البث المباشر

السيدة فاطمة بنت الحسين(ع)

الأربعاء 26 يونيو 2019 - 08:47 بتوقيت طهران
السيدة فاطمة بنت الحسين(ع)

وثواكل لما دفعن عن البكاء

والنوح رددت الشجى لهواتها

زفراتها لو لم تكن مشفوعة

بالدمع اضرمت السما جذواتها

وعلى الايانق من بنات محمد

في الشمس تصلى حرها اخواتها

طلع فجر الحادي عشر من المحرم بعد تلك الوقعة الرهيبة، يوم قتل سيد شباب اهل الجنة ابو عبد الله الحسين، واهل بيته والخيرة من اصحابه جاء اعوان عمر بن سعد بالابل ليحملوا عليها كرائم الوحي ومخدرات الرسالة، الى الكوفة، ولكنهن طلبن ان يكرب بعضهن البعض، فسار بهن الحادي من ساحة الطف، فشاهدت بنات الرسالة، وفيهن فاطمة بنت الحسين تلك الابدان الزواكي على رمال كربلاء مقطعة متناثرة ثم سار ركب الاسر الحسيني وفيه يتامى آل الرسول، وثواكل آل محمد صلى الله عليه وآله، متجهاً نحو الكوفة افيعقل ذلك؟! اجل، بذلك حدثت كتب التاريخ ورواته وقالت: كان في الركب بنت جليلة، هي فاطمة بنت الحسين.
ان جلالة هذه العلوية الطاهرة فاطمة بنت الحسين ابن علي بن ابي طالب عليهم السلام، وعظم شأنه، اوضح من ان يحتاج الى بيان، فهي عالمة محدثة، تركت آثاراً جليلة في التاريخ الاسلامي، حتى انها ساهمت في نجاح ثورة ابيها الحسين صلوات الله عليه مع عمتها زينب الكبر وبقية اخواتها.
عرفت بالعبادة والزهادة، وقد ضربت خيمة على قبر زوجها الحسن المثنى بن الامام الحسن المجتبى، فكانت تصوم نهارها وتقم ليلها الى سنة. وكانت فاطمة بنت الامام الحسين رضوان الله عليها من راويات عصر، قال ابن حجر العسقلاني في "تهذيب التهذيب" روت عن ابيها الحسين، واخيها زين العابدين، وعمتها زينب بنت علي، وجدتها فاطمة الزهراء، وابن عباس وبلال المؤذن واسماء بنت عميس، نعم، وكانت رواياتها على غاية من الاهمية ثم كان لها شرف ايداع الامام الحسين وصيته عندها كما جاء عن الامام محمد الباقر عليه السلام، ان الحسين سلام الله عليه لما حضره ما حضره دعا ابنته الكبرى فاطمة فدفع اليها وصيته في كتاب ملفوف مدرج، فلما استشهد دفعت ذلك الى اخيها علي بن الحسين، ثم صار الى آل البيت عليهم السلام. هكذا روى الكليني في "اصول الكافي" وابن شهر آشوب في "مناقب آل ابي طالب".
واما في شأن واقعة الطف الكبرى، فكانت فاطمة بنت الحسين ان خرجت مع ابيها الى كربلاء، حتى كان ما كان، ودخلت الكوفة مع ركب السبايا، وكان لها في قصر عبيد الله بن زياد خطبة اذهلت العتاة المردة، افتتحت خطبتها تلك بحمد الله تعالى والاقرار الشهادتين، ثم عرضت قصة شهادة ابيها واخوتها باسلوب حكيم وعبارات رزينة صورت فيها الوان القتل والتمثيل، وترجمت خلال ذلك اشجان القلوب وانبت اهل الكوفة فخاطبتهم بقولها: "اما بعد يا اهل الكوفة، يا اهل المكر والغدر والخيلاء انا اهل بيت ابتلانا الله بكم، وابتلاكم بنا، فجعل بلاءنا حسناً وجعل علمه عندنا وفهمه لدينا، فنحن عيبة علمه، ووعاء فهمه وحكمته، وحجته على الارض في بلاده لعباده، اكرمنا الله بكرامته، وفضلنا بنبيه محمد صلى الله عليه وآله فكذبتمونا، وكفرتمونا، ورأيتم قتالنا حلالاً، واموالنا نهباً كما قتلتم جدنا بالامس، وسيوفكم تقطر من دماءنا اهل البيت، لحقد متقدم، ويلكم! اتدرون اية يدٍ طاعنتنا منكم؟ واية نفس نزعت الى قتالنا؟! تباً لكم يا اهل الكوفة أي تراث لرسول الله قبلكم، وذحول له لديكم، ثم غدرتم باخيه علي بن ابي طالب عليه السلام جدي، وبنيه عترة النبي الاخيار، وافتخر بذلك مفتخركم:
نحن قتلنا علياً وبني علي بسيوف هندية ورماح!

وسبينا نساءهم سبي ترك

ونطحناهم فأي نطاح!

حسدتمونا ويلاًَ لكم على ما فضلنا الله تعالى.

فما ذنبنا ان جاش دهر بحورنا

وبحرك ساج لا يواري الدعامصا

ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم، ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور.
عند ذلك ارتفعت الاصوات بالبكاء والنحيب، وقالوا لها: حسبك يا ابنة الطاهرين، فقد احرقت قلوبنا، وانضجت نحورنا، واضرمت اجوافنا، فسكتت ويرحل ركب السبايا من الكوفة الى الشام حتى يدخل قصر الطاغية يزيد، ليشمت من رسول الله في قتل عترته، وقد وضع راس الحسين في طست من ذهب كما ذكر اليافعي في "مرآة الجنان"، وجاء في "الكامل" لابن الاثير ان النساء كن خلفه، فقامت سكينة وفاطمة ابنتا الحسين تتطاولان للنظر الى راس ابيهما، فلما رأينه صرخن بالبكاء، وذكر الطبري في تأريخه ان يزيد اخذ قضيباً وجعل ينكث فم الحسين ويقول: يوم بيوم بدر! اما فاطمة بنت الحسين فقد صرخت في القصر في وجه يزيد قائلة له: ابنات رسول الله سبايا يا يزيد؟! فبكى الناس، وبكى اهل داره، حتى علت الاصوات!

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة