البث المباشر

قصة أهتداء مؤلف الخصائص الحسينية الى الطمأنينة

الأربعاء 31 أكتوبر 2018 - 10:52 بتوقيت طهران

السلام عليكم إخوة الإيمان والولاء تحية طيبة وأهلاً بكم في لقاءٍ آخر مع حكايات الذين اهتدوا بالحسين – عليه السلام-، وقد اخترنا لهذا اللقاء حكاية من اهتدى الى السكينة والطمأنينة وعظيم الأمل ببركة صاحب النفس المطمئنة الحسين – عليه السلام- كما جاء في وصف الإمام الصادق عليه السلام لجده سيد الشهداء.

لقد نقلنا لكم في الحلقات السابقة من هذا البرنامج حكايات أشخاص من أديان ومذاهب مختلفة إهتدوا الى الدين ببركة الحسين – صلوات الله عليه- وملحمته الخالدة. أما في هذه الحلقة فننقل لكم حكاية من نوعٍ آخر هي حكاية أحد كبار علماء الامامية ومراجع الدين هو آية الله الشيخ جعفر التستري مؤلف كتاب الخصائص الحسينية ننقلها مما كتبه _رضوان الله عليه_ بقلمه الشريف في مقدمة هذا الكتاب، تابعونا على بركة الله.
 

في بداية اللقاء نعرفكم أولاً_وبأيجاز_ بصاحب هذه الحكاية، إنه المولى الزاهد الشيخ جعفر التستري بن المولى حسين الذي يرجع نسبه الى بني النجار، من أعلام علماء الإمامية ومراجعهم في القرن الهجري الثالث عشر، صاحب المؤلفات العديدة في المعارف الإسلامية فقهاً وأصولاً وعقائد ومواعظ، وقد توفي- رضوان الله عليه- ليلة زيارة الأربعين الحسينية العشرين من صفر سنة ثلاث وثلاثمائة وألف للهجرة في محافظة كرمانشاه الايرانية وهو في طريق زيارته الى العراق لزيارة مولاه الحسين _عليه السلام_.
 

يحكي لنا أية الله الشيخ التقي جعفر التستري حكاية إهتدائه للطمأنينة والسكينة بالحسين _عليه السلام_ في مقدمة كتابه القيم ( الخصائص الحسينية) ومنه ننقلها مختصرة، قال رضوان الله عليه: "لما إشتعل الرأس شيبا... ورأيت أني ذرفت على الستين ولم أظفر بعد على ثمرةٍ لأيامي الماضية...وعلمت أنّ الباقي يمضي على نحو الماضي خاطبت نفسي الجانية اللاهية... يا ويحك مضى ربيع الشباب... يا مسافرةً بلا زاد...أما سمعت قول الله "إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ"...الحذر الحذر فقد دنوت الى المنازل المهولة والكف صفر والطريق مخوف...ثم خاطبتها بكل كتاب وبلسان كل نبي وإمامٍ ووعظتها بكل الألسنة، وبعد ذلك كله حصل لي تنبه يسير وتذكر قليل مع عزمٍ فاتر، فتواردت عليّ حالات خوف تقرب من اليأس يتبعها رجاء يورث السكون والإطمئنان"
 

ثم يستطرد العلامة التقي جعفر التستري في تفصيل الحالات التي مرّ بها وهو يسعى الى السكون والطمأنينة. فاستعرض الوسائل الى الله وحاسب نفسه عليها بصدق الأتقياء الورعين، قال – رضوان الله عليه – وهو العالم المتبحر في النصوص الشريفة: (لقد نظرت الى الإيمان الذي هو مدار قبول الأعمال ومناط حصول النجاة من الأهوال فلم أجد في نفسي علامة من علائمه... ثم نظرت الى الأعمال الحسنة والطاعات والقربات فوجدت لصحتها وقبولها شرائط لم أجد التوفيق لها ولو لمرة واحدة فعند ذلك تحقق الخوف وأوشك أن يغلب عليّ القنوط.
 

ثم عرضت علي الحالة الثانية... وهي أني من أمة النبي الأمي صلى الله عليه وآله ومن شيعه علي _عليه السلام_ وأني من الموالين لأهل البيت عليهم السلام وهم السبيل الأعظم والعروة الوثقى والفلك التي من ركبها نجى فحصل لي الرجاء...ثم تحققت لي الحالة الثالثة وهي أني رأيت الدخول في أمة النبي يحتاج الى إئتمامٍ واقتداء فبمن إقتديت؟ وإن صدق التشيع لعلي يحتاج الى متابعة له في صفة أو عمل فبأي شيءٍ تابعته؟
وصدق الشخص في كونه موالياً ومحباً لأهل البيت _عليهم السلام_ يحتاج الى تحقق علائم المحبة والولاية ولا أجد _في نفسي_ واحدةً منها، فتحقق الإضطراب وغلب عليّ الخوف....
 

مستمعينا الأفاضل ثم يبين العلامة التقي الشيخ التستري العامل الأساس الذي فتح أمامه أبواب الرجاء الصادق وهداه الى سبيل النجاة من الخوف والإضطراب وبلوغ ساحل السكينة والإطمئنان، قال _قدس سره الشريف_ وهو يشير الى ما إستنبطه من النصوص الشريفة:-
(إني أمعنت النظر في الوسائل المتعلقة بالأئمة _عليهم السلام_ فرأيت أجلها فائدة وأعظمها مثوبة وأعمها نفعاً وأرفعها درجة وأسهلها حصولاً وأكثرها طرقاً وأيسرها شرائط وأخفها مؤنة وأعظمها معونة ما يتعلق بسيد شباب أهل الجنة ووالد الأئمة السيد المظلوم أبي عبد الله الحسين- عليه السلام-. …فرأيت له خصوصيةٌ في التوسل الى الله قد تفرد وإمتاز في ذلك حتى عمّن هو أفضل منه، فإنّ للتفاوت في الفضيلة مقاماً ولوحدتهم مقاماً... وللخصوصيات مقام آخر...فرأيت في الحسين خصوصية في الوسيلة الى الله.../كلهم أبواب الجنان لكن باب الحسين أوسع، وكلهم سفن النجاة، لكن سفينة الحسين مجراها في اللجج الغامرة أسرع، ومرساها على السواحل المنجية أيسر، وكلهم مصابيح الهدى لكن الإستضاءة بنور الحسين أكثر وأوسع، وكلهم كهوف حصينة لكن منهاج كهف الحسين اسمح وأسهل. فعند ذلك خاطبت النفس وشركائها فقلت: هلموا الى هذه الأبواب الحسينية فادخلوها بسلام آمنين، هلموا الى مرساة هذه السفينة الحسينية فاركبوا فيها باسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم...
ولتكتحل أعينكم بنور الحسين الناظر إليكم...ثم إزدادوا شوقاً لأني إستشعرت به من نفسي علائم الإيمان التي يئست منها سابقاً...
ثم شرح آية الله الشيخ الورع جعفر التستري علائم الإيمان التي وجدها ببركة التفاعل الوجداني مع سيد الشهداء- صلوات الله عليه-، قال رضوان الله عليه: (لقد عثرت بهذه الخصائص على الأعمال الصالحة...من وجوه الأول: أنه _عليه السلام_ قال "أنا قتيل العبرة ما ذكرت عند مؤمنٍ الا بكى" فوجدت ذلك في نفسي عند ذكر اسمه، فاستدللت به على وجود شيءٍ من الايمان ولو ذرة على الأقل تنجي من الخلود في النار وقد إتصف جميع الأنبياء بالبكاء عند ذكره.
الثاني: أني وجدت أنه إذا دخل شهرالمحرم عرضت لي الكربة والحزن والتأثر فإستدللت بذلك على أثر من ولاية الأئمة – عليهم السلام- فإنهم قالوا "شيعتنا خلقوا من فاضل طينتنا وعجنوا بنورولايتنا يصيبهم ما أصابنا" وقد دلت الأخبارعلى ظهور الكآبة والحزن على أئمتنا عليهم السلام مع دخول شهر المحرم...فبعروض الإنكسار للقلب عند هلال المحرم يستدل على ثبوت العلاقة معهم – عليهم السلام- .ثم إني لما رأيت علامات الإيمان ووثق رجائي وإطمأنت نفسي عرضت عليّ الحالة الخامسة وهي أني تأملت الأمر فقلت في نفسي: إنّ هذه علامة لوجود جزءٍ من الإيمان فلعله لا ينجيك...لعله يذهب وينطفئ بأدنى صدمة فيزيغ القلب، فما إطمئنانك به؟ فاضطربت ثم عرضت لي الحالة السادسة وفيها ما يبعث على تكميل الايمان وذلك أني وجدت في وسائل الحسين – عليه السلام – ما يبعث على تكميل الايمان وتقويته وإستقراره مثل [ما روي] "أن من زاره كان كمن زارالله في عرشه"، فإن زيارة الله كناية عن نهاية القرب إليه عزوجل وهذا لا يكون للايمان المستودع والقلب الذي يعلم الله منه الزيغ بعد الهداية...فاطمأننت بذلك...ومنّ الله عليّ برجاءٍ إنتهى إليّ الأمر إذ قد تتابعت فيها وجوه إطمئنان القلب وترادفت وجوه الأمن وسكون القلب تترى وذلك بملاحظة خواص عجيبة لهذه الوسائل الحسينية وبعد تيقن ذلك، ختمت المكالمة مع النفس، وتحقق الرجاء الواثق الخالص بالوسائل الحسينية، فتوجهت الى صاحبها وعقدت معه عقد الوسائل بتأليف كتاب جامعٍ لخصائصه التي إمتاز بها...)
 

مستمعينا الأفاضل ونختم الحديث بالإشارة الى الكتاب الذي ألفه المرجع الديني أية الله الشيخ جعفر التستري هو بمثابة تفصيل للأدلة الشرعية قرآنا وسنة التي إستدل بها للإهتداء بسيد الشهداء- عليه السلام- في رحلة الحصول على النفس المطمئنة الى الله وأوليائه – عليهم السلام-. وبهذا ينتهي لقاؤنا بكم في حلقة اليوم من برنامج (بالحسين إهتديت) تقبل اله– منكم جميل المتابعة، ومن إذاعة صوت الجمهورية الإسلامية في ايران
تقبلوا منا خالص الدعوات ودمتم في رعاية الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة