البث المباشر

الشرط الأول للفوز بالشفاعة حوار مع الشيخ محمد السند حول أنواع النعيم الأخرويّ إرتاح أبوك في برزخه بشيرٌ باللقاء وبالرضا

السبت 6 إبريل 2019 - 10:16 بتوقيت طهران

الحلقة 111

الحمد لله الذي وسعت رحمته كلّ شيء، والصلاة والسّلام على أرحم الشافعين محمد وآله الطاهرين.
السّلام عليكم ايها الكرام ورحمة الله، وعلى بركة الله نبدأ جولتنا في هذا اللقاء من البرنامج مع فقرات موضوعاتها وهي: 
- الشرط الأول للفوز بالشفاعة
- أنواع النعيم الأخرويّ في إجابة للشيخ محمد السند
- وحكاية عنوانها: إرتاح أبوك في برزخه
- وفقرة أدبية عنوانها: بشيرٌ باللقاء وبالرضا

*******

كونوا معنا والفقرة الاولى من هذه الحلقة من برنامج عوالم ومنازل، وهي روائية عقائدية تحمل العنوان التالي:

الشرط الاول للفوز بالشفاعة

من أهمّ قضايا الشفاعة التي ينبغي لجميع طلابها الانتباه إليها هي أنّ شفاعة الشافعين لا تتحقّق إلا لمن ارتضى الله تبارك وتعالى دينه، أجل، هذا ما يصرّح به أحباءنا القرآن الكريم في قوله عزّ من قائل في سورة الانبياء الآية ۲۸: «وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى»، وقد سئل مولانا الرضا (عليه السّلام) في الحديث المروي عنه في أمالي الصدوق وعيون الاخبار عن هذه الآية فأجاب: لا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى الله دينه.
ولكن من هو الذي يرتضي الله دينه؟
الاجابة عن هذا السؤال ننقلها لكم أحباءنا عن مولانا الامام الكاظم موسى بن جعفر (عليهما السّلام). 
روى الشيخ الصدوق (رضوان الله عليه) في كتاب التوحيد بسنده عن العبد الصالح محمد بن أبي عمير (رضي الله) عنه قال: سمعت موسى بن جعفر عليهما السّلام يقول: لا يخلّد الله في النار إلاّ أهل الكفر والجحود وأهل الضلال والشّرك، ومن إجتنب الكبائر من المؤمنين لم يسأل عن الصغائر، قال الله تبارك وتعالى: «إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا».
وهنا سأل الراوي إمامنا الكاظم (عليه السّلام) سؤالاً عن الذين تشملهم الشفاعة المنقذة من آثار الذّنوب، فقال: يا ابن رسول الله، فالشفاعة لمن تجب من المذنبين؟
أجاب الامام قائلاً: حدّثني أبي عن آبائه عن علي (عليه السّلام) قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إنما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي، فأما المحسنون منهم فما عليهم من سبيل.
وهنا أراد الراوي وهو محمد بن أبي عمير (رضوان الله عليه) الاستفهام من الإمام الكاظم (عليه السّلام) عن كيف يكون من إرتكب معصية من الكبائر أهلاً للشفاعة المنقذة من النار فقال: يا ابن رسول الله، فكيف تكون الشفاعة لأهل الكبائر والله تعالى ذكره يقول: «وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ» ومن يرتكب الكبائر لا يكون مرتضى (عند الله)؟
أجاب الامام الكاظم عن هذا الاشكال بقوله (عليه السّلام): يا أبا أحمد ما من مؤمن يرتكب ذنباً إلا ساءه ذلك وندم عليه، وقد قال النبيّ (صلى الله عليه وآله): كفى بالنّدم توبة، وقال: من سرّته حسنته وساءته سيّئته فهو مؤمن.
وبعد أن بيّن الامام الكاظم هذا المعيار النبوي في تعريف المؤمن الذي يرتضي الله ايمانه ويتأهّل للشفاعة بعد ذلك قال (عليه السّلام): فمن لم يندم على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن ولم تجب له الشفاعة وكان ظالماً والله تعالى ذكره يقول: «مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ».
وهنا طلب الراوي مزيداً من التوضيح لهذا المعيار النبويّ في تشخيص المؤمن، فقال: يا ابن رسول الله، وكيف لا يكون مؤمناً من لم يندم على ذنب يرتكبه؟
أجاب الامام الكاظم (عليه السّلام) قائلاً: يا أبا أحمد، ما من أحد يرتكب كبيرة من المعاصي وهو يعلم أنه سيعاقب عليها إلا ندم على ما ارتكب، ومتى ندم كان تائباً مستحقاً للشفاعة.
أيّ أنّ خشية الانسان من العقاب الأخرويّ هو ايها الأعزاء علامة صدق الايمان بالله والمعاد وهذا الايمان هو الذي يدفع المؤمن الى الندم والتّوبة فيكون مستحقاً للشفاعة.
ثم قال مولانا الامام الكاظم (سلام الله عليه) مبيّناً علامة عدم صدق الايمان فقال: ومن لم يندم عليها كان مصراً والمصر لا يغفر له لأنه غير مؤمن بعقوبة ما ارتكب ولو كان مؤمناً بالعقوبة لندم وقد قال النبيّ (صلى الله عليه وآله): لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الاصرار.
وختم إمامنا الكاظم (عليه السّلام) حديثه ببيان دقيق لمن يستحقّ الشفاعة فقال: وأما قول الله عزّ وجلّ: «وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى» فإنهم لا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى الله دينه، والدين الاقرار بالجزاء على الحسنات والسيئآت فمن ارتضى الله دينه ندم على ما ارتكبه من الذنوب لمعرفته بعاقبته في القيامة.
جعلنا الله وإياكم أعزاءنا الكرام ممن ارتضى الله دينهم ورزقنا الله وإياكم توفيق الطاعة وبعد المصية بجميع مراتبها ليكون فوزنا بمراتب أسمى من شفاعة أهل بيت النبوّة (عليهم السّلام) وهي مراتب رفع الدرجات في الجنان وليس النجاة من العذاب في النيران.

*******

أما الآن أحباءنا فالى خبير البرنامج سماحة الشيخ محمد السند واجوبته على بعض أسئلتكم للبرنامج.

أنواع النعيم الأخرويّ

المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم، سلام عليكم احبائنا وشكراً لكم على طيب متابعتكم لفقرات هذه الحلقة من برنامج عوالم ومنازل، معنا مشكوراً على خط الهاتف خبير البرنامج سماحة الشيخ محمد السند للاجابة على اسئلتكم، سماحة الشيخ سلام عليكم.
الشيخ محمد السند: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المحاور: سماحة الشيخ هنالك سؤال بقي من رسالة الاخ اسامة من غزة كذلك الاخ يوسف البلداوي ايضاً لديه سؤال متقارب حول المعاد الجثماني، الاخ يوسف البلداوي يقول مالمانع من ان يكون المعاد غير جثماني وان التلذذ هو اساساً للارواح وليس للابدان والاخ اسامة يسأل عن اهمية الاعتقاد بالمعاد الجثماني بالخصوص؟
الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين. في الحقيقة المعاد الجسماني ضرورة اسلامية دلت عليها الايات القرانية الوفيرة وتملص رفع اليد عن هذه الظواهر القرانية المتواترة في الدلالة والتواتر في الروايات يدعو بالتالي الى رفع منهج الهداية في الدلالة القرانية والدلالة في نصوص الوحي ونصوص الاحاديث النبوية واحاديث المعصومين وبالتالي نوع من الهرج والمرج في الدين بلحاظ المعتقدات والمعتنقات وما شبه ذلك اذن ثبوت المعاد الجسماني امر من الضرورة وقد اخبرتنا به الايات بدلالات متواترة في السور مضافاً الى الاحاديث النبوية كحديث المعراج وما شاهده النبي في الجنان وفي النيران وماشابه ذلك فأذن رفع اليد عن كل هذه الدلالات ليس الا نوع من التمحل ونوع من التلاعب بدلالات النصوص الشرعية وهذا مما لايرتكبه ذو حريجة في الدين فالمعاد اذن ضرورة دلت وقامت عليها الادلة والدلالات، نعم كون ان الارواح لها نعيم ولها الام، الام الجسم وغير الام الجسم ولها نعيم الجسم وبغير نعيم الجسم ايضاً قد دل على ذلك نعيم الالام والارواح او نعيمها دلت عليه الآيات «وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ» مما يدلل على انه اكبر حتى من الاجسام وهذا مما يدلل على ان هناك لذات جسمانية ولذات معنوية وروحية، وجود اللذات الروحية لا ينفي وجود اللذات التي هي انزل وادنى ولا تنافي ولا تقاطع بين النمطين من اللذات فالمعاد الجسماني الموجود ضرورة، نعم هناك تكامل للارواح «يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ»، «رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا»فنور القلوب، نور الارواح «رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً»، «مُّطْمَئِنَّةً» هذه مقامات طبعاً للروح موجودة يذكرها القرآن الكريم وهذا لايتقاطع ولايتنافى مع وجود اللذائذ الجسمانية بل لكل نصيب كما ان في دار الدنيا يشاهد الانسان الام او نعيم كما ان هناك نعيم روحي، بهجة روحية، انس وفرح لا تتعلق بالجسم ولا تتعلق بالمادة وانما هي ترتبط بالروح كالعلوم اذا اكتسبها الانسان يبتهج وهي ليست مادية ولا حسية او كأمور سارة للانسان، كالخشوع الذي يحصله العبد عند مناجاته ربه، تلك الحلاوة من انس الدعاء وماشابه ذلك، نعم هذه النعم روحية تتنعم بها الروح وهناك الام ايضاً، الحسرة او النار التي تتطلع على الافئدة، في الواقع هناك الام روحية وغير نابعة من البدن وهذا ايضاً مدلول في جميع الايات فعلى اي تقدير هناك مساران مسار التقدير الجسماني وترتبط به الروح وللروح ايضاً مقامات او لاسمح الله دركات اذا كانت شقية تصطلي بها، ذلك اليوم عبر عنه وسمي بيوم المعاد، يَوْمُ التَّغَابُنِ، يَوْمَ الْحَسْرَةِ، يوم كذا فهذه الام روحية موجودة الى جانب الالام البدنية ولا تنافي بين الامرين. 
المحاور: سماحة الشيخ محمد السند اذن ما اشار اليه الاخ يوسف البلداوي من ان البدن خاص بالدنيا ليس صحيحاً، الجسم ليس خاصاً بعالم الدنيا يمكن ان يكون هناك جسداً مناسب لعالم الآخرة؟
الشيخ محمد السند: لاريب في ذلك كما ان هناك جسد لعالم البرزخ وكما يشاهد الانسان في منامه، الجسد البرزخي ووردت في الروايات ان الله عزوجل احدث تكويناً للبشر لمشاهدة المنامات لتكون نوع من النافذة والروزنة يطلعون منها على احكام وحالات ومشاهد عالم البرزخ فكما يشاهد الانسان في عالم البرزخ جسم، جسم لطيف يتحرك وينعم به او يتألم منه هذا الجسم على اية حال يختلف عن جسم الدنيا، هناك جسم اخروي يبعث به الانسان ويحشر اما ينعم به الجنان او لا سمح الله يشقى به في النيران، اذن هناك انواع من الاجسام ومراتب من النعيم او من العذاب. 

*******

أما الآن أيها الأخوة والأخوات فنتابع هذه الحلقة من البرنامج من خلال حكاية معبّرة سجّلها آية الله الشيخ محمدي الريشهري في كتابه عن حياة العارف الحاج رجب علي الخياط، إخترنا لهذه الحكاية العنوان التالي: 

إرتاح ابوك في برزخه

نقل أحد تلامذة العارف الامامي الحاج رجب علي الخياط (رضوان الله عليه) أنه قال ذات يوم للعارف الخياط: لقد توفي والدي سنة ۱۳٥۲ للهجرة وأريد أن أرى حالته في عالم البرزخ.
فقال الحاج العارف: إقرأ سورة الحمد، أي الفاتحة.
ثم تأمّل الحاج رجب قليلاً وقال: لا يسمحون له بالمجيء، فهو أسير مشكلة كانت له مع زوجته.
وكانت المقصودة زوجة أب هذا التلميذ وليست امّه التي كانت يومذاك على قيد الحياة، أما زوجة أبيه فكانت أمرأة قروية تزوّجها أبوه أولاً ثم تزوّج بعدها بعدّة زوجات ولم يحسن معاملتها فهجرته الى آخر حياتها، وكان للحاج رجب الخياط ارتباطٌ بعالم البرزخ فطلب منه التلميذ أن يكلّم زوجة أبيه لكي ترضى عنه.
سألها الحاج رجب عما ينبغي لهذا الأبن أن يفعله لكي ترضى عن أبيه، فكان الجواب أن طلبت من الإبن أن يطعم مئة من الجياع، وبعد أن وافق الابن على الطلب أفرج عن أبيه من الأسر المؤذي الذي كان فيه، فطلب من الحاج رجب علي الخياط أن يبلّغ إبنه الرسالة التالية: يا بني، لماذا تزوّجت إمرأتين دون مبرّر؟ إنظر الى البلاء الذي حلّ بي، يجب عليك أن تراعي العدالة في التعامل معهما
وينقل شخصٌ آخر من أصدقاء الحاج العارف رجب علي الخياط أنه سأله مرّة عن حال أبيه في عالم البرزخ، فأجاب: إنه في أذىً بسبب مشكلة له مع والدتك، فذهب الابن الى أمّه وسعى في إسترضائها على أبيه حتى رضيت وأبرءت ذّمته.
وبعد فترة زار هذا الابن الحاج رجب، فبادره قدّس سرّه بالقول: ما أجمل أن يصلح المرء بين شخصين، لقد إرتاج أبوكّ.

*******

شكراً لكم أعزاءنا على جميل متابعتكم لفقرات البرنامج وكذلك للفقرة اللاحقة، وهي أدبية عنوانها هو: 

بشيرٌ باللقاء وبالرضا

ونختم هذا اللقاء من برنامج عوالم ومنازل ايها الأفاضل بأبيات في ذكر الآخرة والاستعداد لها.
وهي من نظم الفقيه الثائر الأمير عبد القادر الجزائري، يفتتحها بخطاب وجداني للنفس يقول فيه: 

أيا نفس إنّ الأمر غيبٌ فما ندري

بماذا يكون الكشف في آخر العمر

فأما بشيرٌ باللقاء وبالرّضا

على طول عتب بالزّيارة للزور

وإمّا بضدّ بل ولا كان ضدّ ذا

تعالى إلهي عن عذابي وعن ضرّي

أليس لهذا الخطب ويحك شاغل

عن الأهل والأصحاب زيد وعن عمر

ثم يوجّه الأمير الجزائري خطابه الى ربّه تبارك وتعالى مستشفعاً ومستمطراً فيض رحمته فيقول:

أيا سامع الشكوى ويا دافع البلا

ويا منقذ الغرقى ويا واسع البرّ

رفعت لكم وجهي بأكرم شافع

محمد المبعوث للعبد والحرّ

لترسل لي عند الوفاة مبشّراً

برضوانك الأوفى وفوزي في الحشر

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة