البث المباشر

شرح فقرة: وأول حاجتي إليك أن تغفرلي

السبت 7 سبتمبر 2019 - 10:55 بتوقيت طهران
شرح فقرة: وأول حاجتي إليك أن تغفرلي

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " وأول حاجتي إليك أن تغفرلي " من دعاء عالي المضامين.

 

نواصل حديثنا عن الادعية المباركة'>الادعية المباركة ومنها الدعاء الموسوم بدعاء عالي المضامين، وهو دعاء يقرأ بعد زيارة الائمة عليهم السلام، وقد حدثناك عن بعض مقاطعه متسلسلة وانتهينا من ذلك الى مقطع يتوسل بالله تعالى بان ينجز له حاجاته الاتية، حيث يقول:(اللهم واول حاجتي اليك ان تغفر ما سلف من ذنوبي على كثرتها، وان تعصمني فيما بقي من عمري، وتطهر ديني مما يدنسه ويشينه ويزري).
واضح ان هذا المقطع يتحدث عن موضوعين هما الذنب والعصمة منه، اي الذنوب السالفة والعصمة من الذنوب اللاحقة بالاضافة الى التوسل بالله تعالى بان يجعل دينه او ممارسته العبادية في ارفع مستوياتها.
والمهم الان هو القاء الاضاءة على ما ورد في المقطع المتقدم من الدعاء .. وهذا ما نبدأ به الان.
العبارة الاولى من المقطع هي غفران الذنوب على كثرتها ولعلك تتساءل عن النكتة الكامنة وراء الاشارة الى كثرة الذنوب؟ اي لماذا لم يكتف الدعاء بالاشارة الى غفران الذنوب كما هو ملاحظ في نصوص كثيرة، ولكنه اضاف الكثرة اليها فلماذا؟
طبيعياً الاجابة السريعة تقول ان العبد ليطمح الى غفران ذنوبه جميعاً سواءاً كانت كثيرة او قليلة ولكن الملاحظ ان العبارة من الدعاء قيدت ذلك بما هو الكثرة من الذنوب فما هو سر ذلك؟
في تصورنا ان القلة من الذنوب من الممكن ان تجعل قارئ الدعاء غير متحمس لالحاح على غفرانها بعكس الكثرة منها، ولكن هذا التصور من الخطأ بمكان كبير حيث ان العبد مهما بلغت درجة طاعته يظل مشاعراً تبتصره ولذلك فان الكثرة من الذنوب تظل هي الطابع لسلوكه بحسب درجته من الوعي حيث ان العارف مثلاً قد يعتبر غفلته ولو لحظات عن الذكر ذنباً وهكذا.
اذن الكثرة من الذنوب تعني واقعية السلوك عند العبد وهذا ما يقتاده الى التسليم بها والتوسل الى الله تعالى بغفرانه.
ونتجه الى المرحلة الثانية من الدعاء وهي العبارة القائلة وتعصمني فيما بقي من عمري.
والسؤال هو مع وضوح الموقف هنا بانه من الطبيعي حينما يدعو الانسان بان تغفر ذنوبه السابقة فحينئذ يتوسل بالله تعالى بالا تعاوده او يعود الى امثلتها من جديد، ولكن ثمة نكتة مهمة هي ان التائب من الذنب تقترن توبته بوعي خاص هو الندم على ما فات من الذنب، وهذا يعني ضرورة عدم العودة اليه لذلك فان الدعاء او التوسل بالله تعالى بان يعصمنا من الذنب يظل هو المتعين من السلوك.
ولذلك ايضاً طلب الدعاء من الله تعالى بان يعصمنا ما بقي من العمر مهماً كان قصيراً او طويلاً ولذلك نكتشف نكتة هنا وهي ان تكون العصمة باقي العمر جميعاً والسر هو ان العبد ما دام قد وعى من خلال التوبة كون الذنب سلوكاً قد ندم عليه حينئذ فان عدم معاودة الذنب ينبغي ان يمتد طيلة حياة العبد لا ان يذنب من جديد، ويتوب من جديد مثلاً.
هنا قد يطرح احدنا هذا السؤال الاتي: ثمة نصوص متنوعة تقول ان الله تعالى يحب العبد التواب المفتن، وكذلك تشير النصوص في الآن ذاته بوضوح بان العبد مهماً تاب وعاد فان الله تعالى يعود عليه بالتوبة، واذا كان الامر كذلك، فلماذا جاءت عبارة الدعاء بالتوسل بان تكون العصمة من الذنب طيلة العمر؟
الجواب هو: ان الافضل بطبيعة الحال ان يتوب العبد ولا يضعف جديداً فيذنب ثم يتوب وحتى اذنب وعاد وتاب وهكذا فان الختام لحياته او ما يطلق عليه حسن العاقبة يظل هو المطلوب والا فان العبد لخاسر في حالة عدم ختم حياته بالطاعة.
من هنا نتبين اهمية العبارة التي تتوسل بالله تعالى بان يجعلنا معصومين من الذنب طيلة حياتنا او ما بقي من عمرنا.
ختاماً نسأله تعالى ان يتوب علينا وان يعصمنا من الذنوب وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة الى آخر عمرنا والتصاعد بالطاعة الى الله تعالى بالنحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة