البث المباشر

علي(ع) في آية (اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ)

الأربعاء 25 سبتمبر 2019 - 13:09 بتوقيت طهران

اذاعة طهران - برنامج : علي(ع) في القرآن- الحلقة : 2

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والحمد كما يستحقه، والصلاة والسَّلام على النبي المصطفى الأمين، وعلى آله الهداة الميامين. ايها الاخوة الاكارم. السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته. روى أصحاب السير، وكذا المحدثون والمفسرون شيئاً كثيراً فيما نزل من القرآن الكريم في اهل البيت (عليهم السَّلام) بصورة عامة، وفي الامام علي _عليه السَّلام_ بصورة خاصة.. فقد روى الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ج ۲ ص۲۲۱، وابن عساكر الشافعي الدمشقي في تاريخ مدينة دمشق، كما نقل ابن حجر الهيثمي في الصواعق المحرقة ص ۷٦، والحافظ السيوطي في تاريخ الخلفاء ص ۱۷۲، كلهم بسندهم عن ابن عباس أنه قال: نزلت في عليّ ثلاثمائة آية. هذا من جهة، ومن جهة اخرى.. لم يكن رجل، لا من القرابة، ولا من الصحابة، اكثر معايشة ومواكبة لوقائع الإسلام والقرآن من علي بن ابي طالب (عليه السَّلام)، ويكفينا الاشارة الى ذلك من خلال روايتين فقط، ننقل لكم بعضها: في خطبة لأمير المؤمنين (عليه السَّلام) وتسمى بـ (الصاعقة) قال: "وقد علمتم موضعي من رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ بالقرابة القريبة، والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره وأنا ولد يضمني الى صدره، ويكنفني في فراشه، ويمسني جسده، ويشمنيّ عرفه". وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه، وما وجد لي كذبة في قول، ولا خطلة في فعل. ولقد قرن الله به ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ من لدن أن كان فطيماً أعظم ملكٍ من ملائكته، يسلك به طريق المكارم، ومحاسن أخلاق العالم، ليله ونهاره. ولقد كنت أتبعته اتباع الفصيل أثر أمه، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علماً، ويأمرني بالاقتداء به. ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء فأراه، ولا يراه غيري. ولم يجمع بيت واحد يومئذٍ في الإسلام غير رسول الله ـ صلى لله عليه وآله وسلم ـ وخديجة وأنا ثالثهما. أرى نور الوحي والرسالة، وأشم ريح النبوّة. ولقد سمعت رنة الشيطان حيث نزل الوحي عليه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فقلت: يا رسول الله ما هذه الرّنة؟ فقال: "هذا الشيطان قد أيس من عبادته، إنك تسمع ما اسمع، وترى ما أرى، إلا أنك لست بنبيّ، ولكنك لوزير، وإنك لعلى خير". واما الرواية الثانية التي تشير الى معايشة الامام علي للقرآن بتمامه، فهي قوله (عليه السَّلام): "كنت اذا سألت رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ أجابني، وإن فنيت مسائلي ابتدأني، فما نزلت عليه آية في ليل ولا نهار، ولا سماء ولا ارض، ولا دنيا ولا آخرة، ولا جنة ولا نار، ولا سهل ولا جبل، ولا ضياء ولا ظلمة، إلا أقرأنيها وأملاها عليّ، وكتبتها بيدي، وعلمني تأويلها وتفسيرها، ومحكمها ومتشابهها، وخاصها وعامّها، وكيف نزلت، واين نزلت، وفيمن أنزلت.. الى يوم القيامة، ودعا الله أن يعطيني فهماً وحفظاً، فما نسيت آية من كتاب الله، ولا على من انزلت إلا املاه عليّ".

*******


مرة اخرى- اخوتنا الافاضل- نعود الى آية الصراط، قوله: "اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ" ، فنجد بعض المفسرين يقولون: إن الصراط والطريق والسبيل في معنى متقارب، وقد قيل في معنى الصراط المستقيم وجوه: "أحدها: أنه كتاب الله تعالى، "وثانياً: أنه الإسلام، "وثالثهما: أنه دين الله الذي لا يقبل من العباد غيره، "والرابع: أن الصراط المستقيم هو النبيّ والائمة القائمون مقامه ـ صلوات الله عليه وعليهم ـ وإذا حملت الآية على العموم دخل جميع ذلك فيها، ولا تعارض بينها، فيكون الصراط المستقيم هو: الدين الذي أمر الله تعالى به، من: التوحيد ، والعدل، وولاية من أوجب الله طاعته. وهنا تأتي الروايات الشريفة مبينة ومفسرة وكاشفة عن مقاصد شريفة للآية المباركة: فعن الامام جعفر الصادق (عليه السَّلام) في بيانه لقوله تعالى:" اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ" قال: "يعني ارشدنا للزوم الطريق المؤدي الى رحمتك، والمبلغ الى جنتك، والمانع من أن نتبع أهواءنا فنعطب (اي: نهلك) أو نأخذ بآرائنا فنهلك". وسئل (عليه السَّلام) عن الصراط المستقيم، فأجاب قائلاً: هو الطريق الى معرفة الله عزَّ وجلَّ، وهما صراطان: صراط في الدنيا، وصراط في الآخرة. فأما الصراط الذي في الدنيا فهو الامام المفترض الطاعة، من عرفه في الدنيا واقتدى بهداه مرّ على الصراط الذي هو جسر جهنم في الآخرة، ومن لم يعرفه في الدنيا زلت قدمه على الصراط في الآخرة فتردّى في نار جهنم!

*******


ونبقى – اخوتنا الاحبة - مع الرواية تفتح لنا آفاقاً من البيان والفهم في آية الصراط، فينقل لنا ابن شهر آشوب مثلاً عن تفسير وكيع بن الجرّاح، عن سفيان الثوري، عن السدّيّ، عن اسباط ومجاهد، عن ابن عباس في قول الله تعالى: " اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ " أنه قال: قولوا - معاشر العباد - أرشدنا الى حب محمد وأهل بيته. أما الثعلبي فقد أورد رواية ابن شاهين عن رجاله، عن مسلم بن جبّان، عن ابي بريدة الصحابي، قوله في الآية: " اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ": اي صراط محمد وآله. وفي كتاب معاني الاخبار روى مؤلفه الشيخ الصدوق عن الامام الصادق (عليه السَّلام) في ظل قوله تعالى: " صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ " قوله: يعني محمداً وذريته صلوات الله عليهم. بعد هذا – ايها الاخوة الأعزة - لا يستغرب ان يفسر الصراط المستقيم بالإمام، وقد وهبه الله الكمالات، واختاره خليفة لسيد الكائنات، فهو المرشد في الدنيا الى الدين الحق، وهو المنجي بولايته الى طريق الجنة والرضوان، ومن هنا سمع الامام الصادق (عليه السَّلام) يقول في احدى تفاسيره للآية: يعني أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة