البث المباشر

تفسير موجز للآيات 86 الى 88 من سورة النمل

الثلاثاء 7 إبريل 2020 - 12:44 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 693

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم لك الحمد حمد الشاكرين وصل وسلم على النبي المصطفى وآله..

إخوة الإيمان .. سلام من الله عليكم ورحمته.. مرة أخرى معكم في حلقة جديدة من برنامج نهج الحياة وتفسير آي أخر من سورة النمل المباركة.

نستمع أولاً الى الآية السادسة الثمانين:

لَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴿٨٦﴾

 

فيما تقدم، من آيات سبقت هذه الآية ورد التأكيد علة وجود يوم القيامة وحقيقة المعاد دحضاً للمعاندين المكذبين بهذه الآيات باعتبار أن كثيراً من الناس في صم وعمى من استماع كلمة الحق والنظر في آيات الله والإعتبار بها، ثم ذكر دابة الأرض وأنه سيخرجها آية خارقة للعادة تكلمهم وأنه سيحشر فوجاً من كل أمة من المكذبين فيعاتبهم فتتم عليهم الحجة بقولهم بغير علم بالآيات لإعراضهم عنها.

وفي الآية هذه وبخهم سبحانه ولامهم على تلك تكذيبهم بالآيات متجاهلين أنهم كانوا يرون الليل سكناً لهم والنهار يبصرون بضيائه ويدركون بنوره ما يدل على التوحيد والبعث والنبوة... فالمراد بالآيات، العلامات الدالة كما مرّ على وحدانية الله والنبوة والمعاد وما الى ذلك من حقائق المعارف، منها على الإنسان أن يسكن فيما من شأنه أن يسكن فيه وهو الليل الذي يضرب بحجاب ظلمته على الأبصار، ويتحرك فيما من شأنه أن يتحرك فيه وهو النهار الذي يظهر الأشياء بما في ذلك منافع الحياة، ما يستدعي الإنسان الى السكوت عما عجبته عنه ظلمة الجهل، وعدم التكلم بغير علم وعدم تكذيب ما لا به علم والإيمان بآيات الله البينات.

أفهمتنا الآية:

  •  تتابع الليل والنهار، من آيات الله الدالة على علم خالق الكون وتدبيره عزوجل لشؤون خلقه وهي تدعونا الى التبصر في هاتين الظاهرتين وعدم الإنشغال بأمور الحياة اليومية، والنأي عما يشغلنا عن أمر ديننا ودنيانا وعن الكون والخليقة.
  •  مردّ ظاهرة ظاهرتي النوم واليقظة في آيات، الإيحاء الى الموت والبعث كل يوم في الحياة الدنيا.
  •  وجوب انسجام برنامج الحياة وتطابقها مع نظام الطبيعة؛ أي الليل للراحة والنوم والنهار للعمل وكسب لقمة العيش، كما يشير لذلك قوله تعالى "وجعلنا الليل لباساً وجعلنا النهار معاشا" وبناءً على هذا فإن الإبقاء في حالة اليقظة الى منتصف الليل والنوم لمنتصف النهار مغاير لنظام الخلق أو الإبداع والطبيعة.

والآن نبقى مع قوله تعالى في الآية السابعة والثمانين من سورة النمل المباركة:

وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّـهُ ۚ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ ﴿٨٧﴾

 

تعرض الآية مرة أخرى لموضوع البعث معيدة للأذهان مقدمة اليوم ذاك أي النفخ في الصور، فكما هو في القرآن ينفخ مرتين في الصور مرة وهي الأولى في نهاية العالم وهي ما تشير إليه هذه الآية والتي يموت بها الأحياء بدليل قوله: "ويوم ينفخ في الصور" أي اليوم الذي يقع على الناس القول بما ظلموا واختلف في معنى الصور فقيل هو صور الخلق جمع صورة، ويكون معناه يوم ينفخ الروح في الصور فيبعثون.

وقوله "ففزع من في السموات ومن في الأرض" يعني ماتوا لشدة الخوف، وهذا ما يدل عليه قوله عزوجل في موضع آخر"فصعق من في السموات ومن في الأرض"

والملك المكلف بالنفخ في الصور، حسب الروايات هو إسرافيل.. وهو من ملائكة الله المقربين.

ويتضح من الآية:

  • إن فناء الحياة الدنيا يتزامن مع موت الأحياء كلها الأرضية منها والسماوية بنفخة مفزعة في الصور وصرخة مهولة ورهيبة.
  • في السموات أيضاً أحياء، مثلهم كمثل من في الأرض لهم كذلك حشر وقيامة.
  • الموت لا يختص بالإنسان فحسب، فسائر الأحياء والموجودات بما فيها الملائكة أيضاً ستموت يوماً إلا من شاء الله بقاءه حياً كالشهداء وغيرهم.

نصغي الآن وإياكم للآية المباركة الثامنة والثمانين من سورة النمل:

وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ ۚ صُنْعَ اللَّـهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ۚ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ﴿٨٨﴾

 

بما أن الآية واقعة في سياق آيات القيامة، فهي ترتبط أيضاً بالقيامة وتصف بعض ما يقع يومئذ من الآيات وهو سير الجبال، وفي ذلك قوله تعالى أيضاً: "وسيرت الجبال فكانت سراباً" وتقول الآية "وترى الجبال تحسبها جامدة" أي واقفة مكانها لا تسير ولا تتحرك كما يبدو، علماً بأنها تمر مر السحاب ولكن لا ترى حركتها لبعد أطرافها كما لا ترى سير السحاب إذا انبسط لبعد أطرافه ولعل في ذلك إشارة الى حركة الأرض ودورانها – بما فيها جبالها – حول نفسها.

تعلمنا الآية:

  • لا فكاك بين حركة الجبال وحركة الأرض، فالأرض هي الأخرى تتحرك.
  • اللافت أن القرآن، أخبر قبل نحو ألف سنة عما أخبر به غاليلة وغيره من العلماء، عن حركة الأرض.. وهذا من معجزات المصحف الشريف العلمية.
  • حركة الجبال، تحاكي في سرعتها حركة السحب، أما الأرض، فإنها رغم حركتها الدورانية السريعة الوضعية منها والإنتقالية، تبدو جامدة لا تتحرك.. وهذا من عجائب آياته جل وعلا.
  • من آياته كما يدلنا القرآن، أنه خلق الأشياء كلها على وجه الإتقان والإحكام والإتساق وما في خلقه سبحانه من نقص أو خلل وتفاوت، فهو الذي أحسن كل شيء خلقه.

إنتهت هذه الحلقة، موعدنا بمشيئة الله في حلقة قادمة. على أمل اللقاء نستودعكم الله جميعاً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة