البث المباشر

مقارنة بين نعيم الدارين وعذابهما نزاع بين الملائكة اعوذ بالله من النار

الأحد 7 إبريل 2019 - 08:21 بتوقيت طهران

الحلقة 126

وله المجد والحمد رب العالمين، وازكى الصلوات والتحيات على سفن النجاة سيد الانبياء وآله الهداة. 
السلام عليكم اعزاءنا ورحمة الله، تحية طيبة واهلاً بكم في حلقة اخرى من هذا البرنامج يسرنا ان نصطحبكم فيها والفقرات التالية: 
- مقارنة بين نعيم الدارين وعذابهما 
- وحكاية عنوانها: نزاع بين الملائكة 
- وفقرة ادبية عنوانها: اعوذ بالله من النار 
- ويتخلل هذه الفقرات اتصال هاتفي بخبير البرنامج سماحة الشيخ محمد السند لكي يجيب عن بعض اسئلتكم للبرنامج 

*******

نبدأ الاكارم حلقة اليوم بفقرة تحمل العنوان التالي: 

بين نعيم الدارين وعذابهما

لا خفى عليكم ان القرآن الكريم اولى اهتماما بالغا بتعريف الناس بالجنة ونعيمها وخصص لذلك عدداً كبيراً من آياته الكريمة وفيها بيان ايضاَ لسبل الوصول للجنة وفي مقابل ذلك نجد اهتماماً مماثلاً بتعريف الناس بحقيقة النار وعذابها وما يؤدي اليها، وهذا ما بينته كثير من الآيات الكريمة.
وليس من الصعب معرفة سر الاهتمام القراني ببيان الحقائق المرتبطة بالجنة والنار، فهما يرتبطان بمصير الانسان بعد الحياة الدنيا ودار اقامته السرمدية الخالدة؛ فينبغي ان يكون على بينة بشأنهما.
كما لا يخفى عليكم الاكارم ان تعريف الناس بذلك هو من مظاهر رحمة الله جل جلاله بعباده اجل، فان معرفة الجنة ونعيمها والاستذكار لذلك من شأنه ان يبعث في الانسان الشوق لها ويعينه بالتالي على العمل بالصالحات تمهيداً لسكنى الجنان.
وعلى الطرف المقابل، فان معرفة حقيقة جهنم وعذابها من شأنه ان يردع الانسان عن المعاصي وعن العقائد الباطلة التي تسوق الانسان الى دركات الجحيم في الاخرة.
من هنا اعزاءنا يوصي علماء الاخلاق على ترويض النفس بتلاوة آيات الجنان ونعيمها اذا شاهد الانسان تقاعسا في نفسه عن القيام بالاعمال الصالحة.
كما يوصون الانسان بتلاوة الايات المتحدثة عن النار وعذاباتها اذا وجد في نفسه ضعفا عن مقاومة اغراءات المعاصي والاهواء والوسلوس الشيطانية.
وتبين الآيات الكريمة والاحاديث الشريفة ان اللذائذ الحقيقية بجميع انواعها هي التي يحصل ويتنعم بها اهل الجنان في حياتهم الاخروية الخالدة.
وفي المقابل فان العذاب الاليم هو الذي يقاسيه اهل الجحيم وهم يتلظون في نيرانها فلا يمكن مقارنته بصعوبات ومشاهل الحياة الدنيا مهما بلغت.
نعيم الجنة ولذاتها غير محفوفة بالالام والامراض والضعف والزوال ولا بالتعب ولا بالملل، فلا يمكن مقارنتها بلذات الدنيا مهما صفت وخلت من المنغصات.
وفي المقابل فان عذاب الجحيم هو العذاب الذي لا يمكن ان يتحمله اشد الناس تحملا للمشاق والصعوبات، فهو العذاب الذي لا انقطاع له ولا يخفف عن اهله ونعيم اهل الجنة هو النعيم الذي يلتذون به بكل وجودهم وباكمل صور الالتذاذ المادية والمعنوية.
وفي المقابل فان عذاب الجحيم يحرق ظاهرة الانسان وباطنه يذيب الجلود ويطلع على الافئدة فيشمل جميع صور التعذيب المادية والمعنوية؛ اجارنا الله واياكم منها.

*******

اما الآن فننقل الميكرفون الى زميلنا وهو يعرض بعض اسئلتكم على خبير البرنامج سماحة الشيخ محمد السند:
المحاور: السلام عليكم الافاضل وعلى خبير البرنامج سماحة الشيخ محمد السند، سماحة الشيخ الاخ فيصل من فلسطين وكذلك الاخ عبد الله من السعودية لهم عدة اسئلة تتمحور حول ما ورد في الاحاديث الشريفة ان الشهيد او الذي يقوم بالعمل الفلاني يشفع لسبعين من اهله او اربعين من اهله او ثلاثين، السؤال هو، على أي اساس يختارهم وهل شفاعته تكون مقبولة لمن اراد؟
الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين، طبعاً الشفاعة للشفيع تعتمد على درجة الشفيع نفسه من لحاظ مقامه وقربه وزلفاه عند الله عز وجل، وايضاً تلحظ فيها المشفوع له من حيث مدى الجريرة التي كان تكبلها والجرم والذنب، فكلما كان الذنب كبيراً يحتاج الى شفيع كبير، وكلما قل الذنب واحتاج الى شفاعة يسيرة، وهذه من الامور التي قياساتها وادلتها معها، يعني مقتضية على طبيعة الذنب وقرب الشفيع الى الله عز وجل.
المحاور: يعني الشفاعة تبقى مقيدة بشروط لمن ارتضى او هنالك ضوابط كما اشرتم اليها، طيب سماحة الشيخ الاخ احمد ابراهيم من السعودية يسأل عن قضية ما ذكرتموه "ذكر الشيخ محمد السند ان الحيوانات ايضاً لها درجة من الحساب او المحاسبة" مضمون ما ذكرتموه، هل يقتص للحيوانات يوم القيامة من اناس آذوها او قتلوها ظلماًَ؟
الشيخ محمد السند: طبعاً في الموارد التي لا يسوغ ايذاء الحيوان هناك ان الله عز وجل عدل لا يجور فيقتص لكل مظلوم ومن ذي حق ممن اعتدى عليه، وقد ورد عند الفريقين في هذه الرواية "ان امرأة دخلت النار في هرة" حبستها عن الطعام، لان المؤذي من الحيوانات سوغ في الشريعة قتله او ابعاده وما شابه ذلك، واما غير المؤذي من الحيوانات مثلاً ورد لدينا روايات نبوية في الحية او الفأرة من بعض الحيوانات التي هي تنشر الوباء والمرض او السبع مؤذي للانسان، اما بقية الحيوانات التي ليست لها ايذاء للانسان، والان اكتشف فقط من باب تفسير هذا الموقف الشرعي والا الدليل الشرعي هو بنفسه حجة بذاته ولكن من باب بيان عصري لهذه الامور، الان علم ان كل الحيوانات المختلفة التي ليس لها جهة ايذاء للانسان هي تدخل في ضمن معادلة وتوازن دورة النظام الطبيعي، يعني دورة النظام الطبيعي يوجب فيها اخلال والاختلال لو لا وجود مثل هذه الحيوانات لحاظ البيئة وتوازن وتنامي البيئة المحيطة بالانسان والانسان نفسه.
المحاور: شكراً لكم سماحة الشيخ محمد السند، هنالك اسئلة لو سمحتم نوكلها الى حلقة مقبلة، وشكراً لاحبائنا وتفضلوا مشكورين لمتابعة ما تبقى من هذه الحلقة من برنامج عوالم ومنازل.

*******

حان الآن موعدكم مع حكاية هذه الحلقة من برنامج عوالم ومنازل عنوانها هو:

نزاع بين الملائكة

اخترنا لكم في هذا اللقاء حكاية من القصص الحق من تاريخ الامم السالفة تحمل عدة عبر ودلالات مهمة.
الحكاية نقلها عدة من المصادر المعتبرة عن ابي سعيد الخدري عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال وهو يحدث اصحابه: كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفساً، فسأل عن اعبد اهل الارض فدُل على راهب فأتاه. 
ويبدو الاكارم من كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) ان هذا العابد لم يكن عالماً كما يستبين من تتمة الرواية، فقد قال الرجل القاتل لذلك العابد: اني قتلت تسعة وتسعين نفساً فهل لي من توبة؟
فأجابه العابد: لا، فغضب الرجل وقتله فكمل به المائة! 
وقبل ان نكمل نقل الحكاية ننقل لكم اعزاءنا ما روي في كتاب الوسائل ان الامام الرضا (عليه السلام) سمع بعض اصحابه يقول: لعن الله من حارب علياً (عليه السلام). 
فقال (عليه السلام) له: قل: إِلاَّ مَن تَابَ وأصلح.
ثم قال (عليه السلام): ذنب من تخلف عنه (عليه السلام) ولم يتب أعظم من ذنب من قاتله ثم تاب.
ولا يخفى عليكم اعزاءنا أن محاربة الامام الحق من اعظم الكبائر ومن اجلى مصاديق الافساد في الارض ومحاربة الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) ومع ذلك فان باب التوبة يبقى مفتوحاً أمام من ارتكبه بما هو دونه.
هذه الحقيقة جهلها ذلك العابد فأوقع القاتل من حيث لا يدري في ذنب جديد. 
نعود احباءنا الى قصة هذه الحلقة، فبعد أن اقدم ذلك العاصي على قتل العابد سأل عن اعلم اهل الارض فدلوه على رجل عالم.
فسأله: اني قتلت مائة نفس فهل لي من توبة؟ 
لاحظوا اعزاءنا جواب هذا العالم، فقد قال له: ومن يُحال بينه وبين التوبة، انطلق الى ارض كذا وكذا [ووصف له بلداً] فإن بها اناساً يعبدون الله فاعبد الله معهم ولا ترجع الى ارضك فإنها ارض سوء. 
وقد جاء في الاحاديث الشريفة الاكارم ان الفقيه من لم يقنط الناس من رحمة الله ولم يُيئسهم من عفوه، وقد بعث جواب هذا العالم الامل في قلب ذلك القاتل الطالب للتوبة فأسرع الى شد رحاله متوجهاً الى ذلك البلد.
لكنه وافاه الاجل وهو في الطريق، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): فأختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب.
فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائباً مقبلاً بقلبه الى الله.
وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيراً قط. 
فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم فقال: قيسوا ما بين الارضين فألى أيتهما كان ادنى فهو لها.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأوحى الله الى هذه [يعني بلدة السوء التي خرج منها] ان تباعدي، والى هذه [بلدة الصالحين] ان تقربي، فكان الى القرية الصالحة اقرب بشبر فجعل من اهلها وقبضته ملائكة الرحمة. 

*******

نتابع تقديم هذه الحلقة من برنامج عوالم ومنازل وننقلكم الى اجواء الادب والشعر وفقرة عنوانها هو: 

نعوذ بالله من النار

ايها الاخوة والاخوات، اخترنا لهذا اللقاء ابياتاً مؤثرة من قصيدة في الاستعاذة بالله الغفور الرحيم من النار وعذابها.
وهي من انشاء الاديب الاندلسي البارع ابو اسحاق ابراهيم بن مسعود الالبيري المتوفى سنة ٤٦۰ لهجرة، قال (رحمه الله) واصفاً حال احل الجحيم اعاذنا الله وإياكم منهم: 

ويل لاهل النار في النار

ماذا يُقاسون من النار

تنقد من غيظ فتغلي بهم

كرجل يغلي على النار

يهوى بها الاشقى على رأسه

فالويل للاشقى من النار

وكلما رام فراراً بها

فرّ من النار الى النار

يطوف من افعى الى ارقم

وسمها أقوى من النار

لا راحة فيها ولا فترة

هيهات لا راحة في النار

ولو جبال الارض تهوي بها

ذابت كذوب القطر في النار

ويتابع الاديب الاندلسي ابو اسحاق الالبيري قصيدته لكي يقول في بعض ابياتها اللاحقة: 

طوبى لمن فاز بدار التقى

ولم يكن من حصب النار

يا ايها الناس خذوا حذركم

ما في العدى اعدى من النار

واكثروا من ذكر مولاكم

فذكره ينجي من النار

ان الالباء وهم قلة

فروا الى الله من النار

وطلقوا الدنيا بتاتاً ولم

يلووا عليها حذر النار

وابصروا من عيبها إنها

فتانة تدعوا الى النار

فطابت الانفس منهم بأن

أمنهم من فزع النار

وتابع الاديب الالبيري الاندلسي قصيدة بعتاب لنفسه قال فيه: 

والله لو اعقل لم تكتحل

بالنوم عيني خيفة النار

ولا رقا دمعي ولا علم لي

اني في امن من النار

اي التذاذ بنعيم اذا

ادى الى الشقوة في النار

أم اي خير في سرور إذا

اعقب طول الحزن في النار

ففكروا في هولها وإحذروا

ما حذر الله من النار

فأنها راصدة أهلها

تدعهم دعاً الى النار

وطالما استرحمته ضارعاً

يا رب حرمني على النار

فأنت نولاي ولا رب لي

غيرك اعتقني من النار

ولم تزل تسمعني قائلاً

أعوذ بالله من النار

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة