البث المباشر

شرح فقرة: "وطهر منهم بلادك وأشف صدورعبادك، ..."

الثلاثاء 30 يوليو 2019 - 15:00 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " وطهر منهم بلادك وأشف صدورعبادك " من أدعية الإمام المهدي عليه السلام.

 

بسم الله وله الحمد والمجد أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين وأنمى صلواته وبركاته على ينابيع رحمته للعالمين حبيبنا المصطفى الأمين وآله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم أحبتنا المستمعين، معكم في وقفة تأملية أخرى في أدعية أهل بيت الرحمة المحمدية (عليهم السلام) ومنها دعاء عصر الغيبة الموسوم بدعاء المعرفة الذي أكد أهل المعرفة على أهمية التزام المؤمنين بتلاوته وخاصة في عصر الجمعات لقوة تأثيره في الثبات على العقائد الحقة والنجاة من فتن عصر غيبة خاتم أئمة العترة المحمدية (عليهم السلام).
أيها الأخوة والأخوات، لنا وقفة في اللقاء عند الفقرة التالية من هذا الدعاء الجليل جاءت بعد أن طلب الداعي من الله عزوجل أن ينهي بوليه المهدي الموعود (عجل الله فرجه) حاكمية أئمة الظلم والجور والإضلال في جميع الأقطار، ثم يقول: (وطهر منهم بلادك، وإشف منهم صدور عبادك). 
معنى التطهير واضحٌ في الإصطلاح اللغوي وكذلك في الإصطلاح الشرعي، ولكن التدبر في إستخدام المعصوم (عليه السلام) لهذا المصطلح يوصلنا الى دلالات تربوية مهمة للغاية نشير فيما يلي الى بعضها: إنطلاقاً من المعنى اللغوي وكذلك الشرعي لكلمة التطهير نستفيد أن وجود الظالمين والجائرين والمفسدين الذين لا أمل في إصلاحهم، هو بحد ذاته سببٌ للفساد وإستشرائه في الأرض وفقدانها النقاء اللازم لأنهم رجس ونجاسة ينبغي تطهير بلاده منها.
وهذا الوصف - كما أشرنا في الحلقة السابقة يعزز في قلب الإنسان البغض للظالمين لأنهم رجسٌ وبالتالي يقوي فيه روح الكراهة لصدور الظلم منه لكي لا يتحول الى رجس يجب تطهير بلاد الله عزوجل منه.
ولا يخفى عليكم مستمعينا الأفاضل أن هذا البغض القلبي هو عون للإنسان للتطهير الذاتي والإنسجام مع الدعوة المهدوية لملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً، لأن من يتطهر ذاتياً من الظلم هو القادر على تطهير الآخرين منه.
مستمعينا الأفاضل، ونلاحظ في عبارة الدعاء المتقدمة أن النص ينسب الأرض التي يطلب المؤمن من ربه الكريم أن يطهرها من رجس الظالمين الى الله عزوجل فيقول: (وطهر منهم بلادك).
وفي التعبير إشارة لطيفة الى أن ما ينسب الى الله جل جلاله ينبغي أن يكون طاهراً، وهذا الأمر بحدّ ذاته يقوي في المؤمن روح تطهير كل شيء ينسب الى الله جل جلاله.
إذن ينبغي للمؤمن أن يكون حريصاً على تطهير كل ما ينسب الى الله عزوجل، فمثلاً يطهر العمل الذي يريد به وجه الله جل جلاله من جميع أشكال الرياء والسمعة والشوائب الأخرى ويطهر المسجد - وهو بيت الله- من كل ما لا يليق به، وهكذا بالنسبة لكل ما حوله.
أعزاءنا المستمعين، ونصل الآن الى عبارة (وأشف منهم صدور عبادك) فما الذي نستفيده منها؟ وما المطلوب في هذه الفقرة من الدعاء؟
نلاحظ أولاً مستمعي الكريم أن العباد نسبوا هنا الى الله عزوجل، وفي ذلك إشارة الى كونهم يؤذيهم ما يرونه من حاكمية أعداء الله وبالتالي فإن تطهير الأرض من هؤلاء سبب لإرتياح وسرور عِبَادَ اللَّهِ.
وهذا المعنى هو أحد معاني شفاء صدور المؤمنين ببركة دحر أعداء الله عزوجل والمذكور في القرآن الكريم.
وعليه يتضح أن معنى شفاء الصدور لا ينحصر بمصداق إزالة أمراضها المذكورة في القرآن الكريم، بل يشمل أيضاً مصداقاً آخر هو إزالة الأذى عنها، والمراد هنا أذى رؤية أعداء الله وهو يمارسون الظلم والجور ضد عِبَادَ اللَّهِ ويفسدون في الأرض وهذا أمرٌ يؤذي بالطبع كل ذي قَلْبٍ سَلِيمٍ.
ويبقى مستمعينا الأفاضل أن نشير الى أنّ توضيح المصداق المتقدم لا يعني إنحصار معنى شفاء الصدور به، بل إنّ الأمر يرتبط بمرتبة العبد الإيمانية فمثلاً يمكن أن يكون مصداقه بالنسبة لأصحاب الدرجات الدانية من الإيمان هو إزالة مرض سوء الظن بحكمة الله عزوجل بسبب إمهاله للظالمين.
نعم المصداق الذي نخرجه من هذه الدائرة هو معنى التشفي المذموم شرعاً والذي لا ينسجم مع أخلاق عِبَادَ اللَّهِ المؤمنين، أعاذنا الله وإياكم منه ببركة الصلاة على محمد وآله الطاهرين.
وبهذا ينتهي اعزاءنا مستمعي صوت الجمهورية الاسلامية في ايران لقاؤنا بكم في حلقة اليوم من برنامجكم (ينابيع الرحمة) شكراً لكم ودمتم بكل خير.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة