البث المباشر

تفسير موجز للآيات 217 الى 227 من سورة الشعراء

الأحد 5 إبريل 2020 - 17:25 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 676

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم لك الحمد حمد الشاكرين والصلاة والسلام على النبي الخاتم أبي القاسم محمد صلى عليه وعلى آله وسلم.

إخوة الإيمان السلام عليكم وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (نهج الحياة) وتفسير ما تبقى من سورة الشعراء نستهله بالآيات من المائتين والسبع عشرة الى المائتين والعشرين:

وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ ﴿٢١٧﴾

الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ ﴿٢١٨﴾

وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ﴿٢١٩﴾

إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴿٢٢٠﴾

 

تدعو هذه الآيات الكريمة النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – الى التوكل على الله لمواجهة فإنه عزوجل هو القادر على كل شيء، ولو شاء فلا غالب له وهو الذي يرعى أوليائه في جميع أحوالهم.

أفهمتنا الآيات:

  •  أن نتوكل على الله العزيز الرحيم السميع العليم القادر على كل شيء والغالب لكل غالب، لا على المال والجاه والمقام وقدرة هذا وذاك.
  •  إن أولياء الله يحظون بعناية الخالق ورعايته الدائمة.

والآن نستمع الى الآيات من المائتين والحادية والعشرين الى المائتين والثلاث والعشرين من سورة الشعراء المباركة:

هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَىٰ مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ ﴿٢٢١﴾

تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ﴿٢٢٢﴾

يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ ﴿٢٢٣﴾

 

تعرض الآيات مرة أخرى لإفتراءات أعداء الإسلام القائلة إن القرآن إنما هو إلقاءات الشيطان على النبي فتؤكد: أن الشياطين تنزل على كذاب فاجر عامل بالمعاصي وهم الكهنة و "أكثرهم كاذبون" ذلك أنهم يستمعون بدورهم لما يقوله الشيطان ويفتريه وتشجيعه على الترويج لهذه الأكاذيب وإشاعة الفساد والخطيئة. بينما لم تتسم حياة نبي الإسلام وإلا بالصدق والأمانة والسيرة الحسنة وأن دعوته ما هي إلا الطهر والنزاهة والخير والإحسان ونبذ الظلم والفساد، بينما الشيطان لا ينفك عن إشاعة الرذيلة والخيانة والفساد والوسوسة الى مثل هذه الأعمال الدنيئة، فكيف يمكن نسبة ما ينزل عليه – صلى الله عليه وآله – الى الشيطان؟

ما تعلمناه من هذه الآيات:

  •  إن خبائث السرائر هي مواطن نزول وساوس الشيطان.
  •  الكذب مصدر الكثير من الخطايا والذنوب والسمع، بوابة دخول الشيطان وساوسه الى قلوب الناس وأفئدتهم.

والآن نبقى مع الآيات من المائتين والأربع والعشرين الى المائتين والسبع والعشرين وهي آخر سورة الشعراء المباركة:

وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ ﴿٢٢٤﴾

أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ ﴿٢٢٥﴾

وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ ﴿٢٢٦﴾

إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّـهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا ۗ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ﴿٢٢٧﴾

 

هذه الآيات وهي الختامية في سورة الشعراء تفند بدورها كذب المعاندين وتقول رداً على ما افتروه على النبي صلى الله عليه وآله، إنه ليس شاعراً وإن ما يقوله حقيقة لا خيال شاعر. فقد كان في عهد الرسول في الجزيرة العربية ومنطقة الحجاز بالذات شعراء كثيرون من قريش وغيرها كم تميز شعر أكثرهم بالعصبية الجاهلية والمجون والنزاعات القبلية وزعموا أنهم يقولون ما يقوله الرسول الخاتم صلى الله عليه وآله من بديع الكلام وقالوا الشعر واجتمع إليهم غواة من قومهم يستمعون أشعارهم ويروون عنهم هجوهم للنبي صلى الله عليه وآله ومن معه.

فهؤلاء هم الشعراء الذين تذمهم هذه الآيات قيل أراد بالشعراء هنا الذين شغلهم الشعر عن القرآن والسنة وقيل أيضاً: هم الذين إذا غضبوا سبوا وإذا نطقوا كذبوا وقيل إنهم أيضاً هم الذين إذا غضبوا سبوا وإذا نطقوا كذبوا. وقيل إنهم القصاص الذين يكذبون في قصصهم ويقولون ما يخطر ببالهم. وروي عن الإمام الصادق عليه السلام: هم قوم تعلموا وتفقهوا بغير علم فضلوا وأضلوا.

لقد كان الواحد من هؤلاء الشعراء ينظم الشعر بما تجود به قريحته وينسجه الخيال دون تحقيقي أو علم عادة غلاة في المدح أو الذم (وأنهم يقولون ما لا يفعلون) أي يحثون على ما لا يفعلونه وينهون عما يرتكبونه هم... ثم استثنى سبحانه من جملتهم قائل (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات) وهم شعراء المؤمنين الذين لم يشغلهم الشعر عن ذكر الله ولم يجعلوا الشعر همهم (وانتصروا) من المشركين للرسول والمؤمنين (من بعد ما ظلموا) أي: الذين انتصروا بما يحبون الإنتصار به في الشريعة وهو كقوله: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. أي: رد على المشركين ما كانوا يهجون به المؤمنين.

تفهمنل الآيات:

  •  الفن له قيمته إذا كان أساسه الصحيح من المبادئ الفكرية ويخدم الناس والصالح العام، لا إذا كان يشيع الباطل من الأفكار والإلقاءات الشيطانية.
  •  الشعر في الفكر الإسلامي له قيمته إذا كان يشيع القيم الإسلامية ويروج للمثل والمعنويات السامية في المجتمع، لا إذا كان يدفع الشباب ويسوقهم الى ما هو تافه ولا يفيد ولا ينفع.
  •  يستنكر القرآن، ما يضل الناس ويلهيهم عن ذكر الله ويحثهم على الباطل وتوافه الأمور شعراً كان، أم قصة، أم فيلماً سينمائياً أم محاضرة لا خير فيها لكن الآية هذه تشير الى الشعر لجماله تأثيره الخاص، خاصة في ذلك العصر.
  •  إن الله لبالمرصاد بالنسبة للظالمين.

الى هنا إخوتنا الأعزاء تأتي الى نهاية هذه الحلقة حتى برنامج نهج الحياة.. والتي بها نأتي أيضاً الى نهاية تفسير سورة الشعراء المباركة.

على أمل أن نلتقيكم في حلقة أخرى وتفسير سورة أخرى من القرآن الكريم، نستودعكم الله وفي أمانه وحفظه.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة