البث المباشر

تفسير الآيات الكريمات من الثانية حتى الخامسة من سورة الحمد المباركة

الإثنين 20 يناير 2020 - 08:18 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 2

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين السلام عليكم مستمعينا الأفاضل واهلا ومرحبا بكم في حلقة أخرى من برنامج نهج الحياة.

 

مستمعينا الكرام في الحلقة الماضية تعرفنا على مكانة سورة الحمد المباركة وتحدثنا عن آية البسملة، وفي هذه الحلقة نتناول الآيات الكريمات من الثانية حتى الخامسة من فاتحة الكتاب لنتعرف بشكل أفضل على الذات المقدسة للخالق العظيم جل جلاله إذ في هذا ما يجعلنا أكثر معرفة بالواجبات الشرعية التي ينبغي الإتيان بها ولنستمع الى الآية الثانية:

الْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٢﴾

الله جلت عظمته هو مبدع هذا الكون الفسيح بكل ما فيه من حيوانات ونباتات وجمادات والسموات والأرضين، وهو تبارك وتعالى الذي علم النحلة على أي نبات تتغذى وكيف تصنع خليتها، إنه تباركت أسماءه هو الذي علم النمل كيف يدخر للشتاء الطعام اللازم وهو الذي يجعل حبات القمح تنبت سنابل والأشجار تعطي ثمارا إنه بديع السموات خلقهن طباقا وجعل الشمس سراجا والقمر فيهن نورا وجعل الفلك تجري بأمره جلت عظمته.

أجل مستمعينا الأفاضل إنه الله تعالى الذي خلقنا من ماء مهين ثم جعل تعالى النطفة في قرار مكين وأنشأنا خلقا كاملا وإنسانا ناضجا يقاوم جسمه الأمراض ويدفع عن الصدمات.

لقد أبدع الباري صورة الإنسان أيما إبداع فجسمه يرم عظامه ويعيد فيه جريان دمه، بل إن هدايتنا وتربية أرواحنا وتزكية نفوسنا هي الأخرى من عطايا الرب الكريم، لقد وهبنا تعالى العقل والشعور ومن علينا أن بعث لنا الرسل والأنبياء (عليهم السلام) ومعهم رسالة السماء للهداية والرشاد.

إذن ما يمكن أن نتعلمه من هذه الآية المباركة إن حاجتنا والوجود الى الله ليس لأنه مبدع هذا الكون بما فيه فحسب، بل لأنه جلت عظمته هو الذي يقوم على تربيتنا وإعدادنا أن ارتباط الباري بالخلائق ارتباط دائمي وأبدي ومن هنا لابد أن نكون على الدوام شاكرين نعمائه والحامدين له على إحسانه.

 

مستمعينا الأفاضل مازلنا نواصل تقديم برنامج نهج الحياة من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران ولننتقل الى الآية الكريمة الثالثة:

 الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ ﴿٣﴾

إن الخالق الذي نؤمن به هو مظهر الرأفة والرحمة والمحبة والفضل.

إن أشكالا من رحمته تعالى تتجلى في النعم الوفيرة التي حبانا اياها؛ الأوراد والأزهار الجميلة ذات العطور الزكية والفواكه اللذيذة والأغذية المشهية والملابس بشتى الوانها إنما هي هدية من لدن الخالق العظيم إنه تعالى هو الذي ألقى المحبة في قلوب الأمهات تجاه أبناءهم وإنه تباركت أسماؤه أرأف بنا من أي أم بوليدها وأما غضبه وعذابه فليس بدافع الإنتقام إنه إنما يريد لعباده أن يعوا ضرر المعصية فلا يرتكبوها ولا يقترفوها. ومن هنا فإنه تعالى يقبل التوبة عن عباده ويغفر لهم ذنوبهم ولنستعرض هنا الدروس التي نتعلمها من هذه الآية المباركة:

إنه تعالى يربي عباده تربية مشفوعة بالرحمة والمغفرة فهو تعالى قد عرف ذاته المقدسة بـ (الرحمن الرحيم) قبل قوله تعالى (رب العالمين) وبعد ذلك؛ إذن الإعداد الإلهي إنما يكون ما بين رحمتين والتعليم والتربية الربانية تبدأ من الرحمة الرحمانية والرحمة الرحيمية وتنتهي بهما؛ إذن إذا أراد المعلمون والمربون في المجتمع النجاح فما عليهم إلا أن يعملوا الناس على أساس من المحبة والرأفة والرحمة.

 

مستمعينا الكرام ولننصت واياكم خاشعين الى الآية الرابعة من سورة الحمد المباركة:

مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴿٤﴾

مستمعينا الكرام كلمة (الدين) تأتي بمعنى العقيدة وتأتي كذلك بمعنى الجزاء والأجر، والمراد من يوم الدين في هذه الآية، يوم القيامة ويوم الحساب والجزاء والأجر، ولابد هنا من الإلتفات الى هذه النقطة وهي أن الله تعالى مالك الدنيا ومالك الآخرة بيد أن ملكيته -جلت عظمته- تتجلى بشكل أوضح يوم القيامة إذ في ذلك اليوم يكون الملك لله وحده وتتضح يوم ذاك إنه لا قيمة في ذلك اليوم للمال والثروة والأبناء والخلان وليس للإنسان في ذلك اليوم سلطان على أعضاءه وجوارحه إنه اليوم الذي تكل فيه الألسن عن اختلاق الأعذار ويفقد الفكر قدرته على التفكير والتدبير والأمر يومئذ لله وحده؛ إذن ما يمكن أن نتعلمه من هذه الآية الشريفة هو الى جانب الأمل برحمة الله الفياضة، لابد أن نخشى الحساب والعقاب في يوم القيامة والجزاء ومن خلال الإيمان بيوم القيامة نؤمن بأن الله تعالى يمن برحمته فيعطي كل ذي أجر أجره.

 

أما الآن مستمعينا الكرام فلننصت الى الآية الخامسة:

إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴿٥﴾

في الآيات التي مرت، مستمعينا الأفاضل، تعرفنا على بعض صفات الخالق تعالى وعرفنا أنه تبارك اسمه رحمن رحيم وإنه رب العالمين ومالك يوم الدين لذلك علينا أن نشكره إذ من علينا بكل النعم والعطايا وإنه لمن الواجب علينا أن نعبده وحده لا نشرك به أحدا، إنه عبودية للخالق الأحد والفرد الصمد لايكون معها عبودية للمال والدنيا ولا عبودية للقوة والقهر لا نطأطئ رؤوسنا الى ما سواه جل جلاله من القوى المستكبرة.

إن الإسلام هو دين الفرد والمجتمع وإن الصلاة هي أسمى مظاهر العبودية لله وإنها تقام أحيانا جماعة وفيها يأتي صوتنا نحن المسلمين هادرا يهتف (اياك نعبد واياك نستعين) أي إننا نقول جميعا إننا عبيد لك يا رب ولا نستعين إلا بك فأول درس نقرأه في هذه الآية هو أن القوانين التي تتحكم بقوانين الخلقة إنما هي من تدبير الله وطوع إرادته: إننا نسلم لله ولا نكون أسرى قيود الطبيعة ولا نستمد العون إلا منه جلت قدرته وإذا قلنا في كل صلاة بخشوع قلب (اياك نعبد واياك نستعين) فسوف لن نكون من أهل الغرور والتكبر والطغيان.

 

مستمعينا الكرام؛ من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران قدمنا لحضراتكم برنامج نهج الحياة، طبتم وطابت أوقاتكم والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة