البث المباشر

تفسير موجز للآيات 57 الى 60 من سورة النمل

الثلاثاء 7 إبريل 2020 - 09:26 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 687

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم لك الحمد حمد الشاكرين وصل وبارك على النبي الخاتم محمد وآله..

إخوة الإيمان السلام عليكم وطابت أوقاتكم بكل خير...

معكم أعزاءنا المستمعين في حلقة جديدة من برنامج نهج الحياة وتفسير آي أخر من سورة النمل المباركة إليكم أولاً تفسير الآيتين السابعة والخمسين والثامنة والخمسين:

فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ ﴿٥٧﴾ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا ۖ فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ ﴿٥٨﴾

 

مرّ بنا أن قوم لوط بدل الإيمان لدعوته ما أجابوا (إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون) أي يتنزهون عن أفعالنا.. وقد قالوا ذلك تهكماً واستهزاءً.

وههنا تبين الآيتان المتقدمتان أنه: ما إن أتم الله حجته على القوم العتاة الظالمين أنفسهم حتى أنزل عليهم العذاب بعد أن أوحى الى لوط بأن يخرج وغيره من المؤمنين من القرية نجاة له ولمن معه إلا إمرأته التي همزة وصل بين القوم وما في بيت لوط من أخبار، ولذلك صارت (من الغابرين) أي: الباقين في العذاب الذين أمطر الله عليهم مطراً هو الحجارة (فساء مطر المنذرين) الذين أنذرهم النبي لوط وأعلمهم بمكمن الأخطار ليتقوها.

علمتنا الآيتان:

  •  السكوت على خطايا الغير والتعاون مع الجناة ذنب ويعاب عليه.
  •  عند الله، الضوابط تحكم الروابط، فإمرأة لوط وابن نوح عليهما السلام، كانا من المقربين الى هذين النبيين، إلا أنهما أخذا بغضب الله، بينما إمرأة فرعون كتب لها الجنة.
  •  الزهد والعفة والتقوى في الدنيا، منارة ومنجاة من غضب الله وسخطه جل وعلا.

والآن، نستمع وإياكم أعزاءنا المستمعين، للآية التاسعة والخمسين من سورة النمل المباركة:

قُلِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ وَسَلَامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ ۗ آللَّـهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٥٩﴾

 

بعد ذكر قصص الأنبياء المارة أسماؤهم، هكذا تخاطب الآية النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم، وبالتالي أتباعه الصادقين فتأمرهم بحمد الله شكراً على نعمه بأن وفقهم للإيمان.

فقوله عزوجل: "قل الحمد لله" أمر بتحميد الخالق وفيه إرجاع كل حمد إليه تعالى لما تقرر بالآيات السابقة أن مرجع كل خلق وتدبير إليه جل جلاله وهو المفيض كل خير بحكمته والفاعل لكل جميل بقدرته.

وقوله عزوجل "وسلام على عباده الذين اصطفى" أي أن الأمن لهم من الله الذي اجتباهم واختارهم حججاً على خلقه وهم الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. ومعنى السلام عليهم أنهم سلموا مما عذب الله به الكفار، لا سيما سيدهم النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وآله المعصومين الذين هم حجج الله على خلقه من الأولين والآخرين؛ ثم قال سبحانه مخاطباً المشركين من أهل مكة (ءالله خير أما يشركون) يعني: هل أن الله خير لمن عبده أم الأصنام لعابديها، وهذا إلزام الحجة على المشركين بعد ذكر هلاك الكفار، والمعنى: إن الله تعالى نجّى من عبده من الهلاك، والأصنام لم تغن شيئاً عن عابديها عند نزول العذاب، وإنما قال ذلك لأنهم توهموا في عبادة الأصنام خيراً.

أفادتنا الآية:

  •  إن ما يلزم الحمد على نعم الله مدح عباده الصالحين أيضاً.
  •  إن أولياء الله أحياءً عند ربهم يرزقون، فإنهم يبادلونا التحية ويجيبونا السلام، ويسلم عليهم حتى الخالق سبحانه وتعالى.

نبقى الآن مع قوله تعالى في الآية الستين من السورة:

أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا ۗ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ ۚ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ﴿٦٠﴾

 

أفضت الآية السابقة لقوله تعالى "ءالله القادر خير أما يشركون به؟؟!" والآية هذه تشير لمظهر من مظاهر علم الله وما يدل على قدرته جل وعلا والتي قضت بخبق صنوف النعم في الأرض، ثم عدد سبحانه في الآية هذه الدلائل على توحيده ونعمه الشاملة التي لا تعد ولا تحصى لعباده قائلاً "أمن خلق السموات والأرض" وتقديره (هل أن ما تشركون به خير أم من خلق السموات والأرض وأنزل لكم من السماء ماءً) أي غيثاً ومطراً لمنافعكم ولأجل معاشكم... وهذا ما لا يقدر عليه إلا الله القادر على كل شيء.

ثم قال (فأنبتنا به حدائق) أي رياضاً وبساتين (ذات بهجة) أي: ذات منظر حسن يسر الناظرين ثم احتج عليهم بقوله سبحانه (ما كان لكم أن تنبتوا شجرها) (ما) هنا نافية أي: لم يكونوا قادرين على إنبات ما في الرياض والبساتين من الشجر، ثم أجاب عزوجل بقوله متسائلاً من المشركين: (ءإله مع الله) وهذا إستفهام إنكاري معناه هل معه – عزوجل – معبود سواه أعانه على صنعه، ثم حسم الجواب بقوله:

(بل هو قوم يعدلون) أي: يشركون بإله غيره يعني كفار مكة.

أفهمتنا الآية:

  • التفكر أو التدبر في الخلق، السبيل الأولى لمعرفة الله عزوجل.
  • ندرك قدرة الله في التكوين وخلق العالم متى ما أدركنا عجزنا عن إنبات ولو شجرة واحدة.
  • إن الله هو المدبر لأمور الكون وعالم الخلقة، لكن بأسبابه وواسطاته، مثلما ينبت الشجر وينمو النبات بنزول المطر.

الى هنا إخوتنا الأعزاء نأتي على نهاية هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة، على أمل اللقاء بكم في حلقة جديدة من البرنامج، نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة