البث المباشر

جلال الدين محمد -۷

الإثنين 17 يونيو 2019 - 11:52 بتوقيت طهران
جلال الدين محمد -۷

في الحلقات الماضية من هذا البرنامج ذكرنا ان جلال الدين محمد الذي عرف فيما بعد بالشاعر والعارف المولوي كان قد غادر مدينة بلخ واسرته و300 من مريدي ابيه تزامناً مع هجوم المغول. وبعد اقامة قصيرة في مدينة نيشابور والمرور على مدن مختلفة وصلت اسرة جلال الدين الى مدينة بغداد وكانت اذ ذاك حاضرة بني العباس. ولدى وصول بهاء وُلد الى بغداد استقبلهم شيخ شيوخها الشيخ شهاب الدين عمر السهروردي، وفي مدرسة من مدارس بغداد اقامت اسرة جلال الدين، ولنتابع الاحداث على شاشة التاريخ الغابر بعد قليل.
لقد اغتنم الشيخ شهاب الدين السهروردي فرصة حضور بهاء وُلد ومريديه في بغداد وكان الرجلان يلتقيان ويتداولان الحديث في مختلف القضايا، واقترح السهروردي على بهاء وُلد ان يقيم مجلس وعظ للزائرين والحجاج والصوفيين من اهل خراسان الذين كانوا في تلك الايام في بغداد، وابدى بهاء وُلد ترحيبه باقتراح الشيخ هذا لاسيما وانه في سفرته الطويلة من بلخ الى بغداد لم يجد الفرصة للوعظ والحديث.
وبدأ بهاء وُلد جلسات وعظه في بغداد وجلس الى منبره الكثير من الناس، هذه الجلسات اعادت ذكرى جلسات ايران في ذهن جلال الدين محمد ومريدي ابيه، ومن بعد ذلك اقترح الشيخ عمر السهروردي على والد جلال الدين ان يشد الرحال الى بلاد الروم لكي يستفيد اهلها كذلك من نمير علمه الصافي.
وفي تلك الفترة كان زمام الحكم في ديار الروم بيد علاء الدين كي قباد وكان ينتمي الى سلاجقة الروم.
وبعد ان عرف جلال الدين محمد ان المغول قد هاجموا بلخ وخوارزم وخراسان ادرك ان العودة الى ارض الاباء والاجداد امر غير ممكن، فداخل الحزن من ذلك نفسه، لكن ما سكن آلام روحه هو عزم ابيه بهاء وُلد على قصد بلاد يتكلم اهلها اللغة الفارسية.
يحدثنا التاريخ ان الحياة في بغداد بالنسبة الى اسرة بهاء وُلد كان امرا عسيرا ومن هنا بدأت الاسرة سفرا آخر كان دافعه اقتراح السهروردي من جهة وضنك العيش من جهة اخرى، اما هذا السفر عند جلال الدين ابن 14 ربيعاً فكان فيه الكثير من دروس الحياة.
وبعد ان خرج بهاء وُلد من بغداد اقام واسرته لمدة في نواح من بلاد الشام، ثم قصد البلد الحرام لاداء فريضة الحج. وعلى عادة الواعظين كان بهاء وُلد ينتقل من مدينة الى اخرى حتى وصل الى شرق آسيا الصغرى وكانت اللغة الفارسية رائجة بين سكان هذه المنطقة.
الاقامة في المدن المختلفة، وفرت لجلال الدين محمد فرصة الاستزادة من اللغة العربية وآدابها والعلوم التي كانت تدرس وقتذاك في المدارس وما اكثرها يومئذ في بلاد المسلمين.
تعاقب الاسفار لازم اسرة جلال الدين محمد ايام كان في مقتبل عمره، هذا التجوال هو من جور الزمان وعدم رحمة الايام، لكن لكل شي نهاية، اجل لكل شيء نهاية وكانت اسفار جلال الدين انتهت عندما حلت اسرته في مدينة لارندة وهي اليوم في تركيا تعرف باسم قرامان.
كانت لارندة قد وفرت الاجواء المناسبة امام بهاء وُلد للوعظ والتدريس وقد اكرم واليها من قبل السلطان علاء الدين كي قباد السلجوقي بهاء وُلد واسرته ومريديه وسمى احدى المدارس فيها باسم بهاء وُلد. وكانت لارندة مدينة جميلة احتضنت العديد من آثار الدولة البيزنطينية واليونانيين القدامى او الاغريق، وفي لارندة شعر بهاء وُلد وقد بلغ مبلغ الكهول بالراحة والظروف المناسبة للوعظ والتدريس.
كبار رجال قونية وعلماؤها طلبوا من بهاء وُلد ان يتوجه صوب عاصمة السلطان علاء الدين. اما هو فقد رفض هذه الدعوة وبقي واسرته ومريديه في لارندة للاشراف على شؤون المدرسة التي اقيمت من اجله. هذه صوراً اقتطفناها من ذاكرة التاريخ، وثمة صور اخرى في حياة جلال الدين محمد وسنأتي على متابعتها واياكم تباعاً ونحن نضيء الانوار على حياة شاعر العرفان.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة