البث المباشر

احياء السنة النبوية

السبت 1 يونيو 2019 - 11:53 بتوقيت طهران

طبعتك أهداف النبّي، وذرَّبت

يدها شباتك وانتضتك صقيلا

فإذا خطبت رأوك عنه معبّرا

وإذا انتميت رأوك منه سليلا

 

أو قمت عن بيت النبوّة معرباً

وجدوا به لك منشأً ومقيلا

فكأنّ موقفك الأبيَّ رسالة

وبها كأنك قد بعثت رسولا

نهج الأباة على هداك ولم تزل

لهم مثالا في الحياة نبيلا

و تعشّق الأحرار سنّتك التي

لم تبق عذراً للشّجى مقبولا


إخوتنا الأعزّة الأكارم.. السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بعد رحلة النّبي الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم، وتسلّط بني أمية على جزءٍ من بلاد الإسلام، تعرّض الدين الحنيف والمجتمع الإسلاميّ إلى الخطر الجدّيّ فكان لا بدّ من منقذٍ مضحٍّ يعيد للإسلام حياته الأولى، ويعيد للمسلمين حياتهم الأولى أيضاً، فقد تخلّوا عن زمام الأمور حتّى آلت إلى الطلقاء، ونسوا الآخرة حتّى كادوا يفقدون كرامتهم، وكان رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ قد أنبأهم قائلاً: "إذا عظّمت أمتي الدنيا نزع الله منها هيبة الإسلام." إنّ من مهامّ الأنبياء والمرسلين، وكذا خلفائهم الوصيين، هداية الناس إلى الحقّ والإيمان والأخلاق الفاضلة الرفيعة، وإنقاذهم من الضّلال والظّلم ومساوئ الخصال، وذلك إنّما يتمّ بإحياء العقل الباصر والشعور الواعي، وإحياء النّفس والروح والضمير، وإنارة القلوب.. وهذا الإحياء لا يتمّ إلّا بواسطة أولياء الله تعالى، ومنهم أبو عبدالله الحسين عليه السَّلام ؛ لأنّهم سلام الله عليهم الخلق الأكمل الذين وهبهم الله تعالى من الملكات ما جعلهم يحييون الفضائل والقيم والمكارم والمحامد، بروحيةٍ عالية، وتضحياتٍ سخية، يريد للبشر خيرهم ونجاتهم.. بالعودة إلى دينهم، والنجاة من تضليل حكّامهم الظّلمة لهم، المحرّفين الذين يريدون إهلاكهم بالضّلال. جاء في كتاب الاحتجاج لأحمد بن عليّ الطبرسيّ، أنّ الإمام عليّ بن الحسين ـ عليه السَّلام ـ قال في ظلّ الآية المباركة: "وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" (البقرة: ۷۹۱) "ولكم – يا أمّة محمّدٍ في القصاص حياة ؛ لأن من همّ بالقتل فعرف أنّه يقتصّ منه فكفّ لذلك عن القتل، كان حياةً للّذي همّ بقتله، وحياةً لهذا الجافي الذي أراد أن يقتل، وحياةً لغيرهما من الناس، إذا علموا أنّ القصاص واجبٌ لا يجسرون على القتل مخافة القصاص، يا أولي الألباب: أولي العقول، لعلّكم تتّقون". ثمّ قال، عليه السَّلام: "عباد الله، هذا قصاص قتلكم لمن تقتلونه في الدنيا، وتفنون روحه، أفلا أنبّئكم بأعظم من هذا القتل، وما يوجبه الله على قاتله ممّا هو أعظم من هذا القصاص؟!" قالوا: بلى يا ابن رسول الله. قال، عليه السَّلام: "أن يضلّه عن نبوّة محمّد، وعن ولاية عليّ بن أبي طالب، ويسلك به غير سبيل الله، ويغويه باتّباع طريق أعداء عليّ، والقول بإمامتهم، ودفع عليٍّ عن حقّه، وجحد فضله، وأن لا يبالي بإعطائه واجب تعظيمه، فهذا هو القتل الذي هو تخليد المقتول في نار جهنّم خالداً مخلّداً