنا ال ان نغض ابصارنا عما هو محرم ومكروه، وان يجعل صدورنا لا تحمل سوى نزعات الخير، وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة