البث المباشر

روائية عقائدية عنوانها: شفاعة وحصن حصين حوار مع الشيخ محمد السند حول معنى الحركة الجوهرية حكاية ننقلها عن الشيخ البهائي عنوانها: ضمان بدار في الجنّة أبيات مؤثّرة للأمير ابي فراس الحمداني

السبت 6 إبريل 2019 - 10:15 بتوقيت طهران

الحلقة 114

بسم الله وبالله والحمدلله والصلاة على حبيب الله محمد وآله أصفياء الله.
ها نحن نلتقيكم على بركة الله في حلقة اخرى من برنامج عوالم ومنازل، نعرفكم أولاً بفقراتها وهي اربع:
- الأولى روائية عقائدية عنوانها شفاعة وحصن حصين
- والثانية اتصال هاتفي مع سماحة الشيخ محمد السند وإجابة عن سؤال بشأن معنى الحركة الجوهرية
- والثالثة حكاية ننقلها عن الشيخ البهائي عنوانها: ضمان بدار في الجنّة
- والاخيرة أدبية وأبيات مؤثّرة للأمير ابي فراس الحمداني

*******

نبدأ جولتنا أعزاءنا بفقرة، عقائدية روائية وهي تشتمل على تعريف بإحدى وسائل النجاة المهمة في الدنيا والاخرة عنوان الفقرة هو:

شفاعة وحصن حصين

من المعلوم في سيرة الامام جعفر الصادق (عليهم السلام) أنّ المنصور الدوانيقيّ قدهمّ عدّة مرات بقتله (عليه السلام) لكنّ الله عزّوجل كان ينجّيه منها لكي يكمل (عليه السلام) ما كلّف به من تبليغ السنن المحمدية.
وطبقاً للسنة الإلهية في إجراء الأمور بأسبابها كانت نجاته (عليه السلام) تتحقق بالاستشفاع والدعاء الذي هو من أوثق الاسباب.
فمثلاً روى السيد الجليل علي بن طاووس في كتابه القّيم (مهج الدعوات) عدّة روايات بهذا الخصوص منها أنّ الامام الصادق سلام الله عليه سئل في إحدى المرات التي أنجاه الله عزوجل من محاولة قتل دبّرها المنصور له فقيل له: بم احترست من المنصور عند دخولك عليه فأجاب عليه السلام قائلاً: ]احترست[ بالله وبقراءة إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ثمّ قلت: (يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله إني أستشفع اليك بمحمد وآله (صلى الله عليهم) أن تقلبه لي).
ثم قال مولانا الصادق (عليه السلام): فمن إبتلي بمثل ذلك فليصنع مثل صنعي ولولا إننا نقرأها [يعني سورة القدر والدعاء] ونأمر بقرائتها شيعتنا لتخطّفهم الناس، ولكن هي والله لهم كهف.
من هذه الرواية الشريفة يتّضح الافاضل إنّ الاستشفاع بمحمد وآله عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام يتحقق في الدنيا والاخرة. 
فيكون في الدنيا بالنجاة من أهوال يوم القيامة ومن النار والفوز بشفاعتهم لعلوّ الدرجات في الجنّة وغير ذلك.
وقد تحدثت الأحاديث الشريفة عن كلا نوعي الاستشفاع الى الله عزوجلّ بهم عليهم السلام في الدنيا والآخرة.
كما نستفيد من الرواية الشريفة المتقدّمة أهمية تلاوة سورة القدر والمواظبة عليها مع الاستشفاع بمحمد وآله الى الله عزوجل
أجل فمولانا الامام الصادق (عليه السلام) يصف هذا العمل المبارك بأنه حصن للمؤمنين يحميهم من أعدائهم.
والفائدة الثالثة المستفادة من الرواية الشريفة المتقدمة أحباءنا المستمعين هي أنّ محمداً وآله عليهم السلام يقومون بهذا العمل المبارك كمصداق للقيام بالشفاعة ولو لا قيامهم (عليهم السلام) بذلك لما كفى المؤمنين التلاوة المجرّدة لسورة القدر المباركة، بل يجب أن تكون مقترنة بالاستشفاع بهم (عليهم السلام).
أجل فهذا هو الواضح من قوله (عليه السلام) ولو لا أننا نقرأها ونأمر بقرائتها شيعتنا لتخط فهم الناس.

*******

أمّا الآن فننقل الميكرفون الى زميلنا وإتصال هاتفي مع خبير البرنامج سماحة الشيخ محمد السند. فلنستمع معاً ايها الاخوة والاخوات إلى اجابته عن احد اسئلتكم للبرنامج:

معنى الحركة الجوهرية

المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم احبائنا على خط الهاتف خبير البرنامج سماحة الشيخ محمد السند، سماحة الشيخ وصلت البرنامج عوالم ومنازل من الاخ اسامة من غزة رسالة يطلب فيها تلخيص نظرية الحركة الجوهرية ويسأل قائلاً هل هي مستمرة هذه الحركة في كافة عوالم الوجود؟
الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين، الحركة الجوهرية هي نظرية شيدها وبناها وابتكرها الحكيم المرحوم ملا صدرا الشيرازي في كتابه الاسفار وفي العديد من كتبه الفلسفية وملخص هذه النظرية ان الحكيم ملا صدرا يعتقد ويتبنى الموجود الجوهري المادي في الحقيقة يتكامل من صورة نوعية الى صورة اخرى خلافاً لما ذهب اليه فلاسفة وحكماء المشاء من انه لا يتحلل الموجود بصورة نوعية ومتكاملة الا بعد ان يخلع الصورة النوعية التي كان متحلل بها على الاقل في الجواهر المادية، لكن الذي تبناه وتوصل اليه ملا صدرا انه الصور النوعية هي تشتد، يعني الحركة ليست مخصوصة بالحركة العرضية من مكان الى مكان او حركة الزمان او حركة البدن، الوضعية مثلاً في الجسم الموجود في مكان واحد الا انه يبدي حركات من سجود او ركوع او في اللون يتبدل من لون الى لون اخر، هذه الحركة هي حركة في الاعراض التي تعرض على الاجسام التي هي الجواهر، هو تبنى ان نفس الاجسام ايضاً هي فيها حركة وطبعاً غير مخصوصة الحركة بالجواهر التي هي اجسام بل ايضاً حتى في الارواح او القوى النفسانية.
المحاور: يعني كل مخلوق سماحة الشيخ؟
الشيخ محمد السند: هذا التزمه في المخلوق الذي لديه ارادة واختيار، وان كان المفروض باعتبار ان الحكماء والفلاسفة لا يتصورون للملائكة تكامل وان كان هذه نظرية يمكن دحضها بما جاء في نهج البلاغة عن امير المؤمنين ان الملائكة لهم تكامل وانهم بعبادتهم لربهم كما جاء في بداية خطب امير المؤمنين عليه السلام يزدادون بعبادتهم لربهم علماً، فازدياد العلم تكامل بالنسبة للملائكة كما ان الحال عند الفلاسفة او الحكماء ان المخلوق الانساني او المخلوق الجناوي اذا ذهب الى البرزخ لا يتكامل او في الاخرة لا يتكامل او في المحشر لا يتكامل وانما حصل من كمال ان هناك الكمالات تتكشف او تظهر اكثر فاكثر لان هناك تكامل، والحال وان ورد بهذا المضمون جملة من النصوص القرآنية والحديث عن النبي واهل بيته الا ان في جملة اخرى من النصوص، نستطيع ان نستكشف ان هناك تكامل في البرزخ وتكامل في الاخرة وان كان في الطائفة الاولى من النصوص ها هنا عمل بلا حساب وهناك حساب بلا عمل، هذا امر صحيح بمعنى العمل الحاسم لمصير الانسان، واما بمعنى بعد تحديد مصير الانسان اما الى الجنة واما الى النار بعد تحديد مصير الانسان ان هناك نوع من التكامل بعده في نفس المصير هدي اليه الانسان او وصل اليه الانسان نتيجة اعماله فهذا ما لا تأباه النصوص على اية حال، بل ولا البيانات العقلية وان ادعى جملة من المدارس الفلسفية المشاءين او الاشراقيين او حتى الحكيم ملا صدرا ولكن الصحيح ان هناك نظريات جديدة تقرأ هذه النصوص وان التكامل امر ممكن في البرزخ وفي الاخرة، وهناك طوائف عديدة من الايات والروايات مثل نجاة بعض اهل النار لا كل اهل النار بعض الذين ليسوا بجاحدين ولا معاندين، هذا الخروج نوع من التكامل، وغيرها من الامور الاخرى مثلاً امتحان الاطفال في يوم المحشر او المستضعفين فاذا نجحوا في الامتحان فانهم يزفون الى الجنة وما شابه ذلك، شواهد عديدة كثيرة يمكن احد يستقصاه ان التكامل قابل للتصور، نعم هنا عمل بلا حساب العمل الحاسم لمصير الانسان، فعلى اي تقدير الحركة الجوهرية ليس فقط الجسم بل ايضاً الروح والجواهر طبعاً الروح ها هنا في ارتباطها مع الجسم تتكامل عند ملا صدرا وبناءاً على ما بيناه ايضاً حتى في البرزخ تكامل الروح اجساد الانسان تتكامل ايضاً الى اجساد اكثر طاقات اكثر قدرة اكثر قوة من هذا الجسد الى الجسد البرزخي ومن الجسد البرزخي الى الجسد والجسم الاخروي الذي هو اكثر طاقة واكثر قدرة واكثر آثار وعنفوان، اذن الجوهر الجسماني يتلطف ويتكامل ويتراوح الى ان يصبح جسداً لطيفاً من الجسد اللطيف الى الالطف ومن الجسد الالطف الى ان يتكاون الى قوة روحية او ما شابه ذلك ومن القوة الروحية باعتبار انها ذات المدارج الى القوة العقلية، فهذا كله نوع من السير والحركة حركة الجوهر من درجة كمال الى درجة كمال آخر، من صورة نوعية الى صورة نوعية اخرى، ولعله يفسر بذلك قوله تعالى: خلقاً من بعد خلق ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ، ان الانسان يمر باطوار وهذه الاطوار اطوار نوعية يسير فيها الانسان في وجوده المادي الجسماني الى ان يلاقى الطور في نشأة اكبر واعلى وهي النشأة الروحية، فهذا ملخص على اية حال الحركة الجوهرية انها حركة في الجوهر ليس فقط في العرض ولكن هذه الحركة يعني مسافتها درجاتها النوعية في اطوار وجود الجوهر الموجود المخلوق والمتحرك فيها نفس جوهر المخلوق سواء كان انسان او غير انسان، سواء كان ايضاً مادي او قوى الروح، والغاية هي الوصول الى مراتب كمالية اكثر في الجوهر فتفترق الحركة في الجوهر اي في الموجودات، الاستقلال في الوجود، وايضاً تبين لنا انه في العوالم الاخرى بمقتضى الروايات وان لم يلتزم بذلك صريحاً الملا صدرا وحسب الروايات طائفة عديدة من الايات والروايات ان هناك تكامل ومن هناك بيانات عقلية تفند دعوة استحالة التكامل في العوالم الاخرى وان كان تحديد المصير وبالعمل في هذه الدار.
المحاور: سماحة الشيخ محمد السند شكراً جزيلاً، وحيا الله الافاضل وهم يتابعون ما تبقى من فقرات هذه الحلقة من برنامج عوالم ومنازل.

*******

مع شكرنا لطيب إستماعكم لفقرات هذه الحلقة من برنامج عوالم ومنازل ندعوكم أحباءنا لهذه الحكاية الجميلة التي إخترنا لها العنوان التالي:

ضمان بدار الجنّة

حكى العارف الفقيه الشيخ البهائي رضوان الله عليه في كتابه (الكشكول) أنّ الشيخ علي بن سهل الزاهد الاصفهاني كان ينفق على الفقراء ويحسن إليهم وكان أن دخل عليه ذات يوم جماعة منهم ولم يكن عنده شيء يعطيهم فذهب الى بعض أصدقائه يستقرض منه شيئاً لكي يعطيه لهؤلاء الفقراء فأعطاه صديقه دراهم معدودة واعتذر لقلّتها قائلاً: أعذرني يا أبا الحسن، فإني مشغول ببناء دار جديدة وأحتاج الى خرج كثير.
فسأله الشيخ علي بن سهل: وكم يصير خرج هذه الدار؟
أجاب الرجل: لعلّه يبلغ خمسمائة درهم إدّخرتها لها
فقال الشيخ: إدفعها لي لأنفقها على الفقراء وأنا أسّلمك داراً في الجنّة وأعطيك خطّي وعهدي بذلك!
وهنا قال الرجل: يا ابا الحسن إني لم أسمع منك قطّ خلافاً ولا كذباً فإن ضمنت لي دار الجنّة دفعت لك الدراهم لتنفقها على الفقراء.
أجاب الشيخ علي بن سهل: ضمنت لك ذلك.
وكتب بخطّه كتاباً بضمان دار في الجنة للرجل، فدفع الأخير الدراهم وأخذ الكتاب بخط الشيخ علي بن سهل.
وأوصى الرجل بأن يجعل هذا الكتاب في كفنه إذا حلّ أجله، فلما توفّاه الله عملوا بوصيته ووضعوا الكتاب في كفنه.
ثم كان أن دخل الشيخ علي بن سهل مسجده ذات يوم لصلاة الفجر، فوجد الكتاب بعينه في محرابه وقد كتب على ظهره العبارة التالية بخطّ أخضر قد أخرجناك من ضمانك وسلّمنا الدار في الجنّة الى صاحبها وبقي هذا الكتاب عند الشيخ يستشفي به المرضى من أهل إصفهان.
بعد نقله لهذه الحكاية قال الشيخ البهائي رحمه الله رأيت في المنام أيام إقامتي في إصفهان كأني أزور إمامي وسيدي ومولاي الرضا (عليه السلام) وكانت قبّته وضريحه كقبّة الشيخ علي بن سهل وضريحه فلّما أصبحت نسيت المنام واتفق أنّ بعض الاصحاب كان نازلاً في بقعة الشيخ فجئت لرؤيته ثم بعد ذلك دخلت الى زيارة الشيخ فلّما رأيت قبته وضريحه خطر المنام بخاطري وزاد في الشيخ إعتقادي!

*******

ندعوكم الآن الى الفقرة الختامية من برنامج عوالم ومنازل في حلقته هذه وهي السابعة عشرة بعد المائة وهي فقرة أدبية عنوانها هو:

فلا أمل غير عفو الاله

أعزاءنا المستمعين، للشاعر الولائي المبدع الأمير ابي فراس الحمداني رحمه الله أبيات مؤثّرة للغاية في التذكير بالآخرة يقول فيها:

أما يردع الموت أهل النهى

ويمنع عن غيّه من غوى

أما عالم عارف بالزمان

يروح ويغدو قصير الخطا

فيا لاهياً آمناً والحمام

إليه سريع قريب المدى

يسرّ بشيء كأن قد مضى

ويأمن شيئاً كأن قد أتى

إذا ما مررت بأهل القبور

تيقنت أنّك منهم غدا

وأنّ العزيز بها والذليل

سواء إذا أسلما للبلى

غريبين مالهما مؤنس

وحيدين تحت أطباق الثّرى

فلا أمل غير عفو الاله

ولا عمل غير ما قد مضى

فإن كان خيراً فخيراً تنال

وإن كان شراً فشراً ترى

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة