البث المباشر

العصبية

الإثنين 18 نوفمبر 2019 - 09:57 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- من الواقع: الحلقة 35

ضيوف البرنامج عبر الهاتف: الشيخ صادق النابلسي مدير حوزة الامام الصادق عليه السلام في صيدا والدكتور هاشم الحسيني الاستاذ في علم النفس الاجتماعي من بيروت
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا الأفاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. موضوع حلقة اليوم هو قصة الرجل أبو أيوب الذي كان شديد العصبية مع اولاده وبناته وحتى مع زوجته وكانت عصبيته تزعج من في البيت وأحياناً عندما يرتفع صراخه لسبب معين فهو يزعج الجيران ايضاً. من اجل تسليط الضوء على قصة أبو أيوب ولماذا تنتابه حالة العصبية الشديدة وماهي سبل العلاج اللازمة او النصائح التي يمكن أن يتقدم بها ضيفا الحلقة الى أبي أيوب سنستمع اولاً الى قصته ومن ثم نعود واياكم لمناقشة موضوع العصبية الشديدة فكونوا معنا.
أحبتي المستمعين قصتنا اليوم ستكون عن أبي أيوب وأبي أيوب موظف في أحدى الدوائر الرسمية في الدولة وهو أب لأربعة بنين وخمس بنات لذلك فهو حال عودته من العمل الى البيت لانجده يرتاح الا قليلاً ليخرج الى العمل مرة اخرى ليتمكن من توفير متطلبات المعيشة خاصة وأن زوجته ربة بيت لذلك لما يعود أبو أيوب مساءاً يكون متعباً قليل الكلام لايتفاعل مع اولاده ولايسأل عن أحوالهم سواء في المدرسة او خارجها، لايعرف لغة الحوار او التفاهم أبداً فهو مذ كان صغيراً في بيت أبيه نعود على هذه الطباع فأبوه ايضاً كان هكذا عندما لايجد شيئاً على مرامه ينزعج بسرعة ويبدأ بالصراخ ويضرب بعض أولاده ومن ضمنهم بطبيعة الحال أبو أيوب.
أحبتي المستمعين كان أبو أيوب كوالده عصبي المزاج غير مسامح، لايعرف من الحياة غير الخروج صباحاً الى عمله والعودة مساءاً لم يخطر بباله يوماً ما أن يمازح اولاده ولم يبادر الى شراء هدية ما مثلاً ولو بسعر زهيد لزوجته شريكة حياته ابداً. كان أبو أيوب يمنع أولاده من مشاهدة البرامج التلفزيونية التي تخالف مزاجه فنراه يتحجج ويطلب منهم الإهتمام بدراستهم بدلاً من ذلك واذا قال له احد الأولاد بأنه أكمل واجباته المدرسية ويريد متابعة برامج التلفزيون قليلاً فالضرب او الصراخ يكون هو الرد الوحيد للأب وعندما يدخل البيت ويلاحظ على محيى أحد أبناءه ابتسامة او علائم الفرح يتزعج ويحاول ان يُثير مشكلة ما مع احدهم ليحوّل تلك الفرحة الى حزن يعم البيت. إضطرت زوجته في احد الأيام أن يخفف من سوء معاملته لأولاده فكانوا يتذمرون من تصرفات أبيهم كثيراً فأجابها قائلاً: متى تستطيع أن تتفهمي معاناتي ياأمرأة؟ ألا تشاهدي كم أكافح ليل نهار لتوفير لقمة العيش فبدلاً من ان تعطيني الحق تطلبين مني أن أبتسم وأخرج من حالتي هذه وأنت أعلم بحالي؟ فقالت زوجته ولكن ماذنب الأولاد أن يشهدوك هكذا وانت على هذه الحال؟ ألا فكرت يوماً أن تجالسهم او تخالطهم قليلاً حتى يشعروا بحنانك؟ إنتفض أبو أيوب بوجه زوجته وصرخ قائلاً: وأنا ما ذنبي أن أعمل ليل نهار؟ هل تظني بعد ساعات العمل التي أقضيها خارج البيت أنه بإمكاني أن أبتسم او أن أتكلم معكم؟ ردت عليه زوجته قائلة: على كل حال دعك من هذا فأنا أطلب منك شيئاً أرجو منك أن تنفذه للأولاد، وهنا ثارت ثائرته وشعر بالتوتر الشديد قبل ان تطلب منه الزوجة أي شيء فقال لها: شيئاً للأولاد؟ وما هو؟ هيا قولي بسرعة. قالت الزوجة: مابك يارجل لم توترت أعصابك؟ قال لها: قلت لك هات ما عندك بسرعة. إضطرت الزوجة وبعد أن شعرت بالخوف منه أن تقول بإرتباك: يازوجي العزيز الأولاد يريدون شراء دراجة هوائية يتمتعون بها بعد إكمالهم لدراستهم لذلك يريدون موافقتك. إندهش الأب كثيراً من قول الزوجة فقال غاضباً: دراجة هوائية؟ ومن اين لهم المبلغ الكافي لشراء الدراجة اللعينة؟ قالت الزوجة: لقد إدخروا من مصروفهم اليومي المبلغ الذي يكفي لأنهم يعرفون أنك غير قادر على ذلك. رد أبو أيوب بكل عنف: والله سوف أضربهم، والله سوف أكسر الدراجة على رؤوسهم لو إشتروها.
المحاور: احبتي المستمعين بعد الذي دار بين الزوجين تبين أن الزوج يعاني من ضغوط نفسية شديدة وهو بالإضافة الى ذلك فقد تعوّد ان يكون عصبي المزاج كأبيه.
المحاور: أيها الأفاضل لبيان أسباب هذه الحالة بشكل أفضل ولمعرفة دوافعها ورأي موقع الدين برأي الأب والأم وما هي حقوق الأبناء على الآباء توجهنا الى الشيخ صادق النابلسي مدير حوزة الإمام الصادق في صيدا نلتمس منه الجواب.
النابلسي: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا وحبيب قلوبنا ابي القاسم محمد بن عبد الله وعلى اله الطيبين الطاهرين
دون ادنى شك ان موقع الاب وموضعه من الاسرة موضع عظيم وهناك الكثير من الاعتبارات التي يجب ان يلحظها الاب لأن المسؤولية التي تقع على عاتقه لاتتعلق فقط بالجانب المادي وانما بالجانب الروحي والجانب التربوي والجانب التوجيهي والجانب الارشادي وغير ذلك من الجوانب المهمة التي من خلالها تصبح هذه الاسرة اسرة مستقرة وهانئة وسعيدة وامنة ولذلك تركيز بعض الاباء على الجانب المادي وكأن الاطفال يحتاجون فقط الى طعام، هم يحتاجون الى كلمة جيدة والى محاور جيد والى مغذ والى مثقف والى موجه والى غير ذلك من الامور حتى يتكامل نمو هذا الطفل ونمو الاسرة الى الاخلاق الكاملة لذا ورد في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه واله "ادبني ربي فأحسن تأديبي، التأديب لايشمل جانباً فقط كما قلنا ولاينحصر ببعد من الابعاد بل يتعلق بمجمل هذه الابعاد والسجايا التي على الاب ان يعمل عليها من اجل ان يحقق بناءاً سليماً صحيحاً واسرة قوية متعاونة ومترابطة تشعر بالاكتفاء المادي والاكتفاء الروحي على حد سواء.
المحاور: اذن وبعد أن إستمعنا الى ضيفنا الكريم سماحة الشيخ صادق النابلسي نتوجه الآن الى ضيفنا الدكتور هاشم الحسيني الأستاذ في علم النفس الإجتماعي من بيروت كي نسأله كيف يمكن ان نساعد هذا الأب على حل مشكلته لأنه وكما وجدناه يعمل ليل نهار ويسعى لتوفير لقمة العيش لأسرته إلا أنه كان يُسيء بتصرفاته الى أولاده كثيراً وسألناه كذلك عن أسباب ذلك. تعالوا معنا اعزائي المستمعين لنستمع الى مايقوله ضيفنا الكريم.
الحسيني: الواقع انه في مثل هذه الحالات يكون الاب يعاني من عدة مشاكل، اولاً الضائقة المادية بأعتبار ان امكانياته لاتسمح له بأن يكون مرتاحاً في اتفاقه. المشكلة الثانية هي ضيق الافق لديه بأعتبار ان ظروف الحياة التي تضغط عليه لانجعله واعياً للبعد المادي في العملية التربوية، هو لايعي ان عليه مسؤوليات تتجاوز هذه المسئلة المادية. في الناحية الثالثة يبدو ان هذا الاب مسيطر سيطرة تامة بحيث ان الام لها دور هامشي فقط بأعتبار انها تعي مايحصل ليست قادرة على مواجهة هذا الامر، وجود تسعة اولاد يعني ان اعمارهم متفاوتة وبالتالي طريقة التعامل معهم لايمكن ان تكون على نحو متماثل يعني الصغير الذي يمكن ان يكون عمره اربع سنوات او الكبير او الكبيرة التي يمكن ان تكون قد بلغت الخامسة عشرة من عمرها يتعامل معهم بطريقة واحدة ويستبد بطريقة حياتهم في البيت حتى فيما يتعلق ببرامج التلفزيون، هو الذي يفضل البرنامج وهو الذي يفرضه بمعنى انه هو السيد المطلق في البيت طبعاً هذه مسئلة معقدة وليست هي حكراً على هذا الرجل فهناك الكثير من الحالات التي يعاني فيها الاهل من عدم الوعي اذن كيف يواجه هذا الامر؟ المطلوب اولاً ان تلعب الام دوراً اقوى من الدور الذي تلعبه لأنها على مايبدو انها تكتفي بأن تلاحظ ان هذا الامر ليس صحيحاً وعليه ان يعطي حرية للاولاد وهي خائفة مثل هؤلاء الاولاد، هذا الامر يجعله يتصرف بسهولة ولايواجهه احد ثم انه من واجب الاولاد الكبار وسواء ان كانوا صبياناً او بنات عليهم ان يحاولوا مواجهة الاب بدون ان يصل الامر الى مواجهته بالعنف طبعاً حتى احياناً اذا اراد ان يضرب هؤلاء الاولاد وهو يقدم على ذلك من وقت لأخر عليهم ان يرفضوا هذا الامر ويمنعوه من ضربهم لاان يضربوه بالمثل ولكن ان يمنعوه. ان يقولوا له لانسمح لك يعني اذا اراد ان يصفع صبياً شاباً في الخامسة عشر من عمره او في الرابعة عشرة هذا سيؤدي الى عملية يعني فعلاً من التوتر الشديد تؤدي الى انفجار هذا الولد فعليهم ان يمنعوه عن ضربهم بطريقة رادعة ولكن لاتصل الى حد اهانته او ضربه او مقاومته بالقوة وعليهم ان يتضامنوا وان يدعوه الى حوار ويبرهنوا له ان موقفهم هو الموقف الصحيح وان يضربوا له الامثال بالجيران، بحالات مماثلة حيث هناك حالات كثيرة من الاولاد والتفاهم يسود العائلة وليس النزاع والفرض وعليه ان يفهم ان واجبه عن طريق الاولاد حتى وعن طريق الام ليس فقط في ان يقدم المأكل والمشرب بل ايضاً واجبه واجب تربوي، عليه مسؤولية، الذي يستطيع ان يتدخل في هذا الامر ايضاً ومن الاهل يمكن الجد او الجدة، يمكن ان يتدخل بعض الاصدقاء الذين لهم صلة قوية بالعائلة، ثمة امكانيات لتدخل اشخاص من الخارج بحيث انهم يدعون الى تحقيق الوفاق وتطوير عقلية هذا الرجل الذي يبدو على جانب كبير من التصلّب الا ان هذا التصلّب لابد من مواجهته وليس الاستسلام له.
المحاور: في الختام نشكر لكم مستمعينا الكرام حسن المتابعة لبرنامج من الواقع الذي قدمناه لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران على أمل أن نلتقيكم مرة أخرى نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة