البث المباشر

قول الامام علي (ع): الاماني تعمي عين البصيرة

السبت 9 نوفمبر 2019 - 11:11 بتوقيت طهران
قول الامام علي (ع): الاماني تعمي عين البصيرة

إذاعة طهران- نور وبلاغة: الحلقة 295

نص الحديث

قال الامام علي عليه السلام: "الاماني تعمي أعين البصيرة".

دلالة الحديث

النص المتقدم يجسد صورة (استعارية)، حيث خلع النص طابع (العمى) و(العين) على (البصيرة) التي هي الحجة والبرهان والادراك الواعي للشئ، ومن حيث دلالة الحديث يمكننا ادراك ذلك بوضوح اذا ادركنا فعلاً موضوع (الاماني وهي ما يتمناه الانسان من الاشباعات التي تتعذر او تمتنع او حتى ما يتحقق منها في حالة ما اذا كان تحقيقها غير مشروع)، واما بلاغيا فسنحدثك عن ذلك بعد قليل لكن بعد ان نلفت نظرك الى ان الامنية اساساً لاينبغي ان يعنى بها الانسان الا في حالة (الخير) فحسب والا فان الامنية قد تكون مباحة ولكنها تصرف الشخصية عن التواصل مع الله تعالى، وقد تكون مكروهة فتكون المصيبة اشد، وقد تحرم فما بعد مصيبته ادهى.
هذا ونلفت نظرك الى ان الامنية في حالة تعذرها او امتناعها حتى لو كانت مباحة تظل عائقاً عن التواصل مع الله تعالى بل تعد غفلة لاينتبه عليها الانسان بسبب هيامه بالامنية وفي مقدمة ذلك: الاماني المرتبطة بما يسمى (حلم اليقظة) اي: ما يتمناه الانسان ولم يحصل عليه: فيلتجئ الى اشباع حاجته من الامنية بأن يتخيل حدوثها (كمن يتمنى ان يصبح رئيساً وهو رجل مغمور) حينئذ يتخيل بانه قد اصبح رئيسا فعلا ولكن فقط في دولة الخيال، المهم: ان الامنية (ما عدا الخير) تظل محكومة بالخسار دنيوياً واخروياً، فاما دنيويا فلصعوبة تحققها، واما اخروياً فلما يترتب عليها من العقاب او الحرمان من الثواب.

بلاغة الحديث

أما بلاغيا: قلنا ان الحديث المذكور (استعارة) ذات جناحين الاول هو: العمى والثاني هو: (العين) فتكون استعارة مزدوجة، بيد ان المهم هو ملاحظة ما تنطوي عليه من اسرار ونكات فنية، وهذا ما نبدأ بتوضيحه.
قلنا البصيرة هي الادراك الواعي للحقائق، متجسدة في التصور الاسلامي للحقائق في ادراك الانسان لمهمته العبادية او الخلافية في الحياة والعمل بمبادئ الله تعالى، ومن البين ان من يغفل عن ادراك وظيفته يخسر تجارته كما انه من البين ان ما يتمناه من اشباع لحاجاته غير الضرورية او المنحرفة تجعله مندفعاً حيالها دون ان يلتفت الى انه مارس محرما، مثلا او ان الحاجة غير ممكن اشباعها، وهذا ما يتسق مع الاستعارة التي تقول ان الاعمى لايبصر النور، كذلك فان الذي يتمنى ما لا يحق له أو لا يتحقق يكون بمثابة من عميت عيناه فلا يبصر الطريق، في نطاق الحديث المذكور، جعل (البصيرة) هي: المدرك المطلوب من الانسان، ولكن الانسان المتمني: يفقد عين البصيرة، فيكون (اعمى) عن الوصول اليها بسبب هيامه بالاماني التي تجره الى خسارة الدنيا وحينا الى خسارة الاخرة ايضاً وعلى الاقل: فقدان الثواب.
ختاماً: نسأله تعالى ان يجعلنا ممن لايفقد بصيرته وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة انه سميع مجيب.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة