البث المباشر

قصة القط اوسكار

الثلاثاء 2 يوليو 2019 - 11:06 بتوقيت طهران

بسم الله الرحمن الرحيم أعزاءنا الأفاضل اهلاً وسهلاً بكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته نرحب بكم أجمل ترحيب في لقاء جديد يجمعنا بحضراتكم عبر حكاية اخرى من حكايا الشعوب نقدمها لكم من خلال برنامجكم الاسبوعي حكايا وخفايا برجاء أن تمضوا معنا دقائق مفعمة بالمتعة والتشويق والفائدة، تابعونا بعد الفاصل مع حكايتنا لهذا الأسبوع.
مستمعينا الكرام القطط حيوانات اجتماعية اليفة إعتاد البشر رؤيتها حوله منذ أقدم العصور. البعض يجبها ويشفق عليها لجمالها وذكاءها والبعض يمقتها لأنها تسلل خلسة الى مطبخه وتعبث بطعامه، وهناك ايضاً من يخشاها ولايشعر بالراحة لوجودها وهؤلاء يخافون من عيونها بشكل خاص فهي تحدق أحياناً بطريقة غريبة تبدو وكأنها تعي وتفهم وكأنها تود الحديث عن شيء ما، عن سر مخبوء تخفيه بعناية خلف تلك المقل الكبيرة البراقة، عن امور وأشياء تراها هي بوضوح بينما نعجز نحن عن رؤيتها وادراكها.
نعم اعزائي الأفاضل وبسبب هذا الغموض الذي يحيط بالقطة فقد ارتبط أسمها منذ القدم بالكثير من الأساطير والخرافات فقالوا إن للقطة سبعة أرواح وقالوا إنها تستطيع الاحساس بوجود الجن والأشباح وبأن القطة السوداء هي من الجن. وبالطبع فإن معظم الناس في أيامنا هذه لايؤمنون بتلك الخرافات القديمة وربما سخروا منها لكنهم قد يعيدون النظر في حساباتهم اذا ما سمعوا بقصة القط أوسكار ذلك المخلوق الصغير الذي حير العلماء وجعل الكثير من الناس يتسائلون عن مدى الحد الفاصل بين الحقيقة والخرافة.
مستمعينا الأفاضل أوسكار هو لمن لايعرفه هو قط جميل بدأت حكايته الغريبة عام ۲۰۰٥ في ولاية رودايلندا الأمريكية ففي تلك السنة قررت احدى أقدم المؤسسات الصحية في الولاية وأعرقها وهي مصحة ستير لرعاية المسنين أن تتبنى قطاً جديداً من اجل اضافته الى مجموعة القطط والحيوانات الأليفة التي دأبت المصحة منذ زمن طويل على رعايتها واطلاقها داخل أروقة وردهات المصحة لإضفاء جو من الألفة والمرح يعود بالنفع والفائدة على نفسيات ومعنويات النزلاء والعاملين في نفس الوقت. ولغرض الحصول على القط الجديد قام بعض موظفي المصحة بزيارة ملجأ للحيوانات المشردة حيث وقع إختيارهم على قط صغير ابيض ورمادي اللون، عمره شهر واحد أطلقوا عليه لاحقاً اسم اوسكار. اوسكار عاش في الطابق الثالث من المصحة وهو طابق مخصص بالمرضى المصابين بالخرف وبعبارة اخرى هو المكان الذي تذهب اليه جميع الحالات المأيوس منها أي المرضى المسنون الذين يتوقع أن يموتوا قريباً.
وما إن أتم أوسكار عامه الأول داخل المصحة حتى أخذ العاملون يلاحظون سلوكاً عجيباً طرأ فجأة على تصرفاته وجعله مميزاً عن القطط الموجودة في المصحة. لأوسكار لم يكن يتودد للبشر ويحاول قدر الامكان الابتعاد عن طريقهم وما كان ليرضى طبعاً بالحلوس الى جانب المرضى في أسرتهم مهما حاولوا التودد اليه. لكن نفوره الفطري من البشر لم يكن ينطبق على المرضى المحتضرين فإنما كان هناك مريض يحتضر داخل الطابق الثالث كان اوسكار يظهر فجأة ليعتلي سرير ذلك المريض ويرقد الى جانبه وسط دهشة الجميع. كان يجلس بهدوء واضعاً رأسه على جسد المريض كأنه يطيب عنه ويواسيه وما إن تغادر الروح جسد ذلك المريض حتى ينتفض اوسكار من مكانه ويغادر السرير على الفور كأن أدرك بأن جليسه فارق الحياة. وغالباً ما كانت المدة التي تفصل بين ظهور اوسكار وموت المريض لاتتجاوز الساعتين.
في البداية لم يصدق احد من الأطباء والعاملين في المصحة بأن الهر اوسكار بإمكانه حقاً أن يستشعر ويتنبأ بموت البشر، هذا مستحيل طبعاً فهو في النهاية مجرد حيوان لايعقل، أليس كذاك؟ كلا الفراعة القدماء يقولون: كلا!! فأولئك الفلاسفة والروحانيون آمنوا بأن القطط هي تجسيد حي لروح الآلهة وآمنوا بأنها ترى وتسمع مالانراه ونسمعه لهذا احترموها وقدسوها الى درجة أنهم كانوا يحنطونها ويقيمون العزاء لموتها، لكن أطباء مصحة ستير ماكانوا ليؤمنوا طبعاً بما يقوله الفراعنة. التفسير المنطقي الوحيد الذي بدا مقنعاً بالنسبة لهم هو أن تزامن ظهور اوسكار مع موت المرضى هو مجرد مصادفة لاأكثر، لكن مصادفات اوسكار أصبحت أكثر تكراراً يوماً بعد آخر الأمر الذي زاد من حيرة وذهول الجميع.
أعزائي الأفاضل نحييكم من جديد عبر برنامج حكايا وخفايا من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران ونواصل الحديث حول القط العجيب اوسكار. في أحدى المرات كانت هناك سيدة عجوز من نزلاء المصحة مصابة بتخثر الدم في ساقها، كانت في غيبوبة وكانت ساقها متيبسة وباردة بسبب عدم وصول الدم اليها لكن الأطباء لم يكونوا يتوقعون موتها قريباً او هكذا ظنوا حتى ظهر اوسكار فجأة وإعتلى سريرها. جلس عند ساقها المصابة وأحاطها بفراءه الناعم كانه يحاول تدفئتها وبعد قرابة الساعتين نهض من مكانه وغادر بهدوء وكانت العجوز قد ماتت. وفي مرة اخرى دخل اوسكار غرفة أحد المرضى، إعتلى السرير ثم جلس كعادته بهدوء بجوار المريض العجوز الذي كان نائماً لكن عائلة المريض لم يحبذوا وجود اوسكار خشية أن يقلق راحة مريضهم فطلبوا إخراجه من الغرفة. وبالفعل حملته احدى الممرضات برفق ثم رمته خارج الغرفة لكن ماحدث بعد ذلك أذهل الجميع فالهر العنيد لم يذهب بعيداً، بدأ بالمواء بصوت أشبه بالبكاء وراح يطرق الباب ويخربشه بمخالبه كأنه يطلب الاذن بالدخول وما إن فتحوا له الباب ثانية حتى ركض وقفز مجدداً الى سرير العجوز المريض الذي فارق الحياة خلال ساعتين التاليتين. وهذه المرة ايضاً لم يكن الأطباء يتوقعون موت ذلك المريض.
أعزائي الأفاضل الجدل حول قدرات اوسكار بدأ يتزايد يوماً تلو الآخر داخل المصحة فريق آمنوا بقدراته وفريقاً رفضوها رفضاً قاطعاً، وفي النهاية قرر كلا الفريقين إخضاع اوسكار لإختبار يقطع شكهم باليقين فقد كان هناك مريض عجوز يحتضر في احدى غرف الطابق الثالث وكان متوقعاً أن يفارق الحياة خلال أقل من ساعة لذلك أحضروا اوسكار الى غرفة ذلك المريض وأجلسوه على سريره، قالوا إن بقاءه بجوار المريض المحتضر سيؤكد حتماً قدراته الخارقة أما اذا حدث العكس أي اذا ترك اوسكار السرير ورحل قبل موت المريض فإن ذلك يعني أنه لايتمتع بأي قدرة في التنبأ بالموت والأمر برمته ليس أكثر من مجرد مصادفة.
ووسط فرحة المشككين وخيبة المؤمنين شاهد الجميع اوسكار وهو يغادر السرير بعد لحظات قليلة من وضعه فيه وهو الأمر الذي عده فريق المشككين دليلاً قاطعاً على أن موهبة اوسكار المزعومة هي وهم لاصحة له لأنه لن يستطيع أن يدرك أن المريض في حالة النزع الأخير لكن سعادة المشككين لم تدم طويلاً فعلى العكس من كل التوقعات لم يمت العجوز المحتضر خلال ساعة كما توقع الأطباء بل فاجئ الجميع وتشبث بالحياة لعشر ساعات اخرى وقبل موته بفترة قصيرة ظهر اوسكار مجدداً هذه المرة من تلقاء نفسه، إعتلى سرير العجوز برشاقة وجلس الى جواره بهدوء كما يفعل كل مرة وبعد أقل من ساعتين فارق العجوز الحياة وسط ذهول كل من المؤيدين والمشككين فقد تفوق اوسكار على الأطباء وأجهزتهم ومعداتهم المتطورة في التنبأ بموعد الموت الدقيق للمريض. وفي خلال العامين التاليين تنبأ اوسكار بموت خمسة وعشرين مريضاً ولم يعد أحد يشكك بقدراته بل راح العاملون في المصحة يراقبون جولاته التفقدية بإهتمام بالغ وصار جلوسه بجوار أحد المرضى بمثابة العلامة الفارقة على أن الموت سيحيط بذلك المريض قريباً فكان كادر المستشفى يسارعون في الاتصال بعائلة المريض طالبين منهم الحضور فوراً لأن مريضهم سيموت خلال ساعات قليلة.
أعزتنا المستمعين نرجو أن تكونوا قد أمضيتم أطيب الأوقات وأحلاها عبر جولتنا لهذا الأسبوع في عالم القصص والحكايا والأساطير من خلال برنامجكم الأسبوعي حكايا وخفايا الذي قدم لحضراتكم من طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران فنشكركم على طيب المتابعة والاصغاء والى اللقاء.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة