البث المباشر

تفسير موجز للآيات 89 الى 93 من سورة النمل

الثلاثاء 7 إبريل 2020 - 14:53 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 694

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم لك الحمد حمد الشاكرين، وصل وسلم على الرسول الأمين وآله الطاهرين..

إخوة الإيمان أهلاً بكم في لقائنا الجديد هذا وبرنامج نهج الحياة.

في حلقة هذا اليوم نبقى دقائق مع تفسير ما تبقى من سورة النمل المباركة، نستهله بالآيتين التاسعة والثمانين والتسعين:

مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ﴿٨٩﴾

وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿٩٠﴾

 

في الحلقة السابقة من البرنامج، دار الحديث حول نهاية العالم وقيام الساعة.

الى ذلك، تبين هاتان الآيتان وهما تشيران الى كيفية الجزاء على أفعال الفريقين أن من جاء بالحسنة وهي كلمة التوحيد والإخلاص، وكمالها وشرطها الإلتزام بالولاء كما ورد في حديث سلسلة الذهب المشهور وغيره، يحصل ببركة هذه الكلمة على الخير وهو الثواب والأمان من العقاب، فخير ههنا إسم لا بمعنى الأفضل، ذلك إن ما من شيء خير من الإيمان والتوحيد والولاء.

وقيل أن هذا الخير الذي ينتج من التوحيد والولاء هو رضوان الله ورضوان من الله أكبر وهو الذي يجعل الموحدين آمنين من الفزع الأكبر يوم القيامة، إذا أطبقت النار على أهلها فزعوا فزعة لم يفزعوا مثلها فأهل الجنة آمنون من ذلك الفزع أما (من جاء بالسيئة) وهي المعاصي الكثيرة من كفر وشرك (فكبت وجوههم في النار) أي أبقوا في النار منكوسين على وجوههم، وكل ذلك نتيجة للأعمال التي عملوها في الدنيا.

أفادتنا الآيتان:

  •  ما يفوق الحسنات وصالح الأعمال أهمية، حفظها من آفات كالرياء والعجب والخطيئة فإنها تذهب الخيرات وتحوا كذلك دون بلوغها السعادة الحقيقية والأمن في الآخرة.
  •  ما يجزي الله به العباد يفوق الصالح من أعمالهم، ولا يعاقب إلا بما يناسب الخطايا والذنوب.

نبقى الآن مع الآيتين المباركتين الحادية والتسعين والثانية والتسعين وهما:

إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَـٰذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ ۖ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿٩١﴾

وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ ۖ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ ﴿٩٢﴾

 

في أواخر سورة النمل تبين هاتان الآيتان والثالثة بعدهما، أن ما جاء به الرسول لمشركي مكة، هو الكلام لما يلزمهم بنبذ الأصنام بعد ما بلّغ وحذّر وأنذر، ففي قوله "إنما أمرت" الى آخره، تكلم عن لسان النبي فهو في معنى: قل إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة وهي مكة المشرفة بإضافة الرب إليها، وتوصيفها بالحرمة وفيه تعريض لهم حيث كفروا بهذه النعمة، نعمة حرمة بلدتهم ولم يشكروا الله عليها بعبادته عزوجل بل عدلوا الى عبادة الأصنام..

أما قوله عزوجل "وله كل شيء" ففيه إشارة الى سعة ملكه تعالى رفعاً لما يمكن أن يتوهم أنه إنما يملك مكة التي هو ربها، فيكون حاله حال سائر الأصنام يملك الواحد منها على عقيدتهم جزءاً من العالم كالسماء والأرض وبلدة كذا وقوم كذا وأسرة كذا، فيكون تعالى معبوداً كأحد الآلهة واقعاً في صفهم وفي عرضهم.

وقوله "وأمرت أن أكون من المسلمين" يعني الذين أسلموا لله سبحانه فيما أراد ولا يريد إلا ما يهدي إليه الخلقة وتهتف به الفطرة وهو الدين الحنيف الفطري الذي هو ملة إبراهيم عليه السلام.

أما قوله " وأن أتلو القرآن" أي عليكم يا أهل مكة وأدعوكم ال ما فيه من خالص التوحيد "فمن اهتدى" الى الحق والعمل بما فيه "فإنما يهتدي لنفسه" لأن ثواب ذلك وجزاءه يصل إليه دون غيره "ومن ضل" عنه لم يعمل بما فيه ولم يهتد الى الحق، فأقول له "إنما أنا من المنذرين" الذي يخوفون بعقاب الله من معاصيه ويدعون الى طاعته.

أفهمتنا الآيتان:

  •  الأنبياء ملزمون بطاعة الله المطلقة، فإنهم لا ينطقون عن الهوى بل هو وحي يوحى.
  •  على الأنبياء ودعاة الدين إبلاغ الناس آيات الله البينات وانهم غير مسؤولين عن قبول الناس ذلك أو رفضه، أو بإيمانهم وكفرهم، كما يشير لذلك قوله تعالى في سورة العنكبوت الآية الثامنة عشر: وَإِن تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ

والآن في ختام سورة النمل المباركة نصغي وإياكم إخوتنا الأعزاء الى الآية الثالثة والتسعين:

وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا ۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴿٩٣﴾

 

هذه الآية وهي الأخيرة في السورة، معطوفة على قوله تعالى: "فقل إنما أنا من المنذرين" وتفضي الى التشكر لله على عظيم نعمه القرآن الكريم الذي فيه هدى ورحمة للناس أجمعين، وعلى رسول هو رحمة للعالمين، همه الأخذ بيدهم الى طريق السعادة والرشاد.

يقول تعالى مخاطباً الرسول الأمين محمد صلى الله عليه وآله وسلم: "وقل الحمد لله" أي إعترافاً بنعمته إذ اختارني لرسالته وقوله "سيريكم" أي الله "آياته" يعني يوم القيامة "فتعرفونها" أي تعرفون أنها على ما أخبرتم بها في الدنيا، وقيل معنى آياته العذاب في الدنيا والقتل ببدر فتعرفونها أي تشاهدونها، ورأوا ذلك ثم عجلهم الله الى النار، أما قوله تعالى "وما ربك بغافل عما تعملون" ففيه تذكر بأن الله عالم بجميع ذلك فيجازيكم عليه وإنما يؤخر عقابكم الى وقت تقتضيه الحكمة.

ما تعلمناه:

  •  نزول القرآن وبعثة الرسول الأكرم، نعمتان كبيرتان توجبان الشكر أبداً.
  •  ما شاهدناه من آيات الله حتى الآن إنما هو الجزء اليسير منها، مع تطور العلوم سيتضح للعالم الجديد من الآيات وما يشير الى قدرة الخالق وعظمته جل وعلا.
  •  إن الله يمهل لا لغفلة منه أو تجاهل وتهاون والعياذ به لا بسواه، فهو الناظر لأعمالنا أبداً، وهذا شأن من شؤون ربوبيته سبحانه هو وحده، فإنه يمهل ولا يهمل.

إنتهت هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة.. بانتهاء هذه الحلقة نأتي مستمعينا الأفاضل الى نهاية تفسير سورة النمل المباركة، نرجو أن يكون قد نال رضاكم.

نحن بانتظار آراءكم ومقترحاتكم البناءة.. نستودعكم الله والى اللقاء في حلقة جديدة وسورة جديدة من البرنامج وتفسير آي أخر من القرآن الكريم..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..ِ

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة