البث المباشر

تفسير موجز للآيات 25 الى 30 من سورة سبأ

الإثنين 13 إبريل 2020 - 13:38 بتوقيت طهران

إذاعة طهران-نهج الحياة: الحلقة 780

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وأفضل الصلاة وأتم التسليم على محمد واله الطيبين الطاهرين مستمعينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تحية طيبة لكم وأهلا بكم في هذه الحلقة من نهج الحياة اذ نتوقف عند الايات 25 حتي 30 من سورة سبأ المباركة والبداية مع تلاوة مرتلة للايات 25 إلى 27 من هذه السورة المباركة.

قُل لَّا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴿٢٥﴾ 

قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ ﴿٢٦﴾ 

قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُم بِهِ شُرَكَاءَ ۖ كَلَّا ۚ بَلْ هُوَ اللَّـهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿٢٧﴾

مستمعينا الكرام أشرنا في الحلقة الماضية إلى أن رسول الله دعى الناس إلى طريق الحق وصراط مستقيم لكي يتدبروا ويميزوا بين الصواب والخطأ و لا شك فإن كل فرد هو المسؤول عما تصدر منه من سلوكيات وتصرفات . وعليه فإن الايات تؤكد أن كل نفس رهينة بما عمل و أن الله هو الذي سيحكم بين العباد . هو الذي خلق السموات والأرض وهو عليم بجميع أحوال الناس و لا يحكم بين الناس إلا بالعدل. إن تمييز الحق من الباطل ليس بالامر اليسير و يوم القيامة ليس محلا لمزاعم ومدعيات الناس و الله تعالى سيحكم بين العباد على أساس علمه و يميز بين الحق والباطل و اهلهما.

الكرام الاية التالية تكشف عن زيف معتقدات المشركين بحيث تنفي صحتها وتصرح بأنها لا تكون سوى ظنون غير حقيقية ليس إلا . و هي معتقدات غير مستندة إلى العقل . إن الاصنام التي يعبدونها لم تتكون سوى من مجموعة من أعواد وأحجار لا تليق بأن تكون شريكا لله تعالى في الخلق أو في تدبير السموات والارض .

نتعلم من هاتين الايتين:

  • يعتمد ميزان الأعمال يوم القيامة على معيار الحق والباطل وليس القرابة النسبية أو العرقية والاثنية . فالأعمال توزن وتقيم بمعيار الحق والعدالة .
  • عند الحوار مع المعارضين يجب أن لا نسميهم بالمجرمين والمذنبين . فقد قال رسول الله ( ص) للمشركين : لَّا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ .
  • لا أحد ممن جعلهم المشركون شركاء لله تعالى سواء الاصنام أو الملائكة فهم لا يجوزون لانفسهم هذا الأمر .إلا أن الانسان بجهله جعلهم شركاء الله تعالى فاصل

والان ننصت إلى تلاوة الاية 28 من سورة سبأ:

وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٢٨﴾

تتحدّث الأية المباركة حول نبوّة الرّسول (ص)، والآيات التي تليها تتحدّث حول المعاد، ومع الأخذ بنظر الإعتبار الآيات السابقة والتي تحدّثت عن التوحيد، نصبح أمام مجموعة كاملة من بحوث العقائد، تتناسب مع كون السورة مكية.

أشارت الآية إبتداءً إلى شمولية دعوة الرّسول (ص) وعمومية نبوّته لجميع البشر فقالت: (وما أرسلناك إلاّ كافّة للناس بشيراً ونذيراً).فالاية تصرح ان الله لم يرسل الرسول إلاّ لجميع الناس و هذا ما يؤكد عالمية دعوة الرّسول (ص).

وعليه فمحتوى الآية شبيه بسورة الفرقان (تبارك الذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً).وكذلك الآية 19 من سورة الأنعام (واُوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ).

فعن الرسول (ص) يقول: "اُعطيت خمساً ولا أقول فخراً، بعثت إلى الأحمر والأسود، وجعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً، واُحلّ لي المغنم ولا يحلّ لأحد قبلي، ونصرت بالرعب فهو يسير أمامي مسيرة شهر، واُعطيت الشفاعة فادّخرتها لاُمّتي يوم القيامة"

نستلهم من الأية دروسا عدة نذكر منها:

  • رسالة نبي الاسلام رسالة عالمية و لا تخص جماعة أو عرقا دون آخر.
  • أهم صفة للأنبياء في دعوتهم الناس إلى الهدى أنهم مبشرون ومنذرون.
  • الانبياء لم يجبروا احدا على اعتناق الدين بل إنهم دعوا الناس إلى طريق الله فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر .

 

والان مع تلاوة الايتين 29 و30 من سورة سبأ المباركة:

وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴿٢٩﴾

 قُل لَّكُم مِّيعَادُ يَوْمٍ لَّا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ ﴿٣٠﴾ 

بناءً على ما أشارت إليه الآيات السابقة من أنّ الله سبحانه وتعالى يجمع الناس ويحكم بينهم ، تورد هذه الآية سؤال منكري المعاد كما يلي: (ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين). لقد طرح هذا السؤال من قبل منكري المعاد على الرّسول الأكرم (ص) أو الأنبياء الآخرين مراراً، احيانا لفهم وإدراك هذا المطلب، وأغلب الأحيان للإستهزاء والسخرية من قبيل: أين هذه القيامة التي تؤكّدون ذكرها مراراً وتكراراً، لو كانت حقّاً فمتى ستأتي؟ إشارة منهم إلى أنّ الإنسان الصادق في إخباره يجب أن يعلم بجميع جزئيات الموضوع الذي يُخبر عنه.ولكن القرآن الكريم يمتنع دائماً عن الإجابة الصريحة عن هذا السؤال وتعيين زمان وقوع البعث، ويؤكّد أنّ هذه الاُمور هي من علم الله الخاصّ به سبحانه وتعالى، وليس لأحد غيره الإطلاع عليها.

ترشدنا الاية إلى تعاليم منها:

  • لا يعلم ساعة القيامة احد سوى الله تعالى حتى حبيبه وخاتم رسله (ص).
  • على الانسان بدلا عن السؤال حول ساعة حدوث القيامة المبادرة إلى إصلاح النفس وتهذيبها كي لا يدخل ساحة القيامة خالي الوفاض.

ايها الاكارم وصلنا الى ختام هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة على أمل ان يبنى حياتنا على نهج القران الكريم نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة