البث المباشر

جلال الدين محمد -۹

الإثنين 17 يونيو 2019 - 12:01 بتوقيت طهران
جلال الدين محمد -۹

في رحلة الزمان والتاريخ سارت قافلة العلم والعرفان والادب لتحط رحالها في مدينة قونية التي كانت يوما ما عاصمة السلاجقة.
اما القافلة فكانت قافلة بهاء وُلد والد جلال الدين البلخي واسرته، وحتى مسافة بعيدة عن خارج المدينة خرج تجار السوق والعلماء واهل التقوى واهل الادب لاستقبال الضيوف الذين سيحلون عليهم. لقد عمت الفرصة الجميع لانهم ساروا لاستقبال شيخ واعظ وعالم شهير.
وتكريماً لبهاء ولد واسرته اقام السلطان علاء الدين السلجوقي مأدبة فاخرة حضرها كبار قونية وعلماؤها. ومنذ بداية قدومه الى قونية وعلى الرغم دعوة السلطان واهل الجاه، اختار بهاء ولد السكن في احدى المدارس ولم يختر لنفسه منزلا الامر الذي زاد من مكانته وقيمته في اعين العوام والخواص في ذلك المجتمع.
ومنذ الاسبوع الاول لاقامته في قونية اخذ العلماء يتوافدون وفي كل يوم على محل اقامة بهاء وُلد، وكانوا يقدمون له الهدايا ويوجهون له الدعوات.
وكان للخراسانيين في مدينة قونية الحظوة عند بهاء وُلد وولده جلال الدين محمد الذي اخذ يجالس اولئك الخراسانيين وهو في سني شبابه وبالاضافة الى ذلك تعرف جلال الدين محمد على شرائح مختلفة من الناس في قونية.
وكانت مدينة قونية عاصمة السلاجقة الروم مدينة جميلة تزخر بمبانيها الانيقة وبساتينها الباسقة وكثرة مياهها وتعدد اسواقها، هذه المدينة اثارت في مخيلة جلال الدين محمد ذكريات بلخ وترمذ وسمرقند.
ان بلاط السلاجقة كان موعد اللقاء للشعراء والعلماء والكتّاب الذين يتكلمون اللغة الفارسية ويعينون بالادب الفارسي، وكانت اللغة الفارسية هي اللغة الرسمية المعتمدة في الاجهزة الادارية في الدولة السلجوقية ولغة ديوان الدولة كما ان العلماء واهل التصوف والشعراء والمؤرخين كانوا يتكلمون اللغة الفارسية، وغالبا ما كانوا يكتبون بهذه اللغة. اما اللهجة التي كانت رائجة في مدينة قونية او بالاحرى اللغة التي كانت رائجة فهي اللغة التركية، بالاضافة الى اللغة اليونانية وبسبب تقدمه في السن قلما كان بهاء وُلد يعقد جلسات الوعظ، بيد انه كان يقيم حلقات الدرس لخواص تلاميذه ومريديه والى جانب جلسات بهاء وُلد كان جلال الدين محمد يقيم هو الاخر جلساته التي كانت تستقطب من يوم لآخر عددا اكبر من المريدين والتلاميذ.
واثرت كهولة السن اثرها في بهاء وُلد واصبح الكلام عليه صعبا فاصبح المتكلم عنه ولده جلال الدين الشاب. وكان جلال الدين يعتلي منابر الوعظ والتدريس في مدرسة ابيه، ومرت الايام هذه المرة صعبة ثقيلة واصبح من اليقين لجلال الدين ان والده مفارق الحياة قريباً.
نعم وهو في الثالثة والثمانين من عمره لبّى بهاء ولد والد جلال الدين محمد نداء ربه وانتقل الى رحمة بارئه.
وجاءت وفاة بهاء ولد بعد عامين من قدومه الى قونية وحين الوفاة كان جلال الدين محمد شابا في الرابعة والعشرين من عمره.
وهبت قونية لتشييع جثمان بهاء وُلد بكل حزن واسى وتعالت اصوات المشيعين وهو يتوجهون الى المقبرة بالبكاء والعويل.
واعلن السلطان علاء الدين السلجوقي الحداد في البلاد لمدة اسبوع، واقيمت مراسيم العزاء لرحيل بهاء وُلد وبقي جلال الدين ليعيش يتيماً فترة الصبا والشباب. وسنتابع مسيرة حياة جلال الدين محمد شاعر العرفان.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة