البث المباشر

عقائدية عنوانها: (وللمؤمنين شفاعة) حكاية موثقة عنوانها هو: (نزلت الام حامدة مستبشرة) أدبية شعرية عنوانها: (إذا دانت لك الدولُ)

السبت 6 إبريل 2019 - 10:33 بتوقيت طهران

الحلقة 116

بسم الله وله الحمد رب العالمين وأزكى الصلاة وأتم التسليم على خير الشافعين محمد وآله الطاهرين.
السلام عليكم أحباءنا وأهلاً بكم في لقاء ٍ آخر من هذا البرنامج إخترنا لكم فيه فقرات متنوعة هي: 
- عقائدية عنوانها (وللمؤمنين شفاعة) 
- وحكاية موثقة عنوانها هو (نزلت الام حامدة مستبشرة) 
- وأدبية شعرية عنوانها (إذا دانت لك الدولُ) 
- وفي غضون ذلك نستمع لاجابات خبير البرنامج سماحة الشيخ محمد السند على أسئلتكم للبرنامج.

*******

لنبدأ الجولة على بركة الله مستمعينا الاعزاء مع الفقرة الروائية وعنوانها هو: 

وللمؤمنين شفاعة

الافاضل روي في مصادر الفريقين عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: ثلاثة يشفعون الى الله عزوجل فيُشفعون: الانبياء ثم العلماء ثم الشهداء.
وروي عنه (صلى الله عليه وآله) أنه قال في حديث آخر: الشفاعة للأنبياء والاوصياء والمؤمنين والملائكة. 
وقد جاءت الاكارم الاحاديث عن ائمة العترة المحمدية عليهم السلام في تفصيل أحاديث جدهم المصطفى صلى الله عليه وآله في خصال المؤمنين الذين لهم الشفاعة يوم القيامة ومن هذه الاحاديث ما رواه الشيخ الكليني في كتاب الكافي عن مولانا الامام الصادق (عليهم السلام) أنه قال: المؤمن مؤمنان: فمؤمن صدق بعهد الله ووفى بشرطه. وذلك قول الله عزوجل: «رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ».
ثم قال (عليه السلام): عن هذا الصنف من المؤمنين: فذلك الذي لا تصيبه أهوال الدنيا ولا اهوال الاخرة وذلك ممن يشفع ولا يشفع له.
ولا يُخفى الاكارم أم المراد من قوله (عليه السلام): (ولا يُشفع له) هو أنه لايحتاج الى الشفاعة المنجية من النار أو أهوال القيامة لأنه ناج ٍ منها 
ولكن ذلك لا يعني أنه لا يحتاج الى شفاعة النبي وآله عليه وعليهم السلام لرفع درجاته في الجنة فهذا مالا يستغني عنه أحد من الاولين والآخرين.
وهذا ما صرحت به أحاديث أخرة نقلناها لكم في لقاءات سابقة. ثم بين مولانا الامام الصادق (عليه السلام) صفة النوع الثاني من المؤمنين فقال: ومؤمن كخامة الزرع تعوج أحياناً وتقوم أحياناً فذلك ممن تصيبه أهوال الدنيا وأهوال الاخرة، وذلك ممن يُشفع له ولا يشفع.
كما بينت الآية الشريفة أن للمؤمنين درجات فيما يرتبط بسعة شفاعتهم. روي في بحار الانوار عن مولانا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: في المؤمنين من يشفع لمثل ربيعة ومضر [وهما من كبار القبائل] وأقل المؤمنين شفاعة من يشفع لثلاثين إنساناً. 
وقال الامام الباقر (عليه السلام): إنّ المؤمن ليشفع في مثل ربيعة ومضر، وإن المؤمن ليشفع حتى لخادمه ويقول: يا رب حق خدمتي كان يقيني الحر والبرد.
وفي حديث آخر عنه (عليه السلام) أيضاً قال: يشفع الرجل في القبيلة، ويشفع الرجل لأهل البيت [اي عائلته]، ويشفع الرجل على قدر عمله. 
ونجد في الاحاديث القدسية أيها الاخوة والاخوات إشارة الى أهم عمل يؤهل المؤمن لأن يكرمه الله عزوجل بكرامة الشفاعة لمن أحب.
فقد روى المحدث الجليل الحر العاملي في كتابه الجواهر السنية أن موسى على نبينا وآله أفضل الصلاة والسلام سأل الله عزوجل فقال: فما جزاء من دعا نفساً كافرة الى الاسلام.
فقال جل جلاله: يا موسى [جزاؤه أن] أذن له في الشفاعة يوم القيامة لمن يريد. 
يبقى هنا أعزاءنا أن نشير الى قضية عملية مهمة مستفادة من هذه الاحاديث الشريفة وهي ان تجنب إيذاء المؤمن وأقامة علاقات طيبة معه من شأنه أن يفتح أمام الانسان أبواب الفوز بشفاعته التي ادخرها الله له يوم القيامة. هذا فضلاً عن الفوز بدعائه المستجاب في الحياة الدنيا أيضاً. 

*******

إخوتنا وأخواننا ننقلكم الآان الى خبير البرنامج سماحة الشيخ السند وإجاباته عن أسئلتكم في الاتصال الهاتفي التالي الذي أجراه زميلنا:
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم احبائنا شكراً لكم على جميل متابعتكم لفقرات برنامج عوالم ومنازل ومنها هذه الفقرة التي نستضيف فيها سماحة الشيخ محمد السند خبير البرنامج للاجابة عن اسئلتكم، سماحة الشيخ من الاخ هادي عبد الله رسالة عبر البريد الالكتروني يسأل فيها عن افضل ما يعمل للميت من اعمال وخيرات؟
الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين، طبعاً ورد ان من صلة الميت هو بعث هدايا الثواب الى روحه ومن جملة تلك الامور اهداء العبادات والزيارات والصدقات لا سيما الى ذوي الحاجة والمسكنة والفاقة من المؤمنين فان ذلك بالغ الثواب والتأثير والتخفيف عن الميت وقد اوصي به الى درجة قصوى، واضف الى ذلك من الامور اللازمة تفريغ ذمة الميت ربما عما يحتمل اشتغاله به من مظالم العباد وهذا ما يعرف عند العلماء بدفع اموال صدقة عن من قد يكونوا ظلموا من قبل الميت فيكون ذلك رداً للمظالم، يعني اذا يتصدق عن اولئك الذين لهم على الميت حقوق مالية او حقوق غير مالية يقال اولئك اصحاب الظلامات اولئك اذا تصدق عنهم نيابة عن الميت يوجب ويسبب فراغ وبراءة ذمة عن مظالم العباد لا سيما وان مظالم العباد يعفو الله عما له على العبد ولكن مظالم العباد تلك عقبة لا يتجاوزها المرء والانسان الميت الا ان يعفى له من قبله، فهذا رد المظالم من هذا القبيل او امور اخرى تشتغل قد تكون اشتغلت بها ذمة الميت من حج او صلاة او صيام وان كان بنحو الاحتمال، تفريغ ذمة الميت عن ديون حقوق الله وحقوق العباد هذا ربما بعد ان اوجب في صلة واثابة الميت فضلاً عن الصدقات الجارية.
المحاور: سماحة الشيخ رسالة من الاخت رقية عبر البريد الالكتروني ايضاً تسأل تقول هل ان الله تبارك وتعالى يحاسبنا على وساوس الشيطان انها تزعجني كثيراً فكيف ابعدها؟
الشيخ محمد السند: في الحقيقة وسوسة الشيطان انما تبعد بقراءة القرآن وكثرة ذكر الله ولو الذكر باخفات ولو ذكر قلبي، نعم كثرة ذكر الله طاردة للشيطان، الآذان بصوت عال في البيت قراءة القرآن من قبلها بصوت عال تقوية الارادة والعزم وتلقين النفس بالارادة والعزم وعدم الاصغاء الى حديث النفس الاصغاء الكثير لحديث النفس بوابة ونافذة لولوج ايحاءات وساوس الشيطان وما شابه ذلك، الانشغال بما يشغل الانسان من تدابير معيشية او نشاط ديني او ما شابه ذلك، هذه امور صارفة وصوارف عن تسلط وساوس الشيطان عن الانسان، على اية حال هذه جملة من الامور مؤثرة.
المحاور: سماحة الشيخ المحاسبة عليها اذا لم يستجب الانسان لها كيف تكون الاخت تسأل تقول هل الله يحاسب عليها؟
الشيخ محمد السند: في الحقيقة المحاسبة انما تكون على الانقياد والاستجابة لها والمتابعة لها.
المحاور: جزاكم الله خيراً سماحة الشيخ محمد السند اسئلة اخرى نوكلها الى لقاء مقبل ان شاء الله، وشكراً لاحبائنا تابعوا ما تبقى من فقرات البرنامج.

*******

ونزلت الأم حامدة مستبشرة

صرح آية الله العالم الورع السيد الشهيد عبد الحسين دستغيب في كتابه القيم (القصص العجيبة) أنه لم ينقل في كتابه هذا الا الحكايات التي توثق من صحتها لنقلها عن أخيار ثقات ومن هذه الحكايات الموثقة أيها الاخوة والاخوات حكاية الشيخ محمد حسين القمشئي الذي اشتهر في النجف الاشرف بلقب (الهارب من القبر). 
وهذا الشيخ الفاضل هو من تلامذة العارف الفاطمي الجليل السيد مرتضى الكشميري، ولأشتهاره بهذا اللقب قصة حكاها بنفسه، وملخصها أنه عندما كان عمره ثمانية عشر عاماً أصيب بمرض التيفوئيد الذي كان يومها من الامراض الخطرة وكان الشيخ يومها في مسقط رأسه مدينة (قمشه) القريبة من مدينة إصفهان الايرانية أخذ هذا المرض يشتد على الفتى يوماً بعد آخر، وصادف مرضه موسم نضوج العنب الذي يعتبر أكله سُماً للمصاب بالتيفوئيد ولكن الفتى أكل منه جهلاً بخطورته... فتدهورت حالته حتى ظهرت جميع علامات الموت أيقن الاهل من موت الفتى فأجهشوا بالبكاء واستعدوا لتجهيزه لمراسم الدفن لكن والدته لما رأته قد فارق الحياة صاحت: لا يمدن أحدٌ يداً الى ولدي حتى أعود! 
ثم أخذت الام المؤمنة المصحف الكريم وصعدت فوراً الى سطح الدار وشرعت تتضرع الى الله محي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ تشفعت الى الله جلت رحمته بكتابه القرآن المجيد وحبيبه الحسين الشهيد وهي تكرر القول: يا أكرم الاكرمين لن أكف عن التضرع والتوسل حتى تعيد لي ولدي! 
ولم يطل المقام بهذه المؤمنة الموقنة فبعد برهة دبت الحياة مرة أخرى في جسد الفتى محمد حسين، فتح عينيه ونظر حوله فلم ير أمه الحنون فقال: قولوا لأمي أن تأتي... لقد عفا الله عني ومنحني فرصة أخرى بحرمة كتابه المجيد وحبيبه الحسين الشهيد! 
نادى الحاضرون الام بفرح قائلين: يا ام محمد حسين لقد عاد ولدك الى الحياة. 
جاءت الام فرحة مستبشرة، وإحتضنت ولدها حامدة شاكرة وسألته عما جرى فقال: بعد أن حلّ أجلي جائني شخصان نورانيان عليها ملابس بيضاء فسألاني ممّ تشكو؟ 
قلت: كل أعضاء جسمي تؤلمني، فمسح أحدهما بيده على رجلي فسكن ألمها، وأخذ يمر بيده على أعضائي وألامها تسكن تباعاً... حينئذ إنتبهت الى بكاء أهلي من حولي، حاولت أن أفهمهم بأني قد ارتحت فلم اقدر؛ الى ان رفعني ذلك الشخصان وحلقا بي وكنت مسروراً مبتهجاً... وفي الطريق لقياهما سيد جليل يسطع نوراً، فقال لهما: لقد منحنا هذا الفتى ثلاثين سنة عمراً لتوسل أمه بنا الى ربنا جل جلاله، أرجعاه.
فأرجعاني بسرعة وفتحت عيني، لقد استجاب الله دعاءك وتوسلك يا أماه.
وكان الذين سمعو منه الحكاية يتوقعون وفاته وهو ابن ثمان وأربعين سنة، وهذا ما حدث بالفعل فقد توفي في النجف الاشرف في السنة الموعودة رضوان الله عليه. 
النصوص الشريفة تنذرنا أحباءنا وبكل وضوح بأن حب الدنيا رأس كل خطيئة ولكن تنبهنا هذه النصوص من جهة أخرى الى أن ما تحذر منه ليس التمتع بالطيبات من الرزق التي أنزلها الله للخلق بل التحذير هو من أن يكون الانسان أسيراً للذائذ والشهوات وبالتالي عبداً للدنيا الفانية فيخسر بالتالي الدنيا والآخرة. 

*******

إذا دانت لك الدولُ

وعلى ضوء هذه الحقيقة نتدبر معاً الاكارم في الابيات التالية المحذرة من هذا الخطر وهي من انشاء الاديب ظافر الحداد من أدباء الاسكندرية وهو أبو نصر ظافر بن القاسم الجذامي المتوفى سنة ٥۲۹ للهجرة، قال (رحمه الله): 

إذا دانت لك الدول

ففكر كيف تنتقل

فلو سمحت بها الأيام لم يسمح بها الاجل.

وإنك سوف تدفعها

كما أعطتكها الأول

وبعد بيان هذه الحقيقة الوجدانية، أي أن الدنيا فانية يقول هذا الاديب في بيان التجسيد العملي للاعتقاد بزوال الدنيا: 

فلا يغرر بك التسويف

والآمال والعلل

فإنك إن تجد أملاً

تجدد بعده أمل

فما يرويك من

دنياك لا عل ولا نهل

وإنك كل ما جمَّعت

يبقى حين ترتحل

فما لك منه فيما بعد

الا الاثم والزلل

وبطشة قابض الارواح

ليس لأخذها مهل

ويختم الاديب الحداد الاسكندري قصيدة بأشارة تحذيرية من الاغترار بالدنيا والغفلة عن الآخرة فيقول: 

عجبت لآمن ٍ ساه ٍ

له بحياته جذلُ

وجيش الموت يطلبه

وقد ضاقت به السبل

وما في قصده شك

ولا يدري متى يصل

وسيّان الجبان لديه

عند البطش والبطلُ

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة