خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم وبه تبارك وتعالى نستعين
أيها الأخوة والأخوات في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أهلاً ومرحباً بكم حيث يسرنا أن يتجدد اللقاء بكم عبر واحات الأدب والشعر لنتفيء ظلال القصائد العربية الخالدة على مر العصور من خلال برنامجكم المتجدد سير القصائد، ندعوكم للمتابعة.
المحاورة: أحبتنا محبي الأدب والشعر قصيدتنا التي سنسلط الأضواء عليها في حلقة هذا الأسبوع هي رائعة الشاعر اللبناني المعاصر ذي النزعات الفلسفية والرومانسية والإنسانية المتفائلة إيليا أبي ماضي الذي سنبدأ حلقتنا بومضات من حياته وتسليط شيء من الأضواء على أسلوبه وأغراضه وخصائصه الشعرية وذلك قبل أن نبدأ حديثنا مع ضيف البرنامج فتابعونا مشكورين.
المحاورة: أيها الأخوة والأخوات لاشك في أن الشاعر المبدع الكبير إيليا أبو ماضي الذي ينتمي الى المدرسة المهجرية يعد من شعراء الطراز الأول الذين أغنوا الشعر العربي المعاصر بتراث إنساني رائع وجميل من القصائد ذات النزعة الإنسانية التي يغلب عليها الإتجاه الرومانسي الداعي الى الأزل والتفاؤل في الحياة فهو شاعر الطبيعة بإمتياز وهو الذي إتخذ من أشعاره منبراً ومنطلقاً لطرح أفكاره الفلسفية في مجال الوجود والعدم وماوراء الطبيعة والروح والحقيقة فجاء شعره يعج بهذه الأفكار والتساؤلات التي جسدها في قصيدته الشهيرة الطلاسم التي يقول في مطلعها:

جئت لاأعلم من أين ولكني أتيت

ولقد أبصرت قدامي طريقاً فمشيت

وسأبقى سائراً إن شئت هذا أم أبيت

كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي لست أدري

المحاورة: نعم هكذا مستمعينا الكرام قد آمن أبو ماضي بأن حياة الإنسان تمثل لغزاً غامضاً حير العقول وشده الأذهان ورحيله من هذه الحياة هو ايضاً لغز لايدرك كننه سوى الخالق تعالى. وكأننا كلما تصورنا أننا إقتربنا الى الحقيقة إذا بنا نكتشف إننا إبتعدنا عنها كل البعد لأن آفاقاً ومديات جديدة سوف تمتد أمامنا كلما توغلنا في التدبر في حقيقة هذا الكائن العجيب الذي على مايرى الشاعر الى هذه الحياة مكرهاً وسيفارقها مكرهاً.
المحاورة: أيها الأخوة والأخوات قبل أن نواصل جولتنا في شخصية شاعرنا أبي ماضي لنا وقفة مع ضيف البرنامج الأستاذ الدكتور سعد الشحمان الذي سيستعرض علينا بعضاً من أبيات قصيدة شاعر هذه الحلقة فلسفة الحياة مع الحديث عن موضوع هذه القصيدة ومكانتها بين القصائد العربية الأخرى. نرحب بضيف البرنامج الكريم كل الترحيب راجين أن يتحدث لنا وللمستمعين الكرام في هذا المجال.
الشحمان: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المحاورة: عليكم السلام والرحمة وأهلاً بكم
الشحمان: حياكم الله وحيا المستمعين الكرام، يسرني أن ألتقيكم وألتقي المستمعين الأفاضل من جديد عند شاعر آخر وعند قصيدة اخرى من روائع الشعر العربي على مر العصور. هذه القصيدة التي تعتبر من القصائد الملحمية والتي تحمل عنوان فلسفة الحياة للشاعر اللبناني المبدع ايليا أبي ماضي شاعر المهجر حيث إعتاد شاعرنا أبو ماضي أن يضع عنواناً متميزاً لكل قصيدة من قصائده نظراً الى الوحدة الموضوعية التي تسود أشعاره. هذه القصيدة نابعة من حب الشاعر للطبيعة وعشقه لها فهو يستمد من ظواهر الطبيعة ورموزها قوانين وقواعد يصوغها للحياة ويدعو من خلالها الى التفاؤل ونبذ النظرة التشاؤمية للوجود، يخاطب فيها البشر الذين تسيطر عليهم النظرة السوداوية ولايرون إلا الجانب السلبي من الحياة فيخاطب هذا النوع من الأشخاص قائلاً:

أي هذا الشاكي وما بك داء

كيف تغدو اذا غدوت عليلاً

إن شر الجناة في الأرض نفس

تتوقى قبل الرحيل الرحيلا

الشحمان: يعني يعتبر الإنسان الذي يتمنى الموت قبل حلول موعده يعتبره من أكثر البشر جريمة ويتعجب الشاعر كيف يشكو الإنسان وكيف تسيطر عليه النظرة التشاؤمية وهو لايعاني من أي مرض ومن أي داء وكيف يخرج من بيته في الصباح وهو يشعر بالمرض والمراد هنا طبعاً المرض الروحي والمرض النفسي المتمثل في التشاؤم ومثل هؤلاء الناس يركزون انظارهم على الجوانب السلبية من الحياة كما يقول الشاعر في هذا البيت:

وترى الشوك في الورود

وتعمى أن ترى فوق الندى إكليلاً

يعني ينظر الى الجانب المظلم من الحياة حتى عندما ينظر الى الورود والأزهار فغنه لاينظر الى جمالها ولاينظر الى ألوانها ولايحاول أن يشم رائحتها الزكية وإنما ينظر الى الشوك المستقر تحتها. يقول لاعجب من هذه الحالة لأن الإنسان الذي تخلو نفسه من الجمال ويسيطر القبح على نفسه وعلى روحه يعني الذي ينظر بهذه النظرة الى الحياة من الطبيعي أنه لايستطيع أن يرى شيئاً جميلاً في الحياة. ثم يدعو الشاعر وكثيراً مايدعو في هذه القصيدة الى إغتنام الفرص قبل زوالها، يدعو الإنسان الى التمتع
المحاورة: قبل فوات الأوان
الشحمان: قبل فوات الأوان في هذه الحياة ويتخذ من الطيور التي تتغنى في الطبيعة مثالاً ونموذجاً يقتدى به في مجال التفاؤل وفي مجال إغتنام الفرص وهذه الحقيقة التي أشار اليها يقول:

أدركت كنهها طيور هذه الروابي

فمن العار أن تظل جهولاً

يعني انت أيها الإنسان الذي تتمتع بالعقل والحس والشعور من العار أن تظل جهولاً بهذه الحقيقة في حين أن الطيور التي تعيش في أحضان الطبيعة قد أدركت هذه الحقيقة والدليل على ذلك أن الطيور تتغنى ونراها دائما في حالة تغريد رغم الأخطار التي تتهددها، يقول:

تتغنى والصقر قد تملك الجو

عليها والصائدون السبيلا

يعني ملك الصائدون عليها السبيل فرغم عوامل الموت والفناء عليها إى أننا نراها متفائلة تغرد وتغني وهي تعلم حق العلم أن عمرها قصير في حين أن الإنسان يتميز بالعمر الطويل.

تتغنى وعمرها بعض عام

أفتبكي وقد تعيش طويلا

فأطلب اللهو مثلما تطلب

الأطيار عند الهدير ظلاً ظليلاً

أيها الإنسان حاول أن تغتنم الفرص
وهذا الحب للطبيعة أيها الإنسان حاول أن تتعلمه من الطبيعة نفسها. يقول الشاعر:

تعلم حب الطبيعة منها

وأترك القال للورا والقيلا

يعني إترك اللغو والأحاديث الباطلة التي تدعو الى التشاؤم والى النظرة السوداوية، أترك هذه الأحاديث وأنبذها جانباً لأنك أيها الإنسان خرجت من الأرض وسوف تعود اليها أولاً وأخيراً.

أنت للأرض اولاً وأخيراً

كنت ملكاً او كنت عبداً ذليلاً

هذا في الحقيقة يستوي عليه كل افراد البشر لأن الموت في إنتظار جميع أفراد البشر فهو حقيقة مكتوبة علينا ولكن علينا أن نعيش في هذه الحياة ونؤدي دورنا في هذه الحياة بعيداً عن عوامل اليأس وعوامل التثبيط التي تعيق مسيرة الإنسان في الحياة.
المحاورة: نعم اذن شاعرنا لهذا الأسبوع ايليا أبو ماضي يشرح من خلال هذه القصيدة فلسفة الحياة في الحقيقة يشرح فلسفته في الحياة من خلال هذه الأبيات الرائعة.
الشحمان: نعم هي قصيدة رائعة وللأسف الوقت لايسمح لنا أن نستعرضها كلها وتعتبر من روائع الشعر العربي في العصر الحديث.
المحاورة: نشكر لكم ضيفنا الكريم هذه المعلومات وهذه الإيضاحات القيمة التي تفضلتم بها حول قصيدة فلسفة الحياة للشاعر ايليا أبو ماضي راجين أن نلتقيكم في حلقة الأسبوع المقبل إن شاء الله عند شاعر آخر وقصيدة جديدة اخرى شكراً لحضوركم أستاذ
الشحمان: نعم إن شاء الله نلتقيكم وحياكم الله وحيا المستمعين الكرام
المحاورة: مستميعنا الكرام حتى الملتقى أطيب التحيات والمنى ودمتم في أمان الله وحفظه .