أبدا، فجزاء هذا القتل مثل ذلك الخلود في نار جهنم". أجل – أيها الإخوة الأحبّة – لقد صمّم بنو أمية، على قتل رسالة محمّدٍ المصطفى ـ صلّى الله عليه وآله ـ وقتل معالم الدين، وقتل شخصية المسلمين، بإذلالهم وإرغام أنوفهم في أوحال الطمع والفساد، وإجبارهم على العقائد الفاسدة ومساوئ الأخلاق والتنكّب عن شرائع الإسلام.. فذاك معاوية بن أبي سفيان، كانت له مبتدعات، عرفت بالأوّليات: قال ابن شهر آشوب في متشابه القرآن ومختلفه: أوّل من أظهر الجبر في هذه الأمّة، معاوية. وكتب ابن أبي الحديد المعتزليُّ، في شرح نهج البلاغة: أوّل من قال بالإرجاء المحض، معاوية وعمرو بن العاص. وذكر النجاشيُّ في رجاله أنّ أوّل من ألجم مؤمناً – كما فعل مع ميثم التّمار – هو معاوية. ودوّن مجموعةٌ من المؤرّخين والرجاليين، منهم: أبو هلال العسكريّ، في كتابه، الأوائل، وابن سعد، في الطبقات الكبرى، والبخاريُّ، في التاريخ الصغير، وابن الأثير، في أسد الغابة.. وغيرهم أنّ أول من رفع رأس مسلمٍ على رمح – كما فعل برأس عمرو بن الحمق – هو معاوية. وأنّ أوّل من ركب بين الصّفا والمروة، وأوّل من أعلن بشرب النبيذ وبالغناء، وأوّل من أكل الطين واستباحه هو معاوية – كما ذكر ذلك السّيد ابن طاووس، في كتابه الطرائف، بينما كتب السيوطيُّ الشافعيّ، في الوسائل، وأبو هلال العسكريّ، في الأوائل أنّ أوّل من خطب جالساً هو معاوية. وفي المعارف أكّد ابن قتيبة، أنّ أوّل من اتخذ المقصورة في المسجد هو معاوية. وفي كتابه الأوائل ذكر الجُراعيُّ الحنبليّ، أنّ معاوية هو أوّل هو من قال: أنا أوّل الملك ! وكذا في كتابه الوسائل إلى معرفة الأوائل، كتب الحافظ السيوطيّ، أنّ معاوية هو أوّل من أحدث الأذان في العيدين، وأوّل من أمر مؤذّنه أن ينادي: السَّلام على أمير المؤمنين، وأوّل من نقّص التكبير. وأضاف المؤرخون والرجاليون إلى ذلك كلّه أنّ معاوية: أوّل من ترك القنوت في صلاة الصّبح، وأوّل من بدأ بخطبة العيد قبل صلاتها، وأوّل من ركب إلى الجنائز، وركب عند رمي الجمرات، وأوّل من استخلف على البيعة، وبايع لولده الفاجر يزيد وأجبر الناس على ذلك.. إلى غير هذا وذاك. أيها الإخوة الأفاضل: من مخالفاته ومخالفات خليفته يزيد، لكتاب الله، ولسنّة رسول الله، ولشرائع الدين وحياة المسلمين، وكان من أعظمها سُنّته الكافرة بإعلان لعن أمير المؤمنين عليٍّ ـ سلام الله عليه ـ على منابر البلاد الإسلامية في صلوات الجمعات والأعياد، حتى طال ذلك أكثر من ثمانين عاماً.. ومن هنا كتب ابن أبي الحديد: إنّ معاوية مطعونٌ في دينه عند شيوخنا، ويرمى بالزندقة.. كما روى في شرحه أنّ رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ قال يوماً لمعاوية: "لتتخذنّ – يا معاوية – البدعة سنّة، والقبح حسناً، أكلك كثير، وظلمك عظيم !! ". نعم.. وكادت الشرائع أن تحرّف وتمسخ وتمحى وتموت، وكاد المسلمون أن ينحرفوا ويمسخوا ويموتوا، فنهض الإمام الحسين يحيي الدين، ويبعث الوعي والبصيرة والغيرة والحياة في أرواح المسلمين!

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة